ما الذي أوصل تفكير بعض المسلمين إلى هذا الحد من السطحية و التشفي في ضحايا أبرياء من كوارث طبيعية شملت المسلم أو المسيحي أو اليهودي و من ر ديانات أخرى، هل الكوارث و المصائب مقتصرة على من لا يدين بالدين الإسلامي، ارتفعت التهليلات و التبريكات عندما حدثت كارثة كاترينا و قبلها تسونامي و بدأ التحليل و التأويل الغيبي بأن هذا عقاب من الله العلي القدير الذي أراد أن يلقن كما يطلقون عليهم الكفار الظلام الذين ظلموا العباد و خربوا البلاد، بالرغم لو أحصيت الكوارث و الدمار الطبيعي و غير الطبيعي لوجدنا كوارث و مصائب الدول الإسلامية أكثر من كوارث الدول التي يطلق عليه بلاد الكفر، ألا يحدث بشكل سنوي تقريبا زلزال في إيران و تركيا و مصر و أفغانستان، و أن كان التشفي حتى في فئات و جماعات إسلامية التي يحكم عليهم بالكفر و الخروج عن الطريق المستقيم، ألا يدمي القلب أن يصل مستوى تفكير المسلمين من الفرح و السرور، حتى بلغ المستوى من بعض الشعراء و الكتاب الذين يشار لهم بالبنان أن يشمروا عن ساعديهم و يسطروا الملاحم الشعرية و القصائد و الكتابة النثرية و يبدعوا في تصوير غضب الله في هؤلاء الكفار و الظلام، تناسوا أو خانتهم الذاكرة بأن أكثر المصائب و الكوارث تصيب بلاد المسلمين بأيديهم، أوقفوا تاريخ المصائب و الكوارث عند كاترينا و ريتا و جسر الأئمة، نؤمن أيمانا مطلقا بأن الكوارث الطبيعية و المصائب عظة و عبرة للكل و لكن لا يخص قوم أو جماعة دون غيرها من الكوارث و لكن يعم البلاء الجميع و نؤمن أن بعض الكوارث تصيب أقوام نتيجة ما ارتكبت أيديهم و ما اغترفوا من أثم، و لكننا كبشر نشترك مع إخواننا من مختلف الجنسيات و الديانات إلا المشاركة بالمشاعر الإنسانية نحزن و نأسف لكل كارثة تحدث للإنسان البريء الآمن في سكنه و نهب في مساعدته و الوقوف في محنته و نواسيه مهما كان معتقده.

ما حدث من دمار و خراب و موت جماعي في الشق الباكستاني من كشمير أحزننا و أبكانا كثير بغض النظر عن معتقدهم و دينهم، الشعور و المسئولية الإنسانية تحتم علينا مواساتهم عند مصائبهم بغض النظر عن أي دين و معتقد يعتنقوه، ألا يعطينا هذا الزلازل عبرة و عظة و دروس، وهو أن الزلزال حدث في شق الدولة الباكستانية التي يعتنق معظم سكانها الإسلام و يطلق عليها دولة إسلامية و لا يحدث في الشق الهندي الهندوسية و البوذية و السيخية التي تحتضن أقلية إسلامية للتعريف فقط و ليست طائفية، لماذا يكون تفكير بعض المسلمين قاصر و لا يتعدى نظره أرنبة أنفه، ألا يجدر بنا كمسلمين أن نكون أقرب إلى قلوب و مشاعر كل الناس و نكون دعاة بألسنتنا و مشاعرنا و نقرب العالم ألينا.

زلزال كشمير الذي أودى بحياة 23 ألف قتيل في آخر إحصائية و تشريد أكثر 2و5 مليون شخص حسب تصريح لرئيس وزراء باكستان برويز مشرف، هذه الكارثة التي جعلت ممن نتهم بالكفر و الزندقة الذين يستحقون الموت من وجهة نظر البعض القتل و النحر أن يهبوا في مساعدة الضحايا و يرسلوا المؤن و العدة لإسعاف أسر الضحايا و المشردين الذين يفترشون الأرض و يلتحفون بالسماء، ألم تهب المنظمات و الهيئات الدولية في مساعدة و عون هؤلاء المسلمين بالرغم من حدوث كوارث في بلدانهم في فيتنام و الصين و أمريكا و فنزويلا و المكسيك، ما هذا المرض النفسي التي أصاب بعض جماعات الأمة الإسلامية حتى يصل الأمر بالشماتة و التشفي بمصائب و كوارث من يخالفنا المعتقد و الرأي، من المسئول عن هذه التربية و الثقافة التي أزالت أي قواسم مشتركة مع بقية الأديان و المعتقدات المختلفة، ألا نستفيد منهم صناعيا و تقنيا و تعتمد أغلب اقتصاديات الدول الإسلامية على هذه الدول التي نكفرها في جانب و نتوسلهم في استيراد العلوم و التقنية و نستعين بخبراتهم في الصناعة و التجارة.

الأمر العجيب إننا لن نستفيد من التجارب و ما زالوا هؤلاء التكفيريين المتطرفين يمدوا و يدعموا ماديا و معنويا ليستخدموا درعا واقيا لأغراض خاصة، هل ننتظر الدمار الكامل الشامل بعدما أصاب أجزاء من عالمنا الإسلامي، و لا نزال نتساءل ما الذي أوصل هؤلاء الأقصائيين و الإرهابيين إلى تلك القوة و التحكم في أفكار و مصائر الآخرين و يوزعون الجنة و النار حسب أهوائهم و نصوصهم.

الأحرى أن ننشغل بقضايانا و مشاكلنا و إدارة الأزمات و كيفية المساعدة و العون لهؤلاء المنكوبين و المصابين في عالمنا الإسلامي و أي دولة تصاب بكارثة و مصيبة، هذه باكستان تعاني من نقص المؤن و الإسعافات لمئات الألوف من المشردين و المصابين الذين ينتظرون هؤلاء المنظرون الذين انشغلوا بتفسير الكوارث الطبيعية و أرجعوها غضبا من الله على العباد بالمطلق.

هل ضمنا أن لا نصاب بالكوارث و المصائب و أمنا الشر، لأننا نعتقد إنها لا تصيب ألا الكفار حسب الإدعاء، و إذا بقي التفكير هكذا فلننتظر الكوارث و المصائب حتى نفيق من أفكارنا السودواية.

علي عيسى

[email protected]