لا يظنّن أحد من الحزب التقدمي الإشتراكي بأنني أضمر العداء لوليد جنبلاط عندما أوجه نقداً حاداً

ما يهمنا من كل هذا هو أن يعي وليد جنبلاط كل ألاعيب نبيه بري وأن يشطب صفحة نبيه بري من دفتر صداقاته. ما كانت الأزمة اللبنانية لتصل هذا الدرك من الخطورة لو لم يراهن نبيه بري على نصرة الحلف السوري الإيراني بكل رصيده
لسياساته. بل العكس هو الصحيح إذ أهتم كثيراً في أن لا يخطئ وليد ليعود بعد وقت قصير أو طويل يعتذر عن خطأ اقترفه لأن غشاوة كانت تغطي عينيه!! أحب أن تكون سياسات وليد بك دائماً صحيحة وسليمة، فلذلك أنا أحب وليد كما أحببت أباه من قبل.

قبل أسبوع أو أكثر قام نبيه بري quot; مشكوراً quot; بنزع غشاوة أخرى عن عيني وليد مؤكداً أن ليس من أي مسدس مصوباً في رأسه، وصائحا بوجع حقيقي: quot; يا لخسارتي بك! quot;

استطاع نبيه بري أن يستولي دائماً على معظم الكعكة اللبنانية دون أن يكون له أية قاعدة شعبية ذات شأن تجيز له مثل هذه الولاية. ما مكنه من ذلك باستمرار هو مهارة استثنائية في الرقص على الحبال. فهو الحليف السري المطواع للسوريين وقد حمّل قائمته للمجلس النيابي أحد البعثيين. وهو المتآلف كذلك مع حزب الله وبدون هذا التآلف ربما لا يستطيع نبيه بري هو نفسه أن يصل إلى مجلس النواب. وهو الصديق جداً لوليد جنبلاط وللحريري أيضاً وبدون هذه الصداقة لن يستطيع أن يصل إلى الرئاسة الثانية. ظل الرئيس برّي يرقص على هذه الحبال الثلاثة ويحتال بذلك على أكثر من ثلث الكعكة اللبنانية ومن هذا السحت يوزع على أزلامه في الجنوب الشيعي.

اليوم يصيح نبيه بري متوجعاً حقاً: quot; يا لخسارتي بك! quot; وقد استشرف خسارته لوليد جنبلاط حيث لم يعد بإمكانه تضليله ليسنده حتى الوصول إلى الرئاسة الثانية والاستيلاء على معظم الكعكة اللبنانية. بدون اصطفاف وليد جنبلاط خلف نبيه بري لن يساوي هذا الأخير شيئاً سواء لدى السوريين أم لدى حزب الله وإذّاك سيكون هو نفسه الخاسر الأعظم، فيا لخسارته!!

ما يهمنا من كل هذا هو أن يعي وليد جنبلاط كل ألاعيب نبيه بري وأن يشطب صفحة نبيه بري من دفتر صداقاته. ما كانت الأزمة اللبنانية لتصل هذا الدرك من الخطورة لو لم يراهن نبيه بري على نصرة الحلف السوري الإيراني بكل رصيده. يعطل مجلس النواب ( عينك عينك بالقول الدارج ) ويلغي شرعية الأمة في تقرير مصيرها!! أي مشرعين شرّعوا مثل التشريع كي يتمكن أحدهم من أن يبيع الشعب اللبناني بأجمعه بقرشين لا أكثر!! على نواب الأمة الذين شرّعوا مثل هذا التشريع أن يخجلوا من أنفسهم ولا يعودوا إلى تمثيل الأمة ثانية. على وليد جنبلاط وهو المعروف بميزة النقد الذاتي علانية أن يعترف للأمة وللشعب اللبناني أن مراهنته على نبيه بري إنما كانت بسبب أكثر من غشاوة على عينيه وأنه لن يعود إلى مثل هذه المراهنة في المستقبل. مثل هذا الإعتراف هو حق للشعب اللبناني كي تقرّ عينه وعلى وليد ألاّ يتردد في هذا.

الجهبذ في القانون الدستوري الأستاذ الدكتور حسن الرفاعي أكد على أن تفسير شرط التعذّر في عقد المجلس النيابي يعود للمجلس نفسه. بري برر عزوفه عن دعوة المجلس للانعقاد ب quot; صراحة quot; لافتة ودون أدنى خجل بالقول quot; في حالة انعقاد المجلس ستطرح الحكومة الثقة بها وسيقترع المجلس لصالحها!! quot; وهو بالطبع لا يوافق على ذلك، ولذلك لم يدعُ المجلس للإنعقاد!!! وليس أصدق في هذا من القول: quot; عذر أقبح من ذنب quot;. وهكذا ـ وما أغرب هذا!! ـ رئيس المجلس يطعن في شرعية المجلس!! لماذا إذاً لا يستقيل رئيس مجلس لا شرعية له؟؟ ومن أي موقع يتكلم هذا الرئيس quot; اللاشرعي quot;؟!!

يقرر الأستاذ الدكتور حسن الرفاعي أن من صلاحية نائب الرئيس، فريد مكاري، الذي ما زال يعترف بشرعية مجلس النواب، أن يدعو المجلس للإنعقاد في الزمان والمكان اللذين يحددهما نائب الرئيس للتداول في عذر الرئيس في عدم دعوة المجلس وفي حالة تقرير عدم شرعية العذر يستطيع المجلس أن يتخذ ما يراه ضرورياً من قرارات بما فيها تعديل نظام المجلس كيلا تتكرر مثل هذه الحالة الشاذة وربما إزاحة بري من سدة الرئاسة التي لم يكن أكثر أمانة من لحود في سدة الرئاسة الأولى على القيام بمستوجباتها.

ما يجب ألا يفوتني هنا الإشارة إليه هو أن الشعب اللبناني سوف يخسر قضيته أمام حفنة من المغامرين الذين يبيعون وطنهم إلى عصابات سورية وإيرانية إذا ما بقيت جماعة 14 آذار في مثل هذه الحالة من الرعب والهلع. ولنا أن نتساءل هنا لماذا لا تتعلم جماعة 14 آذار من quot;شجاعةquot; وئام وهاب وناصر قنديل، فهل هم أيضاً بحاجة لمن يدفع لهم؟؟ سؤال مشروع مع الأسف!

عبد الغني مصطفى