اجتمعَ وزراءُ خارجيةِ الدولِ الإسلاميةِ في إسلام أباد بباكستان، تكلموا أكثر ما تكلموا عن وقفِ العنفِ الطائفي والمذابحِ المذهبيةِ وعن تجريمِ اِزدراءِ الأديانِ، أصدروا توصياتِهم، لم تخرج عن سابقاتها، الاختلافُ الوحيدُ لم يتخط أسماءَ الحضورِ وتاريخَ ومكانَ عقدِ الاجتماعِ.


الدولُ الإسلاميةُ تعجُ بالصراعاتِ الطائفيةِ والمذهبيةِ، ضحاياها بالآلاف، بدونِ حسابٍ، يُقَتَلون في أي مكانٍ وزمانٍ، لأي سببٍ، تتلقفُهم الأرضُ في أحضانِها بعد أن أهدَرَ دماءهم من يُنسبون لهم ديانةً. الصراعُ بين الشيعةِ والسنةِ في أوجِه، التقاتُلُ بالحديدِ والنارِ في باكستان، مقرُ عقدِ المؤتمرِ، وفي العراقِ وفلسطين، التلويحُ به لا يهدأ في الخليجِ العربي ولبنانِ. يُطالبُ وزراءُ الخارجيةُ المسلمون بوقفِ الاقتتالِ، لمن يتوجهون بمطالباتِهم؟ للعالم؟ أم لأنفسِهم؟ أكوامُ القتلي عندهم وبعلمِهم وتحتَ بصرِهم، قتلُ القريبِ أحلي من الزبيبِ.


أما اِزدراءُ الأديانِ فلا أتصورُه إلا مأساةً مضحكةً مبكيةً، ما المقصود بازدراءِ الأديانِ؟ أهي الرسوم الكاريكاتورية والصور والأفلام التي قد تُؤولُ بما في النفوسِ؟ الخطابُ إذن للخارجِ، نفسُ نهجِ الخداعِ، الهروبُ من الحقيقةِ، من مواجهةِ الذاتِ. هل انحصرَ اِزدراءُ الأديانِ في هذا المفهومِ المُضَيَقِ عن عمدٍ؟ وماذا عن التعدي الأهوجِ علي أهل الدياناتِ الأخري؟ ماذا عن تقييدِ أدائهم شعائرِهم؟ ماذا عن سبِهم وتسفيهِ عقائدِهم علي المنابرِ؟ ماذا عن منعِهم من إقامةِ دورِ عباداتِهم؟ ماذا عن عدمِ المساواةِ في التشريعاتِ بين حقِهم وحقِ المسلمين في إقامةِ دورِ العبادةِ؟ ماذا عن حرمانهم من دخولِ مدنٍ بذاتِها؟ آلا تندرجُ هذه الممارساتِ تحت مسمي ازدراءِ الأديانِ؟ وزراءُ خارجيةِ دولِ منظمةِ المؤتمرِ الإسلامي يبغبغون بكلامٍ، كعهدِ أنظمتِهم ومجتمعاتِهم، لم يعُد قابلاً للاستهلاكِ الإعلامي، خارجياً ومحلياً. ازدراءُ الأديانِ في مفهمِهم نامَ عمداً عن ازدرائه في مجتمعاتِهم، نهاراً وليلاً.


يعيبون غيرَهم وينامون عن خطاياهم، يوصون غيرَهم وينسون أنفسَهم، ما أكذبهم في مجتمعاتٍ لا تعرفُ الصراحةَ ولو ادعت التقوي والورعَ والفضيلةَ،،

ا.د.حسام محمود أحمد فهمي