كريسبيان بالمر من رسي ايلاند (جورجيا): في النهاية خطت قمة مجموعة الثماني الكبار لعام 2004 التي عقدت في منتجع ساحلي أميركي خطوة نحو تهدئة خلاف أميركي أوروبي حول الحرب في العراق.
لم تشهد القمة تبادل تحيات حارة بين قادة دول المجموعة لكن ولت أيضا مصافحات فاترة ميزت قمة العام الماضي في فرنسا لتحل محلها ابتسامات حارة فيما كان الزعماء يربتون على ظهور بعضهم بعضا.
وبدلا من العزف على وتر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق تطلع قادة القوى الكبرى للامام بتأييدهم قرار الامم المتحدة بشأن مستقبل العراق ودعم خطة للولايات المتحدة لتشجيع الاصلاح في الشرق الاوسط.
قال مسؤول كبير بالادارة الأميركية "بلورت قمة سي ايلاند اتجاها على مدى الشهرين الماضيين تقاربت خلاله على نحو متزايد الحكومات الاوروبية مع الحكومة الأميركية حول مجموعة من الاهداف المشتركة."
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته "أرى أنها كانت قمة مثمرة على نحو ملحوظ وفترة مثمرة على نحو ملحوظ في العلاقات الأميركية الاوروبية." ومع هذا لم تبدد القمة كل سحب العاصفة. فلا تزال هناك انقسامات مهمة.. وهي انقسامات من المحتمل ان تبقى طالما ظل الرئيس الأميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك في منصبيهما.
وعارضت فرنسا في الاجتماعات الجهود الأميركية والبريطانية لمنح حلف شمال الاطلسي دورا في العراق كما رفضت هي وألمانيا وروسيا مرة أخرى تأييد فكرة ارسال قوات لمساعدة انتقال العراق الصعب نحو الاستقرار.
كما رفضت باريس وموسكو الانضمام الى اقتراح يقضي بشطب 80 بالمئة من ديون العراق تقول واشنطن انه ضروري كي تبرأ البلاد بسرعة من سنوات الحرب والعقوبات. واقترحت فرنسا تخفيض 50 بالمئة فقط من الديون. وقال تشارلز كوبتشان خبير العلاقات الدولية في جامعة جورجتاون بواشنطن "لا أرى كثيرا من التقدم في القضايا الرئيسية التي ما زالت تفصل بين الولايات المتحدة وأوروبا."
لكن ربما يكون من غير الواقعي توقع الانسجام حول كل موضوع بعد مرور أشهر فقط على انهيار العلاقات بسبب العراق والوجوه الباسمة في سي ايلاند تشير الى ان الحلفاء اتفقوا على الاقل على أن يختلفوا بطريقة أكثر ودا.
قال المستشار الالماني جيرهارد شرودر "ما تعلمه كلانا من هذا الصراع هو أنه يمكن ان يكون للاصدقاء وجهات نظر مختلفة حول قضايا مهمة دون أن يكون في ذلك مشكلة بالنسبة للشراكة على المدى البعيد." وقال لمجموعة من الصحفيين "انا سعيد للغاية بالطريقة التي تطورت بها الامور."
وقال مسؤولون أوروبيون وأميركيون ان القادة جميعا أدركوا أنه رغم الشعور السابق بعدم الرضا فانه لا يمكن كسب شيء من خلال مواصلة المشاحنات حول العراق وأنه من مصلحة الجميع تأمين السلام في المنطقة. قال دبلوماسي ايطالي رفض الكشف عن اسمه "نشترك جميعا في هذا. لا يشعر الجميع بالرضا عما وصلنا اليه هنا لكن ذلك ينتمي للتاريخ. لكن الشيء المهم أن الكل متفق على انه يجب ان نمضي معا للامام."
سيكون أمام قادة الولايات المتحدة وأوروبا المزيد من الفرص الوفيرة التي ستجمعهم معا في الايام القادمة حيث من المقرر أن يحضر بوش قمة للاتحاد الاوروبي في ايرلندا في وقت لاحق من هذا الشهر يتبعها بسرعة قمة لحلف الاطلسي في تركيا. وبلا شك فان العراق سيحتل مكانا بارزا في كلا الاجتماعين لكن اجتماع سي ايلاند أوضح أن ما يفصل بين أوروبا والولايات المتحدة يتجاوز الحرب.
واستغل شيراك القمة لينتقد العجز التجاري وعجز الموازنة الأميركية بينما اتهمت الولايات المتحدة أوروبا بعدم بذل ما يكفي لانعاش اقتصادها البطئ. كما يظل القادة الاوروبيون متشككين في التزام واشنطن بالاشراف على السلام الشامل في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
ومع هذا يشدد المسؤولون الأميركيون على أن واشنطن تستمع الان لمخاوف حلفائها ليبرزوا ما يرى كثيرون أنه فترة من "النزعة الاحادية" الأميركية مثيرة للاضطراب. وقال مستشار أميركي كبير "هذا ما يعرف بالدبلوماسية وهي فن كثيرا ما يتم نسيان انه غريب وربما جذري."