محمد قاسم
&
&

يذكر احد طلاب العلوم الدينية في مذكراته انه وطلاب اخرون حين كانوا يأتون من جنوب لبنان لاكمال دراستهم الدينية في النجف كانوا يضطرون لارتداء ملابس لاتوحي بمذهبهم الشيعي او المكان القادمين منه او اليه خشية من بطش اهالي الرمادي والفلوجة الذين كان طريق مرورهم بهما في القرون الماضي. اذ قام اولئك السكان ومعظمهم من عشائر الدليم بمجازر ضد زوار وطلاب العتبات الشعية المقدسة القادمين من لبنان وسورية ونهب امتعتهم وملابسهم في بداية القرن الماضي ومنتصفه.
يبدو ان هذا الارث الطائفي مازل موجودا لدى الفلوجويين خاصة والرماديين عامة. فالحقد تجاه كل شيعي مازال يعم معظم السكان هناك. وقد شبع هؤلاء من دم الضحايا الشيعة طوال اربعين عاما حيث تخصصوا في العمل الامني بمهنة جلاد.
وقد خفت وتيرة هذا الحقد بعد المعارك التي شهدتها مدن النجف وكربلاء والكووفة ومدينة الثورة (الصدر) وهي كلها ذات غالبية شيعية اذ حصدت ارواح الالاف منهم بفرح فلوجي عامر بعد ان كان قادة تيار الصدر قد اشترط لوقف النار انسحاب الاميركان من الفلوجة التي كانت محاصرة حينئذ. لكن لم يفعل اهل الفلوجة من شيء بعد حصار او ورطة تيار الصدر في قتاله ضد التحالف سوى تكريس طائفيتهم فرحين بالهدية الاميركية لهم بادارة مدينتهم بنفسهم.
لكن ماان توقف القتال وتم الاتفاق على انهاء التمرد الصدري حتى عادت الاحقاد الفلوجية ضد الشيعة بالظهور، بعد ان ناب عنهم سواهم في تنفيذ احقادهم، اذ تم ذبح عدد من العراقيين لاجريمة لهم سوى انهم من الشيعة وجاؤا يعلمون لاهالي الفلوجة خدمات هاتفية. وتكرر الخطف والقتل الطائفي ضد اللبنانيين ايضا لكونهم شيعة فقط بعد سلبهم ملابسهم والتمثيل بجثثهم. وتكرر الامر يوم 13 حزيران مع ستة شبان ذهبوا للفلوجة& مع تاجر من المدينة لايصال بضائع استهلاكية فتم اسرهم بعد التأكد من انهم شيعة ثم سلبوا كل مايملكون حتى ملابسهم وتم تعذيبهم بوحشية ورمي جثثهم مقطعة على قارعة الطريق وقد ساهم، كما اوردت الانباء، رجال شرطة المدينة بالاسر والتعذيب والقتل بفتوى من الشيخ الفلوجي عبد الله الجنابي والشيخ ظافر الدليمي اللذين افتيا باطلاق سرح الاتراك والمصريين لانهم من السنة. مع المطالبة بفدية تعجيزية من اهالي الاسرى العرب الشيعة كما حدث مع حسين عليان الشاب العشريني الجنوبي وسواه.
تكرار هذه الجرائم الطائفية جعل عشائر الشيعة يخرجون في تظاهر كبيرة في ساحة الفردوس ببغداد مطالبين بمعاقبة المجرمين ومن يقف وراءهم ووقف هذه المظاهر الطائفية. لكن من يسمع ومن باستطاعته وضع حد لذلك والفلوجة اصبحت محمية اميركية مثلها مثل المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية حيث يعيش المتطرفون الحاقدين على الاخر لالشيء الا لكونه مختلفا عنهم.
اهذه هي الفلوجة التي لم يهدأ صراح العروبيين دفاعا عنها فما بالهم اصابهم الخرس الان وهي تذبح عربا اخرين ام ان كونهم شيعة اخرس السنتهم؟
يبدو ان شيعة العراق الان فقط& اخذوا ينظرون لانفسهم كشيعة بعد ان كانوا يقدمون الوطنية على أي اعتبار اخر. فيما سواهم لم ينس ابدا طائفته المنحدر منها. لكن هل يكفي ذلك الان بعد ان تحصن جلادو الامس في مدنهم الطائفية ربما خشية من انتقام لم يدر بخلد الضحية.
ليهنأ العروبيون بفلوجتهم التي عبرت وتعبر عن الحقد الدفين ضد كل شيعي يقدم العقل ويجتهد في الحياة غير متحجر عقلا وعاطفة.
&