القاهرة- نبيل شرف الدين: تأكيداً لما انفردت به "إيلاف" منذ أيام ، فقد تلقى رجل الأعمال رامي لكح وكيل لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المصري ، صدمة في أعقاب تأييد المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة أول درجة ببطلان عضويته في البرلمان، نظراً لحمله جنسية أخرى هي الفرنسية بجانب المصرية.
وأوردت المحكمة في أسباب حكمها إن عملية الانتخابات التي فاز فيها لكح "جاءت خلافا لحكم قضائي واجب النفاذ، صادر من محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة، بوقف قرار قبول أوراق ترشيحه لازدواج جنسيته، ومن ثم فإن النتيجة المعلنة بفوزه تكون هي والعدم سواء" .
وأكدت المحكمة ان "إرادة الناخبين في هذه الحال تكون قد أبدت في مرشح لا تتوافر فيه أحد الشروط التي يتطلبها الدستور والقانون، وبالتالي فإن لكح يعد من الناحية القانونية غير مدرج في قائمة المرشحين ولذلك لا يمكن الاعتداد بإرادة الناخبين في شأنه".
هذا ومن المقرر أن يتلقى البرلمان المصري خلال أيام تقريرا من وزارة الداخلية المصرية التي صدر ضدها الحكم الأخير صورة من الحكم الصادر ورأي الوزارة القانوني ليبدأ البرلمان من خلال لجنته التشريعية دراسة ملف لكح واعداد تقرير عنه لإعلانه قانونياً بإلغاء عضويته .
وفي أول تعقيب على نتائج حكم المحكمة الإدارية العليا، أعلن رئيس مجلس الشعب (البرلمان) فتحي سرور أن المجلس ينتظر إعلانه بالحكم في شأن صحة عضوية لكح والاطلاع على حيثياته لتنفيذه, وقال في تصريح له عقب صدور الحكم ان البرلمان سيدرس الحكم عن طريق هيئة مكتب البرلمان المختصة بهذا الشأن .
وتوقع مصدر برلماني ان تقوم اللجنة التشريعية في مجلس الشعب بإعداد تقرير حول الحكم.
كانت المحكمة الإدارية العليا رفضت الطعن المقدم من لكح ضد قرار وزير الداخلية بإلغاء الانتخابات في دائرة الأزبكية، كما رفضت المحكمة طعن لكح في حكم محكمة القضاء الإداري التي قضت بانعدام واقعة حلف اليمين الدستورية وطلبت إعادة الانتخابات في الدائرة من دونه
واستندت المحكمة في حكمها على تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي صدر في ابريل الماضي والقاضي باستبعاد ترشيح مزدوجي الجنسية لعضوية المجالس النيابية .
ملف رجال الأعمال
ولا تأتي المصائب فرادى ، فقد جاء حكم المحكمة بإلغاء عضوية رجل الأعمال المصري رامي لكح في أعقاب إصداره شيكات من دون رصيد ، فضلاً عن أنباء حول تعثره في سداد مديونية مستحقة للبنوك المصرية تجاوزت قيمتها مليار و448 مليون جنيه وفق تقديرات رسمية لدى الأوساط الاقتصادية والمصرفية المصرية .
وتفتح حالة (لكح) ملف رجال الأعمال المصريين الهاربين مجدداً ، رغم تهوين بعض خبراء الاقتصاد والمسئولين من خطورة المشكلة لتهدئة الرأي العام وطمأنة المستثمرين بدعوى أن هروب قلة من رجال الأعمال لا تشكل ظاهرة خاصة وأن الهاربين الى الآن لا يمثلون سوى 1% من مجموع رجال الأعمال وأن قروضهم لا تمثل سوى 3% فقط من اجمالي قيمة محفظة أموال البنوك المصرية ، لكن خبراء متخصصين اعتبروا أن الوضع بلغ حد الأزمة وتجاوزها.. وأن الهروب المتكرر لرجال الأعمال أزعج المسئولين والمودعين وكافة أطراف العمل الاقتصادي ، وأن الأمر بلغ ذروته بطلب رئاسي من الحكومة تقريرا مفصلا حول أوضاع الجهاز المصرفي ونظم الائتمان الذي يتبعها وكيفية معالجته للقروض الضخمة لدى المتعثرين.
وكان لكح قد شن هجوماً حاداً علي رئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور ، وأدلى بتصريحات يتهمه بمحاباة شقيقه، والموافقة علي سحب الحصانة منه لتصفية حسابات شخصية بينهما ، وهو الأمر الذي نفاه سرور تماماً وأكد أنها مزاعم غير صحيحة ولا تستحق التعليق .
مأزق حكومي
ولا ينكر أحد أن الحكومة باتت في مأزق حرج لاسيما وأن عمليات الهروب تكررت في الآونة الأخيرة رغم أنها بدأت العام قبل الماضي بهروب الدكتور محمود وهبة رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين بأمريكا الذي توقف عن سداد 380 مليون جنيه ثم عادل فهمي ومحمد الجارحي ومصطفى البليدي الذي توقف عن سداد 148 مليون جنيه. وأخيرا رامي لكح الذي سبق للجهات المسئولة محاولة التعاون معه في تسوية مديونيته ووضع حد لهذه المشكلة للحيلولة دون فرار المزيد من رجال الأعمال ، خاصة وأن قائمة المتعثرين عن السداد تضم 100 رجل أعمال تتجاوز مديونيتهم ستة مليارات جنيه ، وفقاً لتقديرات خبراء مصرفيين مصريين .
وتتحدث مصادر مطلعة في القاهرة عن خطة لتسوية مديونية رجل الأعمال رامي لكح تتضمن تنازله للبنوك الدائنة عن كل مستحقاته لدى بعض الجهات الحكومية والخاصة.. علاوة على قصر وعمارة بمنطقة مصر الجديدة وفندق بشرم الشيخ تتجاوز قيمتها 118 مليون جنيه.. بالإضافة إلى جدولة 390 مليون جنيه على 8 سنوات دون خصم أي جزء من الدين أو الفوائد مع استمرار البنوك في دعم مشروعات رامي لكح لمساندته في سداد المديونية وفقا للجدولة التي يجري الاتفاق عليها معه سراً ، إلا أن حالة من القلق تسود أوساط رجال الأعمال الذين يخشون من اتخاذ البنوك قرارات غير معلنة بتقليص الائتمان والتشدد في اجراءات الاقتراض.
وتشير معلومات البنك المركزي المصري إلى حصول 20 من كبار رجال الأعمال على 10% من اجمالي التسهيلات الائتمانية والقروض التي منحها الجهاز المصرفي للقطاع الخاص بالكامل خلال العام الأخير وبلغت 6.117 مليون جنيه وأن 250 من رجال الأعمال حصلوا على 36% من اجمالي التسهيلات التي منحها القطاع المصرفي للقطاع الخاص بما يوازي 27% من اجمالي محفظة البنوك بالكامل البالغة 237 مليار و887 مليون جنيه. كما أن التسهيلات الائتمانية التي ضختها البنوك لعملائها زادت خلال الفترة من يوليو قبل الماضي إلى يوليو الماضي بحوالي 23 مليار جنيه وقفزت الى 7.224 مليار جنيه منها 3.12 مليار جنيه فقط لقطاع الحكومة مقابل 4.212 للقطاع الخاص وغيره من القطاعات غير الرسمية الأمر الذي يعني أن القطاع الخاص مازال مستحوذا على أكثر من 90% من هذه التسهيلات رغم البيان الرسمي الذي وزعه البنك المركزي مطلع العام الحالي بضرورة مراعاة شروط الائتمان والحصول على ضمانات كافية قبل التورط في منح قروض مهددة بعدم السداد ، ووفقاً للتقارير الرسمية فإن بعض العملاء استغلوا التنافس الشديد بين البنوك عليهم ليفرضوا شروطهم على البنوك ويفاوضوهم على أسعار الفائدة من مركز قوى ويطالبوهم بتمديد فترة السداد حتى بلغت القروض التي حصل عليها كبار رجال الأعمال والمستثمرين بدون ضمانات 45% من جملة القروض التي ضخها الجهاز المصرفي للقطاع الخاص بالكامل بقيمة تجاوزت 5.67 مليار جنيه ، وأشارت التقارير ذاتها إلى أن 20 عميلا فقط حصلوا وحدهم على نحو 16 مليار جنيه بما يوازي 8% من التسهيلات المصرفية وأن 250 عميلا حصلوا على 53 مليار جنيه بنسبة 27% من إجمالي التسهيلات التي منحها القطاع المصرفي حتى مارس الماضي .