(نحتاج الى الخيال الى الحب الى الورد فما اقل المعلمين)_الكاتبة

الدراما العربية مثل مناهج الدراسة مثل محتوى الخطاب الوعظي مثل الكثير الكثير من جوانب حياتنا تحتاج الى مراجعة شاملة جذرية وصادقة.

الدراما وظائف، التسلية، عكس الواقع بغرض اصلاحه، الرصد الاجتماعي والوظيفة الاهم صناعة الحلم وزراعة الخيال الاسهام في خلق الاهداف الكبيرة للشعوب واحيانا خلق النموذج...شرطي امين او مقاتل لايقهر او رمز للتفوق او مكافح مطلق الارادة يتماهى فيه الشعب رياضيا كان او عالما او سياسيا او انسانا عاديا قادته الظروف لاختبار الارادة في سجن او غابة او قمة جبل.

واقعنا المرير تعكسه كل مرايانا الواضحة والمغبشة قديمها وجديدها ثمينها ورخيصها،تجاوز الرصد الى العلاج يمر في رواق الحلم والخيال فهل ساهمت الدراما بهذا؟

الشقة والشبكة والحماة، الوفاء والغدر، الغنى بعد الفقر والنجاح بعد الفشل الكره بعد الحب او الحب بعد الكره الصحة والمرض الزواج والطلاق هذه مواضيع الدراما عندنا وبما اننا شعوب تلفزيونية نقضي ساعات طويلة امام الشاشات منذ ان كانت سوداء وبعد ان تلونت ثم صارت شاشة بلازما فان الدراما تجفف قدرتنا على الحلم وتضيق مساحة خيالنا وبدل تدوير محركات الاندفاع نحو الحياة نزداد خمولا وسوداوية وتتقلص حتى مساحة الفرح عبر الكوميديا التي تجعلنا نضحك على انفسنا والتراجيديا التي لاتجاوز مهمة ابكائنا على ذواتنا.

القصة، السيناريو، الحوار، الاخراج، تصنع مزاج الشعوب وتشكل ارادتها وتضع لها الاهداف بعيدا عن المباشرة وبعيدا عن الخطابية وفجاجة الرؤى الجاهزة وقد قضينا مايكفي من الوقت متسمرين امام المسلسلات والافلام والتمثيليات والمسرحيات التي لم تقدم مايكفي من جرعة الحلم ودفقة الخيال.

الى زمن طويل تسيدت الدراما المصرية وشيئا فشيئا نافستها الدراما السورية وفي العقد الاخير بدات مجتمعات الخليج تعي حاجتها لانتاجها الذاتي ورات النور اعمال لاباس بكميتها لكن الحراك المكاني لم يضف الا القليل على المحتوى.

التاريخ استحوذ على مساحة لاتناسب حاجتنا اليه من الدراما والحاضر له وجود واضح اما المستقبل وحلمه ورؤاه فيمكن القول انه غاب كليا اسوة بالخيال المحاكي للواقع وليس الواقع نفسه فنحن نكرر انفسنا امام انفسنا على شاشة لم تقدم الكثير لحركة المجتمع نحو الامام.

ناهدة رمان