محمد حمزة الزبيدي، من من العراقيين لا يعرف هذا الاسم، انه اسم لرئيس وزراء عراقي سابق، ولكن اؤكد لكم مائة بالمائة لو سألتم العراقيين عن رؤساء الوزراء العراقيين ممن تسنموا هذا المنصب لما خطر اسم محمد حمزة الزبيدي بخاطر الا الندرة اليسيرة جدا منهم، ولكن مع ذلك فمحمد حمزة الزبيدي معروف كاحد بلطجية وقتلة وممن ارعب ابناء الشعب العراقي ابان النظام السابق.
ان اسم محمد حمزة الزبيدي معروف بكل ما لا يشرف من الصفات التي يتركها الانسان لكي يترحموا عليه، ان صوره وهو يدوس ويضرب بحذائه على اشخاص احياء ممن قبض عليهم ابان انتفاضة الشعب العراقي التي احهضت بفعل الشعارات الرنانة والطنانة لممثلي التيار الاسلامي الشيعي، ان مجرد عرض هذه الصور على اي قاض نزيه ما كان سيخرج هذا الشخص دون اقسى عقوبة لتعذيبه مع سبق الاصراروالترصد مخالفيه او معارضيه، هذا ناهيك عن الجرائم الاخرى من القتل والاعتداء والسلب والاستيلاء التي لم يسلم منها عضو من عصابة النظام السابق.
كل ما قلته اعلاه هو حق ولا اعتقد ان هناك من له الجراءة لكي يقول العكس، الا ممن لا يخجلون من مشاهدة المقابر الجماعية والحروب المتتالية والقتلى بالمئات الالاف والمفقودين بالارقام الفلكية والمهجرين والمهاجرين بالملايين، من امثال المستفيدين من كوبونات النفط وسراق اموال الشعب العراقي والمتباكين على النظام العرابي المقبور وعل مجد العروبة الذي اطيج به بسقوط فارسهم الذي لا يدانيه فارس في اللجوء الى الجحور المظلمة، ولكن كل هذا لا يبرر ابدا المثيل بالجثث.
ولكن ان يقوم شخص مهما كانت مشروعية قضيته بالتمثيل او بالانتقام من جثة فايضا هذا امر ليس مطلوبا استنكاره، بل استئصاله لانه مرض، نعم انه مرض ومرض خبيث هذا الذي يسمح لانسان ان يقوم بالتمثيل بالجثث، ان من مارس هذه الحالة انسان اقل ما يقال بحقه انه شاذ عن القيم الانسانية، او انه (وانا لا اؤمن بنظرية المؤامرة) اراد من التصوير بيع الصورة لادراكه ان محطات التلفاز ستتلقفها وستدفع الكثير من اجل بثها كسبق صحفي اوانه مدفوع لكي يقترف هذه الممارسة.
هل هناك من يمكنه ان يدافع عن مثل هذه الممارسة الهمجية التي اسأت الى القيم الانسانية، واسأت الى صورة العراقي ان كان قد بقى منها شئ بعد صور الذبح والخطف والتفجيرات الشنيعة التي بثت في كل انحاء العالم.
نعم ان الزبيدي كان عدوا للغالبية العظمى من العراقيين، ولكن لنقاء صورة العراقيين ولحق وشرعة الانسان علينا حق، اننا مطالبون اليوم كلنا بالضغط من اجل كشف الفاعلين وتقديمهم للمحاكمة وباقسى العقوبات الممكنة، ان لم نتحد في الدفاع عن قيم الانسانية والتي انتهكت بشكل فاضح وقاسي ومؤلم وان كان ضد عدونا فلن نتعلم ما معنى بناء العراق الديمقراطي التعددي الحر، ولن نتعلم مدى قدسية حرية الانسان وكرامته سواء كان حيا او حثة هامدة.
سيخرج علينا ممن سيستنكروسيقول انها ليست من شيمنا وليست من قيمنا كما عودونا على الدوام، ولكن هذه الممارسات ليست وليدة اليوم، وقد تكون الكثير من الشعوب مارستها، الان اغلب هذه الشعوب عالجتها ثقافيا وحضاريا وقانونيا، يجب ان لا نكتفي بالقول ان هذه الممارسات ليست من شيمنا وليست من قيمنا، بل استنكارها وادانتها ومعالحتها، بمعنى ان اسس الممارسة موجودة في الثقافة التي نتعلمها والتي تحث عل قتل المخالف والمغاير مهما كان، التي تحول المخالف الى بهيمة يمكن قتلها، انها ثقافة يتم ارضاعها لاطفالنا مع حليب امهاتهم والا كيف نبرر استمرارها كل هذه السنين والعقود والعصور، انظروا الى كتاب الاستاذ باقر ياسين الموسوم بتاريخ العنف الدموي في العراق، وان كان الجهل يبرر ما حدث في التاريخ القديم او حتى ما قبل مائة سنة، ما المبرر لمذبحة الاشوريين في سميل وبشاعتها التي فاقت بشاعة هجمات هولاكو قياسا بالزمن والمقترف والثورات الدموية وقتل وسحل افراد العائلة المالكة ونوري سعيد وما اقترفه الثوار الاشاوس في تصفيات دموية وبشعة وما اقترفه ما سمى بالحرس القومي وما تم اقترافه في زمن صدام وبايادي زبانيته المقربين.
ان وزارة الصحة التي اقترفت فيها هذه الممارسة والتي سلمت لها الجثة ومع كل الاسف اقترنت بطيف سياسي استلمها وفرض عليها شروطه وقوانينه وهي تخالف مواد قانون ادارة الدولة التي تسير ببنوده الدولة العراقية وكذالك مواد الدستور العراقي المصادق عليه شعبيا.
ان مرتكبي هذه الممارسة البشعة يجب ان يتم دراستهم كنماذج حية لمعرفة الاسباب التي تجعل الانسان يعود بممارساته الى الازمنة السحيقة حين لم يكن هناك من قانون او دين يردع عن اقتراف مثل هذه الامور. وللتذكير نقول ان الكثير من اعضاء ما نسميه عالم الحيوانات تعاف الاقتراب من الجثث وان كان الجوع قد اهلكها، فهل من مبرر لتصوير التمثيل بجثة وان كانت جثة محمد حمزة الزبيدي.

تيري بطرس
[email protected]