د. مفيـد مسـوح
&
&
&
إيـلاف المنبر الحر ..
إيلاف الخيمة .. إيلاف رائحة الخبز
ومعشوقة الجميع ..
رئة الكتــاب .. النور الذي لا يأفل والعنكبوت لا يمل عمله الجنوني ..
إيلاف رائدة التنوير والتغيير
والوجه الحضاري المتميز ..
وملاعب الدمـاغ المعرفي ونموذج الصحافة الإليكترونية !!
وتتالى الإطراءات وتتراكم رسائل الغزل الظريف مليئة بأرقى المشاعر وأنبلها وبعبارات الرضى والسعادة والفخر مقرونة بالتمنيات الصادقة النابعة من قلوب نبضت محبة وحرصاً .. كيف لا وإيلاف .. هذا البيت السحري جمع في مجالسه الفضائية الواسعة عشاق الحرية وحب الأوطان وجماهير الكلمة واللحن والريشة والملعب والشاشة والخشبة التائقين إلى العدل والسلم والفرح .
فـَرَحاً بالعيد الرمز .. يتقدم الجميع .. زهرة ٌ باليد وابتسامة ٌ على الثغر ونبضة ٌ صادقة في صورة تضامن يصرخ الجمع فيها .. إيفيــفا .. لقد انتصرنا .. ونحن على الطريق سائرون لتكريس ما اتفقنا جميعاً على صنعه وتقديمه - نموذجاً -& للآخرين كي يحذوا حذونا فتزهى الأوطان بالحرية بديلاً عن كل ما سوى ذلك !!
ولأن حاصدي هذه السنابل يتسمون بالكرم والنبل يعزُّ عليهم أن يكون هناك .. على الضفة الأخرى من عالم الفضاء التخيلي الحر، أناس يتعطشون لحرية القراءة وحرية التواصل وحرية التعبير، ولكن عقلية (قطاع الطرق) وأنانيتهم حرمت هؤلاء الباحثين عن الحقيقة، المخلصين لأوطانهم وشعوبهم، من الوصول إلى ما يتوفر لأخوانهم في البيئات الحرة المتطورة التي تحترم حقوقهم وطموحاتهم الإنسانية كأجزاء أساسية من الجسد الاجتماعي المتكامل.
كم كنت أتمنى لو أن جماهير كتاب "إيلاف" ومفكريها وجماهير أولئك الذين غطت صحيفتنا أعمالهم وإبداعاتهم وأخبارهم ونشاطاتهم أو أسقطت الضوء على شخصياتهم وتناولت بالتحليل الغني عطاءاتهم .. كم كنت أتمنى لو توفـَّر لهذه الجماهير الوصول إلى تلك المقالات والإضاءات والمتابعات في كافة الأقطار العربية من موقع "إيلاف" مباشرة .. محزنٌ أن يكون الموقع موصداً أمام القراء في بعض البلدان العربية .. لا بل مخزٍ .. لأن الترصد لمواقع فكرية وثقافية وسياسية لا تمت للخرق والمحظور والخطورة بصلة وإغلاقها أمام طلاب الثقافة والعلم والفن والأدب والمعلوماتية والتاريخ والمجتمع والفلسفة يعتبر عملاً أحمقَ ومعادٍ للتطور وللانفتاح على الآخرين .. في حين أن الليونة والإيجابية تجاه عطاءات مثل التي يقدمها موقع "إيلاف" توفر مصادر مجانية للمتصفحين لكل ما يلزمهم من ثقافة وفن وأدب وسياسة وتحفزهم على استخدام عقولهم وعلى الانتقال إلى مواقع الفعل والاجتهاد والاستفادة من تجارب الآخرين ورؤى الناجحين ومواكبة مسيرات التطور العالمية.
إنني أرى الحزن على وجوه الناس الذين يسمعون بـ "إيلافنـا" ولا يعرفونها .. التقيتهم هنا وهناك وهاتفتهم وحدثتهم عن الصحيفة الحرَّة المتميزة وعن محبة كتابها وقرائهـا لها .. وأنا الآن أحدثهم عن الذكرى الثالثة لانطلاقتها وعن نجاحها الباهر وعن مستقبلها العظيم.
أذكر منذ حوالي النصف قرن أن أحد أفراد عائلتي كان يبذل جهداً كبيراً لكتابة رسالة أو لنسخ منشور يوصله إلى آخرين بعيدين عنه بحذر بالغ .. لا زلت أحتفظ بين أجفاني بصورته وهو يكتب بقلم خاص، كنا نسميه (الكوبيا)، على ورقة خفيفة البياض مبللة بالماء ومثبتة على لوح زجاجي بحيث كنا نرى ما كتب عليها طالما هي على اللوح فإذا انتزعها برفق عن اللوح لم نعد نرى ما كتب عليها لأنها تحولت بصورة سحرية إلى ورقة بيضاء يجففها ويطويها ويضعها في جيبه دون خوف من (قطاع الطرق) .. ولكن بإعادة هذه الورقة بعد بلـِّها بالماء إلى لوح زجاجي آخر يـَظهر النص كاملاً فيـُقرأ بسهولة !! كان لا بد للمناضلين في سبيل حرية أوطانهم وحقوق شعبهم وسعادة أطفالهم من التحايل على أجهزة القمع المتربصة بهم وبتحركاتهم، وقد كانت سلمية بتمامها، لإيصال الأخبار وأساسيات الثقافة وتبادل المعلومات.
وهأنذا الآن.. بعد نصف قرن من ذاك الزمن المر .. أستفيد من تسهيلات التكنولوجيا، فخرِ الإنسان المناضل والصامد على الدوام في وجه أباطرة السيطرة والتخلف والقمع، فآخذ نسخاً من إطراءات كتاب "إيلاف" وقرائها وخواطرهم وبطاقاتهم الناعمة ومقالاتهم القيمة واقتراحاتهم البناءة وشحنات مشاعر التضامن والصداقة العفوية وأرسلها بواسطة البريد الإليكتروني لأصدقائي وأحبائي هناك .. على الضفة الأخرى.