لم يكن الدين الاسلامي يقتصر على فئة معينة من الناس دون غيرها، بل هو الدين الحنيف المسامح والذي يزرع الخير في المجتمعات الانسانية، لكنّ التشبث به لم يعد سلوكا غريبا يقتصر على البعض من الناس بل التجأ اليه الكثير لطمس معالمه الشريفة بأخرى همجية ظلامية يفصّلونها حسب مقاساتهم ويدرجونها وفق أهدافهم وليس غريبا أن تصدر فتاوى من عناصر بدائية تجهل أصول الدين وتسيء الى سمعته الشريفه وتوجهه الانساني النبيل، فما حدث في الانتخابات الاخيرة التي جرت في العراق الا دليل قاطع على الهمجية التي كان يتبعها البعض في دعايته الانتخابية المؤلمة المرفوضة لأن الهدف كان الفوز دون حسابات المستقبل وما تؤول اليه نتيجة الانتخابات لاسيما وان تلك القوائم شعرت بأن فوزها يكون أمرا مستحيلا فراحت تتمسك بتلابيب الدين الاسلامي وبدأت تتوالى الفتاوى الواحدة تلو الاخرى وتحرم الانتخاب لغير قائمتهم التي انهكها الوهن بل ذهبت بعض الفتاوى بعيدا عن واقع الدين الحنيف مما يندى له جبين الانسانية وهم يراهنون على جميع الاحصنة كي يفوز أحدهم، فقاموا يتنفسون من مياه الطائفية المقيتة القذرة كي يتحول البلد من دكتاتورية مؤلمة الى البؤس والقتال الطائفي لأن الأحزاب التي تتوجه دينيا بآستطاعتها أن تأخذ الدنيا بحيلة الدين فوضعوا كراسيهم عند باب الجنة وحرموا دخول من لاينتخبهم وهو أقبح أنواع الكفر مستغلين بسطاء العراقيين ــ وهم كثر ــ على تمسكهم بدينهم ولو لم يكونوا مخلصين له، فراحت أسراب العراقين تمارس حقها الانتخابي بعد ما حرمت منه عقودا كثيرة فرحين بحصولهم على الجنة دون أن يؤدوا عملا يخدم البلد واكتفوا بالانتخابات التي أهلتهم لذلك حسب ما ادعاه أصحاب الفتاوى التي لم يصدروا الآن فتوى تحرم على أعضاء الحكومة والبرلمان حصولهم هذه الرواتب الضخمة المخزية، أو السكن في المنطقة الخضراء تحميهم الجيوش الاجنبية وأبناء العراق تقتلهم الطائفية التي نشروها في المجتمع العراقي تمهيدا لمصلحتهم التي تؤدي بهم الى الثراء الفاحش تعويضا عن الايام السابقة المظلمة لأن الاحزاب التي تحتمي بالدين تلغي بصورة تلقائية قيمة العقل والتفكير والبحث والنقد والمساءلة كلما كانت الامية متفشية في البلد عندها تنتشر ثقافة الغيبيات والأتكالية وهذا واقع العراقيين الذين يعيشون به اليوم.


فالفائزون بالانتخابات حوّلوا البلد الى سجن رهيب يقبع به العراقيون فغادره من استطاع وبقي غيره تحت رحمة الارهابيين بعدما فشلت الحكومة في كل مبادراتها لأنقاذ هذا الشعب المسكين من عنق الزجاجة التي وضعوه فيها، ألا يستحق أبناء الشعب العراقي الى فتوى دينية صحيحة ــ ولو واحدة ــ تخلصه من اللصوص الذين أستولوا على مقاعدهم باسم الدين وتبني تماثيل ومزارات للطيبين المخلصين منهم كما وترمي من افتقد وطنيته بآخرين أكثر منهم إخلاصا لهذا البلد ولا يحتاج النهار الى دليل.أفتونا يرحمكم الله.

علوان الهليل