سرمد الطائي
&
&
&
الأفق المفتوح المطلق، وهم ننسجه لنوحي لأنفسنا بأننا نتغلب على نواميس التحديد والتقييد. المطق الوحيد هو اعترافنا بالقيد اللامتناهي، تخلينا عن شحنة الغطرسة في مقولة الحرية او اسطورتها... لا يمكن للأسوياء ان يتحركوا في أفق لا حد له. لم أجرب الجنون بعد لذلك لا ادري ان عثر المجانين على حرية مطلقة أم لا؟ لابما كان الانترنت او شبكة العنكبوت، بداية جنون للحضارة، وكانت إيلاف عنكبوتاً مخبولاً او شكلاً لكتابة مجنونة.
منطق "الميغا" لعنة السليلوز لن أزايد على ليبرالية إيلاف المتميزة، لكنني لا اكتم مخاوفي حيال نيتها الانتقال من فضاء الميغا الحر الى طيات السليلوز، من نافذة الكترونية الى جريدة بطبعة دولية. يكفي ان جميع المطبوعات الورقية التي اتعامل معها تمارس حذف اجزائي المتهورة، وأن ايلاف لم تشطب حتى الآن على حرف... عويل الحروف لم يجد فضاء سوى ايلاف يستوعب كبرياءه.&
&
القرى النائية كذلك
كل غرورنا واندفاع الشباب الذي يبرر لما نكتب ان يتهور بشكل ارعن،& بحاجة الى نافذة بمزايا خاصة، إصدار محترم لا يعمل بمنطق الكارتل، لا& يتحالف مع جوقة المحاربين القدامى، يبحث عن تجربة جديدة ليمنحها ثقته.
هذا الاصدار هو ايلاف بامتياز. فضاء الميغا الواسع كان له فعله دون شك، لكن من يوجهون هذا الفضاء تمتعوا بكثير من حماس الشباب، ولع العمير بالمغامرات الصحفية المستقلة، سوريالية الجنابي، عناصر اخرى... كونت مشهداً له فرادة من الصعب ان تتكرر في ظروف كهذه.
ايلاف متهمة بأنها عراقية اكثر مما يجب.. كتب محرر القسم الثقافي قبل وقت طويل "العراقيون قبائل لغوية، شعر يتناسل في الشتات" معتذراً او مبرراً لهذا. تأتيني رسائل من قرى نائية في العراق تعليقاً على ما انشر في ايلاف، يقولون انهم يتابعون ايلاف يومياً، يجدون فيها العراق كله،& انهم طبعاً يجدون الخبر المعولم، والعراق في خضمه يطلق العويل.&
&
بغداديون اكثر من "البغادّة"
خلال صلتي بمحرري الخبر في صحافة بغداد، وجدتهم كثيراً ما يتساءلون عن& مصادر ايلاف الخبرية في العراق، من اين لها هذا السبق المتكرر، من هو اسامة مهدي، كيف يتوغل في دهاليز العراق وهو القابع في لندن؟ كانت تغطيات ايلاف للخبر العراقي تحدياً متواصلاً لصحافة العراق، ولضجيج الوكالات والمراسلين الاجانب في فنادق العاصمة.
&
اتركوهم "محاويج"
هل يمكن لأحدهم ان يمنح للمثقف دوراً؟ هذا الكائن المذعور أشد ضآلة من ان يكون له دور. انه باحث عن الكلأ أسوة ببائعي التبغ وماسحي الاحذية... ربما علا صوته حين يملق... ((بنو كنانة فقراء، محاويج الى الغارة))... يخرج العربي شاهراً سيفه يبحث عن غنيمة او سلب كلما مسته الحاجة... يصيح بغنيمته: ((ويلك مني ايتها الكافرة))... كلما انتمى المثقف الى شريحة المحاويج شهر سنانه على ((الكفر=التخلف والتقليد)) وربما العمالة عند رعيلنا الأول... وحين تمتلئ اسطبلاته بإبل ثقيف (الغنيمة) يتحول الى كائن وقور، يمشي على الرصيف ويطبق قوانين المرور بصرامة برجوازية، تبحثون لهم عن دور؟ إذن اتركوهم محاويج.&
&
هراء الشرق المنضد
أضع تشاؤمي جانباً، ايلاف "الميغا" وقبل ان تتحول الى ورق، هي كائن ما بعد حداثي، لا همّ له احياناً سوى تفكيك اساطير الصحافة العربية. هراء الشرق المنضد على ورق، تعرّض في ايلاف الى جردة حساب هائلة، العفيف، النابلسي، الدراجي... وجدوا في دفقات الميغا الدافئة فرصة لفضح هرائنا الشرقي، ارقام متصاعدة لمتابعي ايلاف تمثل مؤشراً اضافياً على تزايد المؤمنين بأن صحافتنا هراء ((إلا من عصم ربهم)). آمل ان يكون راهن ايلاف مستقبلاً لفعل شرقي لا نأسى على وصفه بأنه صحافة حقاً. لقد بدأ الهراء يحاول ان يحاكي هذا الراهن، لكنه لا يزال مذعوراً منه.
اسئلة خالدة حامد في بغداد تثير شهيتي للحديث اكثر وأنا أطل على دجلة... ليل دجلة مثير... اصوات قذائف "المقاومة الشريفة" التي تقع في اماكن قريبة او بعيدة، تضفي نكهة اخرى على كل شيء... طعم الهواء القادم محملاً بالطحالب ينقلني الى شط العرب في البصرة اقصى الجنوب، لحظة الطفولة، العبق البحري الذي تعلمت في كنفه الحرف الأول، والمشاغبة الاولى.