&
رفض مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات للشؤون الاستراتيجية وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" هاني الحسن في حديث الى "النهار" اقتراح "غزة اولا" الذي يسعى وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريس الى تسويقه. وقال ان رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون في مأزق بسبب البطالة التي بدأت تتفشى في المدن التي تسكنها غالبية اشكينازية وبسبب عدم قدرته على الحسم العسكري. وشدد على انه لا يتوقع معاودة المساعي الجدية قبل شباط المقبل موعد حسم الزعامة داخل تكتل "ليكود"، و"أمامنا ثلاثة أشهر صعبة".
* ما تقويمك للانتفاضة بعد نحو سنة على انطلاقتها؟
- اكتشف الفلسطينيون بعد سبع سنوات من المفاوضات ان هناك خلافا في الفهم بينهم وبين الاسرائيليين في شأن اتفاق اوسلو. الفلسطينيون فهموا ان اوسلو سيؤدي الى دولة فلسطينية، والاسرائيليون، وقبل أن يجف حبر& اوسلو، بدأوا اقامة المستوطنات وشراء المنازل في القدس المحتلة. ومرت السنوات الخمس المقررة وتضاعف عدد المستوطنات ولم يظهر أي مؤشر للحل.
ثمة انتفاضة الآن توشك على الاحتفال بالذكرى الاولى لانطلاقها. وقد رسمت لها طريق منذ البداية. اي الدفع الى تغيير قواعد اللعبة التي وضعت على أساسها اتفاقات اوسلو. ومن دون شك ان ما يجري انجازه، أولا، في هذا السياق، هو افهام اسرائيل ان التفاوض سيجري في ظل الضغط اذا لم تلتزم اسرائيل تعهداتها وما توقعه من اتفاقات.
ثانيا، ثمة من يشكك في الانتفاضة ومستقبلها باعتبار ان هؤلاء يعتقدون ان الحل السياسي قد غاب نهائيا وكأن رئيس الحكومة الاسرائيلية أرييل شارون أبدي. والحقيقة ان الصحيح هو خلاف ذلك تماما.
هناك ثلاث قضايا لا نقبل ان يجري التفاوض عليها وهي: مبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، القدس عاصمة هذه الدولة، والرابع من حزيران 1967 هي حدودها وخالية من المستوطنات.
وللانتفاضة الحالية هدفان: الحصول على الاعتراف الدولي واقناع الاسرائيلي المستوطن بأن لا أمل له بالبقاء في المستوطنات. واعتقد اننا على وشك تحقيق هذا الهدف.
اسرائيل تعاني اليوم ازمة كبيرة جدا لان شارون ينتمي الي المدرسة العسكرية الصرف وبالتالي فهو اثبت انه يواجه عقبتين أساسيتين: الاولى انه غير قادر على الحسم العسكري، وهذا مأزق كبير بالنسبة اليه. وتم لنا ذلك عبر الرد العسكري المتزن على التصرف الاهوج للقيادة العسكرية لاسرائيل، وكان من شأن هذا الرد ان كسبنا دعم اوروبا ودول العالم الثالث والدول الاسلامية لازالة الاستيطان.
والكل يعلم اننا لم نقدر على الاتفاق على وقف النار من طريق مساعد وزير الخارجية الاميركي وليم بيرنز بل بجهود وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر لان البرلمان الاوروبي اعلن ان المستوطنات تتنافى والقانون الدولي، أي بعبارة اخرى انه يجب إزالتها، ولان البرلماني الاوروبي بدأ يتخذ الاجراءات لايقاف استيراد المواد الاسرائيلية الآتية من المستوطنات معللا ذلك بانها ليست جزءا من دولة اسرائيل. وهذه النتائج لا يجب الاستهانة بها.
اما العقبة الثانية أو المشكلة الثانية التي يواجهها شارون فهي قضية البطالة حيث اظهرت الدراسات انها بلغت الاسبوع الماضي 186 الفا واعتقد انها ستتضاعف في الايام المقبلة. ما اهمية هذا الرقم؟ ان البطالة حين لا تتجاوز الـ95 الفا فهذا يعني انها محصورة في المدن والقرى العربية واليهود الشرقيين، ولكن حين تفوق هذا العدد فان البطالة تطاول مدن اليهود الغربيين والروس. وفي المعلومات ان البطالة بدأت تتفشى في عشر مدن غربية بسبب الشلل في القطاع السياحي، ولا اذيع سرا ان اسرائيل على استعداد للسماح لـ14 الف فلسطيني بالعمل هناك الا اننا نعارض ذلك رغم الخسارة الاقتصادية التي نتكبدها.
* كيف ترون الى المستقبل القريب في ظل هذه المواجهة لتغيير قواعد اللعبة؟
* امامنا ثلاثة اشهر صعبة. اولا لان تكتل ليكود سينظم انتخابات داخلية في تشرين الثاني، وفي بداية السنة المقبلة ستدور معركة لاختيار رئيس الحزب. وثمة منافسة قوية بين شارون وبنيامين نتنياهو، وقادة حزب العمل يسعون الى قطع الطريق على الاخير. فالمحور الحالي يقوده (رئيس الوزراء السابق ايهود) باراك و(وزير الدفاع بنيامين) بن اليعازر للسيطرة على العمل وانشاء تحالف مع الليكود بعد انتخاب رئيسه. ويشير وزير الخارجية شمعون بيريس الى ان هذا التحالف هو الذي سيقود المفاوضات مع الفلسطينيين، ويلفت الى ان تطرف ليكود الآن هو لعرقلة مسيرة نتنياهو.
اما نحن فسنصمد خلال الاشهر المقبلة ونجري بعدها جردة حساب وحينئذ سيتضح امامنا الى اين ستتجه اسرائيل، كما سنرى ما اذا كانت سياسة الرد المتزن هي السياسة السليمة ام لا كما كانت في المرحلة السابقة، ام انه لا بد من تغيير هذه السياسة.
* ثمة تحليلات مفادها ان هناك اتجاهات عدة داخل "فتح" وخلافات بين القيادة والقاعدة والقادة الميدانيين ويركز البعض على امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوتي. فما حقيقة الامر؟
- المواجهة توحد حركة "فتح" ولا تفرقها، وهذه مسألة يعرفها كل من عايش حركتنا. النقطة الثانية هي انه لا بد من قول بعض الاشياء، ونحسب حسابا جيدا لذلك، اذ حين يصرح عرفات بشيء فيترك أثراً مختلفاً مما اذا صرح به عضو في اللجنة المركزية الخ... في فتح الآن جيل جديد لا بد من دفعه الى الأمام ونحن نرى ان من الافضل ان يكون قضايا محددة، ليست ذات طابع استراتيجي، تمارسها القيادات الميدانية لاسباب تتعلق بالعلاقات الدولية وليس خوفاً من أحد. وتعرف ان اسرائيل قتلت 27 كادراً من "فتح" هم أبطال حقيقيون. ان الانطباع الذي أشرت اليه هو انطباع خاطئ. وحين نشتبك لا نسمح لأحد باللعب بالوضع الداخلي، مع العلم ان تعدد الآراء داخل "فتح" أمر تقليدي. والرئيس عرفات يسيطر في شكل كامل على الوضع بالتعاون مع اللجنة المركزية، والمجلس الثوري يحاسب هذه. ومن الخطأ تقويم الامور على أساس من يتكلم في الاعلام أكثر. وتعرفون ان جهاد المسيحي قائد حقيقي سعت اسرائيل الى اغتياله لكنه لا يتمتع بتغطية اعلامية موازية (للبرغوثي).
* ما تحليلك لموقف الرئيس الاميركي جورج بوش الاخير؟
- اسرائيل قضية داخلية أميركية لذلك لا يلجأ أحد الى الضغط عليها الا اذا استنجدت بواشنطن. ولا أبالغ في القول ان بوش أطلق هذه التصريحات الهوجاء، حيث لم يقل الحقيقة لشعبه عن قصد، اذ يدرك ان شارون قد بدأ بالاستعداد لثني ركبتيه للركوع أمام الاحداث، فهب لمساندته بعد العملية الجريئة التي قامت بها وحدة مؤلفة من ثلاثة عناصر في غوش قطيف. أميركا ستتدخل عندما ترى ان اسرائيل في مأزق، وأظن اننا بدأنا من جهتنا نضع تل أبيب في هذا المأزق. وشارون لا يستطيع الخضوع لثقل الاحداث الا بعد انتخابات الليكود في شباط المقبل وعلينا الا نتوقع أموراً مهمة على هذا الصعيد قبل الموعد المشار اليه.
* ما رأيك في الحل الذي يسوقه بيريس والذي يقترح "غزة أولاً" ضمن توصيات اللجنة الدولية لتقصي الحقائق برئاسة جورج ميتشل؟
- هذه ألاعيب، لن نقبل بأي ورقة أو اقتراح الا اذا طرحت نهاية التفاوض. ان اكبر اخطاء أوسلو هي القبول بمرحلية التفاوض. ان الاسرائيلي الذي أخذ كل مكاسب أوسلو ورفض ان يدفع الاستحقاق وهو اعادة الارض، مع العلم ان الارض في أوسلو لم تطرح موضوعاً للتفاوض انما تسليمها خلال سنة ونصف سنة عبر ثلاث مراحل، باستثناء المستوطنات والقدس والمناطق العسكرية، وهذا ما يتم التفاوض عليه. الآن يريدون حلاً مرحلياً واذا وقعنا في هذا الفخ بعد مفاوضات أوسلو ومرور 10 سنين، فان الحل النهائي لن نحصل عليه قبل 50 سنة. ما من شيء اسمه غزة اولاً أو غزة وجنين أولاً، هذه ألاعيب لاستدراجنا الى الحلول المرحلية"(النهار اللبنانية)
&