أعجب ما في الأزمة اللبنانية الحالية هو إنكار شرعية حكومة فؤاد السنيوره.

ما يثير ضحكنا بصوت عالي هو مقال إميل لحود حول فقدان حكومة السنيوره شرعيتها بسبب تناقضها مع العيش المشترك! نقول للحود أن الوزراء الشيعة استقالوا لأسباب سياسية وليس لأسباب طائفية وأن الوزراء هم الذين استقالوا تلقاء أنفسهم
ينكرون شرعيتها رغم أن السنيورة هو أول رئيس وزاره في لبنان حظي بتسمية جميع نواب الشعب في البرلمان في الإستشارات الرئاسية بمن فيهم نواب حزب الله ونواب كتلة الجنرال عون، باستثناء نائب واحد هو أسامه سعد ولأسباب غير سياسية. لم يحظ أي رئيس وزراء سابق بمثل هذا الإجماع.

ينكرون شرعيتها رغم أن ثقة 70 نائباً، أو ما يزيد عن نصف عدد النواب بستة نواب، هي في جيب الحكومة ويزعمون أن هذه الأكثرية هي أكثرية وهمية بسبب أنها نتجت عن التحالف الرباعي الذي لم يعد قائماً. مثل هذا الزعم لا يثير إلا السخرية حيث أن كل التحالفات الإنتخابية تنحل تماماً حال إعلان نتائج الإنتخابات. وغالباً ما يكون في مثل هذه التحالفات خاسرون وكاسبون ويمتنع عرفاً وقانوناً على الخاسرين أن يطالبوا بإعادة الإنتخابات. ثم ليس ثمة ما يؤكد أن حزب الله كان الخاسر في التحالف الرباعي.

ينكرون شرعيتها ويحولون دون انعقاد مجلس النواب بل ويهددون بإغلاق كل الطرق المؤدية لساحة النجمة والبرلمان في حال دعي المجلس للإنعقاد. وما هو أغرب من التهديد هو أن نبيه بري، رئيس المجلس الذي يحبه، يحبه، يحبه غازي العريضي يختزل اليوم كل المجلس بشخصه الكريم بزعم الإستناد إلى النظام الداخلي للمجلس وهو الأمر الذي على نواب الشعب تداركه في أول جلسة يعقدها المجلس النيابي.

ينكرون شرعيتها ويزعمون أن الأكثرية إنما جاءت بفعل قانون إنتخابات غير عادل وهو قانون غازي كنعان. لكن معظم المواطنين اللبنانيين لم ينسوا أن نبيه بري هو من رفض رفضاً باتاً عقد جلسة لمجلس النواب السابق لتشريع قانون جديد. وعندما أحرجه الشيخ بطرس حرب إثر تقدمه ممثلاً لتحالف 14 آذار بمشروع قانون مكرر معجل قال الرئيس بري قولا غريباً عجيباً، قال : quot; جيبولي أمر من السفارة الأميركية حتى أدعو لاجتماع البرلمان!! quot; ـ مثل هذا تصريح كاف لمحاكمة الرئيس ليس لإسقاطه من الرئاسة فقط بل ومن النيابة أيضاً.

أمام هذه الحقائق الصارخة لا يجوز لأحد مهما علا مقامه الفقهي أو الديني أن يأخذ على مفتي الجمهورية سماحة الشيخ محمد رشيد قباني اعتباره إسقاط رئيس الحكومة خطاً أحمر. لسماحته أن يرى استهداف السنيوره هو استهداف لطائفته طالما أن الدستور يحصن الحكومة أقوى التحصين. سماحة المفتي، كما عامة اللبنانيين، يرى أن شرعية رئيس الحكومة هي أقوى وأعمق من شرعية رئيس الجمهورية الممدة ولايته بأمر صريح من الرئيس السوري وكذلك من شرعية رئيس المجلس النيابي المهددة بالسقوط حال انعقاد مجلس النواب. فلماذا إذاً يتم إسقاط رئيس الحكومة بالشارع وليس بالشرعية ولا يتم إسقاط رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب بالشرعية قبل الشارع؟؟ أليس مما يؤكد هواجس المفتي هو أنه بالرغم من التصريح بهذه الهواجس بأعلى الصوت فإن كل الجماعات التي يتهمها المفتي تعاند وتزيد من تحديها لإسقاط رئيس الحكومة بالشارع. ليس على العلامة محمد حسين فضل الله أن يأخذ على المفتي القباني موقفه هذا قبل أن يدعو المعتصمين وأولهم حزب الله إلى فض الاعتصام وإنهائه. على فضل الله ونصرالله وعبد الأمير قبلان ألاّ يذهبوا بعيداً في تحدي مفتي الجمهورية فالأمر في غاية الخطورة، خطورة لم يواجه لبنان مثلها من قبل. وإذا ما وقع الخطر فلن يلوموا إلا أنفسهم.

وأخيراً ما يثير ضحكنا بصوت عالي هو مقال إميل لحود حول فقدان حكومة السنيوره شرعيتها بسبب تناقضها مع العيش المشترك! نقول للحود أن الوزراء الشيعة استقالوا لأسباب سياسية وليس لأسباب طائفية وأن الوزراء هم الذين استقالوا تلقاء أنفسهم. وتبين فيما بعد أن استقالتهم كانت بداية مؤامرة سورية إيرانية على الحكومة وعلى بناء الدولة اللبنانية السيدة الحرة المستقلة وأنت تشارك في هذه المؤامرة كما تشير مختلف أقوالك وأعمالك. ألا تخشى المحاكمة بعد انتهاء إغتصاب سدة الرئاسة خلال بضعة شهور؟؟

عبد الغني مصطفى