الوطن تميمة وثنية، لا ينتمي الا للغرباء، و لا ننتمي نحن الا لجماجم شهداء كهذه التي امسكها في يدي الليلة كأسا لأشرب منها نخب العبث و الوهم.

تذكرت صديقا لي حمل يوما روحه على كفه، و حمل جسد رفيق سلاحه الشهيد على كتفه، ليلتين متتاليتين، لكي لا يتركه لجنود الاعداء. الأعداء كانو الصهاينة. كنا قديما نسميهم الاعداء فاصبورا قليلا لتعرفوا مذا نسميهم الآن.

تذكرت أن صديقي هذا حين كان أسيرا، كان زملائه في الأسر من المقاومة التي يسمونها اسلامية يقومون على خدمته هو و رفاقه و يقدمون لهم الأكل يوميا، لا كرما منهم او تقديرا او صداقة، و لكن لانهم يحرمون على أنفسهم الاكل من ايديهم. نعم، يحرمون ذلك و هم رفاقهم في المقاومة و في السلاح. لماذا؟ لانهم من الشيوعيين. قالو لهم...عفوا لا نقدر ان ناكل من ايديكم لانكم.....لا يقدر قلمي ان يكتب الكلمة. المهم انّهم كانوا يرون انهم شيوعيين و بالتالي ملحدين و كفرة و بالتالي ليسوا على طهارة...تخيلوا.....

هناك خلل جسيم في تفكيرنا، حين نأكل اكلا اعده الصهاينة، و لكن نحرّم ان نتقاسمه او يقدمه لنا أبناء جلدتنا لأنّنا نراهم ليسوا مسلمين، بينما هم رفاقنا في القتال و قدموا مثلنا و اكثرمن الشهداء، لعلّ جماجمهم الآن كهذه التي في يدي.

هناك خلل جيني ما في هذه الامة.....

حين نذبح بشرا كالنعاج و نحن نكبر و نهلل، و نصدر بيانا نقول اننا نفذنا فيهم شرع الله. حين ننسب شرع الغاب هذا لله، فهذا يعني بالضرورة أن هناك خللا جينيا ما. حتى في الغاب لا يوجد حيوان يذبح للذبح غيره من ابناء جنسه. ترى هل كبّروا و هم يطلقون النار على اطوار بهجت و زملائها؟ هل حكمت عليها محكمة شرعية لانها تركت الجزيرة و عملت مع العربية، أو لأنه قد يستشف من كلامها أنها ليست على طهارة بدورها كصديقي، بل العن، الم تكن تكتب شعرا و لا تلبس نقابا و صوتها يسمعه الملايين، أوليس صوت المرأة عورة؟

لذلك سيداتي سادتي، توقفت أن اطلق لفظ الاعداء على الصهاينة الآن، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، و توقفت عن الانتماء إلى هذا الوثن الذي يسمونه وطن، و قررت الانتماء إلى الشهداء، بأن أشرب في جماجمهم نخب العبث و الوهم، علّ الخلل الجيني يكون وهما بدوره.

عماد حبيب
[email protected]