صرح أمس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) في البرلمان النائب محمد رعد بأن مجلس النواب لن يدعى للإنعقاد طيلة دورته العادية التي ستبدأ دستورياً يوم الثلاثاء الموافق 20 آذار القادم وذلك بسبب عدم شرعية الحكومة الحالية. قبل أن نتعرض لتعارض مثل هذا التصريح مع الدستور نصاً وروحاً، ومع أبسط قواعد الشرعية، نشير إلى أن النائب رعد، وقد أخذ على عاتقه خطورة مثل هذا التصريح، إنما قام بوظيفة رئيس مجلس النواب ـ أو الأحرى بوظيفة توهمها إحدى وظائف رئيس المجلس وهي ليست كذلك ـ وهو بما عرف عنه من تأدب ما كان ليقوم بهذه الوظيفة إلا بعد استئذان الرئيس نبيه برّي الذي ما كان ليأذن لأحد غير السيد حسن نصرالله الذي بدوره فوّض كل سلطاته الفعلية، القائمة على المال والسلاح الإيرانيين، لنبيه برّي حين أعلن أن لديه كل الثقة بشركائه في المعارضة المفوضين بالمفاوضة نيابة عنه والوصول إلى أية حلول للأزمة الراهنة. وبالطبع نصرالله لا يعني بهذا الإعلان سوى السيد نبيه برّي كما يعرف العامة.

نبيه برّي وحسن نصرالله يتبادلان السلطات لكن بري لم يمتلك سلطتة التي بادلها بسلطات حسن نصرالله إلا بتفويض من مجلس النواب، تفويضاً لا يخوله بالطبع مبادلتها بأية سلطة أخرى مع أي شخص آخر، وهي ليست كسلطات حسن نصرالله غير الشرعية التي يمتلكها دون مساءلة من أي جهة أخرى سوى قائده علي الخامئني مرشد الجمهورية الإسلامية الوحيدة في العالم.

قد يفسر محمد رعد تجاوزه الوظيفي بالعودة إلى تصريح سابق لنبيه برّي يقول فيه أنه لن يدعو المجلس النيابي للإنعقاد طالما أن الحكومة الحالية غير دستورية.

غريب أمر هذا البرّي!! لا نريد أن نعود إلى تصريحه الأول في طهران قبل مقابلته للخامئني حيث أكد على شرعية حكومة السنيورة رغم تقديم وزراء الشيعة الخمسة استقالتهم منها وحيث قال أن باستطاعة رئيس الحكومة تعيين خمسة وزراء غيرهم من الشيعة. لكننا نسأله وهو الضليع بالقانون نظرياً وعملياً.. من يمنح الشرعية للآخر مجلس النواب أم الحكومة ؟ الشعب اللبناني أناب مجلس النواب عن طريق الإنتخابات المباشرة لإقامة الشرعية التي تتمتع بها كل من الرئاسات الثلاثة ـ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. شرعية مجلس النواب هي الشرعية الأصيلة بعكس شرعية كل من الرؤساء الثلاثة المكتسبة. أية شكوك تحوم حول شرعية أي من الرؤساء الثلاثة يعود القطع فيها للمجلس مباشرة وليس لرئيس المجلس المحددة وظيفته بمتابعة تنفيذ قرارات المجلس والنطق باسمه لا باسم غيره.

ما يؤكد شرعية حكومة السنيوره هو تحديداً رفض نبيه بري دعوة المجلس للإنعقاد، وهو لم يدْعه لأنه في حالة انعقاده، كما اعترف بري نفسه في بداية الأزمة، سيؤكد ثقته بحكومة السنيوره. ولو أن الأمر عكس ذلك وأن المجلس النيابي سوف ينزع الثقة من الحكومة حال انعقاده لدعاه بري قبل انتهاء دورته السابقة ولوافق هو وإميل لحود على فتح دورة استثنائية حال طلبها!!

ليس لدينا أدنى شك في أن نبيه برّي يعرف تماماً بأنه يخون وظيفته ولم يعد يقوم بدور الناطق الرسمي باسم المجلس (Speaker). إنه ينطق اليوم باسم أعداء المجلس وعلى المجلس أن يخلعه في أول جلسة له دون أن يصغي لبعض التخرصات التي ينشرها بعض الخبثاء والتي تزعم أن برّي مرغم على القيام بهذا الدور المعادي للشعب. بل وإن كان ذلك صحيحاً، وهو ليس صحيحاً، فإن مجرد قيامه بهذا الدور المعادي للشعب يجرده من أية أهلية للرئاسة الثانية. تعطيل المجلس هو رأس الفتنة.

بقاء نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي بعد كل هذا لا يعني سوى أن رؤساء الكتل النيابية، سعد الحريري والجنرال عون ووليد جنبلاط وسمير جعجع لا يستحقون أن يكونوا في مواقعهم. على نواب الشعب أن يحموا شرعية مجلسهم!

عبد الغني مصطفى