-1-
لقد أوجعني وربي ما حصل البارحة تحت قبة برلماننا الطائفي التحاصصي الجميل، برلماننا الذي لم يحلم ولا حتى الأمريكان ذاتهم إبان فترة التأسيس ايام جورج واشنطن بنيل نظير له، برلماننا الأجمل والأمثل الذي يمثل شراذم عراقٍ سُنّي شيعيٍ كوردي ممزق مُهتريء.
حقيقة خسرت الديموقراطية الطائفية الجميلة التي وفرت العمل والرزق والسكن وحرية العبادة لعشرات الآلاف من مواطنينا الكرام من الأحبة الإيرانيين والأفغان والآذربيجانيين والأتراك والعرب القاعديين، خسرت البارحة نجوم زاهرة من فطاحل اهل القانون وتجار الفتوى الأفذاذ من برلمانيي عصر ظهور المهدي ( عجّ) الذين لا نشك في أنهم كانوا ثروة عراقية خالصة لجهة كفاءاتهم القانونية وخبراتهم الديموقراطية وثقافتهم الوطنية العالية الراقية، الكرام الحلوين، من صدريين وبعثيين ( غير صداميين ).
من نلوم على هذا المصاب الجلل؟
انلوم شرطتنا الباسلة وحرسنا الوطني المقدام ووزارة دفاعنا وداخليتنا العتيدتين اللتين لا يشك بمهنيتهما ووطنيتهما إلا كلّ خبيثٍ ( فتّان )؟
انلوم الشقيقتين سوريا وإيران على إستمرار تسريبهما للأحبة القتلة من المفخخين والمفخخات؟
عفوا... اقصد سوريا حسب، لأن سوريا ليست صديقة لإيران وليس بينهما تحالفات وإتفاقات، لا بل هما على عداء تاريخي، إذ واحدة علمانية والأخرى ديموقراطية إسلامية والجارة إيران حريصةٌ على دماء الأحبة آل البيت وبالتالي لا يمكن أن تلتقي مع سوريا على اجندة تقتيل هؤلاء الكرام، وكل ما يشاع عن تحالف بين هذين الطرفين هو إدعاء خبيث يُراد منه تشويه سمعة هذه الجارة الكريمة الغالية.
إيران شقيقة كبيرة وعزيزة وهي لم تكفْ عبر القرون وخصوصا عقب التحرير عن مدّ يدها للعراقيين عامة، بل وكل العرب حتى بلغ بها الكرم أنها تسعى جاهدة للإرتقاء بنا علميا عبر عروض اشراكنا مجانا في خبراتها النووية السلمية..!!!
إذن فاللوم يقع على السوريين وبقية العرب...!
هذا اقرب للمنطق والضمير...!
السوريين لديهم نظام بعثي كان شقيقا لنظام صدام ومن الأكيد أنه لا يريد أن يسقط وأن تتفتت ( عفوا تزدهر وتتوحد ) جمهوريته الوراثية، كما تفتت جمهورية الخوف الصدامية، ولهذا فهو يحارب في العراق ولبنان وفلسطين بأيادٍ متنوعةٍ، تتصدرها ايادي الكرام أهل القاعدة الحالمين بحور العين ( رضي الله عنهم اجمعين )...!
اما بقية العرب فلهم مع الديموقراطية ثارات عتيقة متجددة، والناس يخافون من أن تتكرر تجربتنا المضيئة اللامعة في بلدانهم، وطالما أن برميل البترول تجاوز كل السقوف فمن المستحسن إمتصاص فائض القيمة بتصدير الإرهابيين المستعدين للموت إعلاءً للرسالة المحمدية الصحيحة التي يسعى بؤساء مدن النجف والثورة والناصرية لتحريفها...!
لكن...ماذا عن الأمريكان الطيبين؟
او ليسوا مُلامين من حيث أنهم رعاة هذه الديموقراطية المتميزة التي ارتقت بالعراق في بحر بضعة اعوام إلى مصافْ المانيا والسويد والدنمارك؟
نعم..مُلامين كُل اللوم وبالذات حزبهم الديموقراطي المشاكس المشاغب الذي يرفض أن يرسل للعراق كل ما لديه من جنود الإحتياط للزج بهم بين كل بيوت بغداد للفصل بين آل البيت والصحابة الكرام لفض الإشتباكات الحضارية بينهما...!
وبين تلك الإشتباكات تلك التي تحصل بين وزارات ومؤسسات وميليشيات الأخوة الشيعة والسنّة والكورد والتركمان، وفي قلب المنطقة الخضراء.

-2-
في ظل ديموقراطية الطوائف التي هي تجربة متميزة من تجارب الديموقراطيات في العالم كله، لا يمكن لك أن تبني جيشا أو شرطة أو تأْمن على طفلك في مدرسة.
في ظل ديموقراطية الطوائف المتميزة، لا يمكن لك أن تؤمّن جلسةً برلمانية أو وزارية أو مؤتمر دوليٍ في عاصمة بلدك، لأن اي برلماني أو دبلوماسي أو زعيم سياسي، يمكن أن يكون هو ذاته متزنرا بحزام ناسف...!
في ظل ديموقراطية التحاصص الطائفي الرائع، يمكن لاي طائفة من طوائف البلد أن تحرق البلد كله في غمضة عين، وما التجربة اللبنانية إلا مثالا ساطعا يمكن للعقلاء أن يعتبروا به ومنه.
في ظل ديموقراطية الطوائف، لا يمكن لك أن تبني دولةً... لا بل ولا حتى بيت صغير أو دكان او مقهى إنترنت إلا بعد أن تجمع الفرقاء مجددا على مشتركات جديدة.
فكيف وهؤلاء الفرقاء ماتوا قبل الف واربعمائة عام؟

-3-
من المتوقع بإذن السيد بوش قاصم الجبارين، أن يكون لدينا بعد حين... ثلاث برلمانات لا إثنين...!
برلمانات سُنّستان وشيعستان وكوردستان.
للناس كل الحق في أن تجتمع تحت خيام قبائلها وطوائفها وعباءات أجدادها وبشكل ديموقراطي، طالما هي لا تستطيع أن تجتمع مع بعضها تحت مشترك حضاري.
العاب الأتاري والكمبيوتر وغزو الفضاء وسبر أغوار الأرض والبحار وإكتشاف حلولٍ حضارية علمية لإختناقات القلوب والضمائر والعقول ليس من بعض إهتماماتنا كمسلمين، الماضي هو هاجسنا... القداسة المزعومة هي ما يعنينا... التعلق بأسراب ما وراء المادة والطبيعة والواقع هي هواياتنا... حلم الجنة المزعومة هو جلّ امانينا... فإذن حريٌ بنا أن نعيش في تلافيف اكفان موتانا... نستنشق عفن جثامينهم القدسية البهية..!
لكن... بطريقة ديموقراطية على النمط الرائع المتميز الذي اكرمنا به بوش الإبن ( قدست اسراره الربانية )، وتوابعه العراقية الموجودة اليوم تحت قبة برلماننا في جزيرة بغداد الخضراء التي لم تعد آمنة...!


-4-
اقترح على الأحبة في برلمان الطوائف ووزارة المحاصصة الطائفية أن يقسموا المنطقة الخضراء بينهم إلى ثلاث مناطق خضراء، حسب العناوين الثلاث الرئيسية الموجودة في الساحة السياسية.
ويمكن أن يجتمعوا معا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، كتلك التي يتلقى العزيز المالكي من خلالها اوامر السيدة رايس.
اظن أن هذا أأمن لهم لغاية ما يفرجها الله عليهم ويكتمل نصاب تمزيق بغداد وكركوك وبقية المدن إلى سنية وشيعية وكوردية وتركمانية ومسيحية.
الأخوة العلمانيون وبينهم شيوعيون وقوميون وليبراليون...هؤلاء يمكن أن ينتقلوا سريعا إلى عمان أو دمشق أو القاهرة في إجازة طويلة على حساب البرلمان قبل أن يتمزق.
انا واثق أن اهل الطوائف لن يمتنعوا عن إكرام هؤلاء بمنفى مُعْتبر محترم مدفوع الأجر، يقيمون فيه إقامة طويلة حتى يقيض الله لهذا البلد أن يكتمل ذبحه...!
فَهُمْ ( العلمانيون ) لا نفع فيهم لطوائفهم وأعراقهم وقبور الأجداد الكرام.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.

كامل السعدون


النرويج 13 نيسان 2007