اعتاد الخطاب العربي المعارض في ما مضى على توجيه التهم إلى الأنظمة والحكومات وتحميلها المسؤولية عن ضياع الكثير من الحقوق العربية، بالأخص منها، ضياع فلسطين و الأحواز و الاسكندرونة والجزر الإماراتية الثلاثة و سبتة و مليلة و الجولان،,,,,الخ، وكان هذا الخطاب هو السائد في أدبيات الحركة المعارضة سواء القومية منها أو الشيوعية أو الإسلامية. و إذا ما أراد كاتب أو حزب معارض ما أن يهاجم أياً من الأنظمة العربية لا يجد سوى موضوع ضياع هذه الأجزاء مدخلا لهجومه، و لم يكن لمسألة التنمية الاقتصادية أو مسألة الديمقراطية والتطوير العلمي موضعا من الأعراب في خطاب أولئك المعارضون، بل كان موضوع تحرير الأجزاء المغتصبة هي أم المواضيع لديهم.
وكانت الأحواز كجزء عربي مغتصب حاضرة بقوة في المهرجانات الخطابية وأدبيات حركة التحرر العربية وحركات المعارضة عامة، حتى جاء نظام ما يسمى بالجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي رفع شعار،تحرير القدس يمرعن طريق كربلاء، وتصدير مفاهيمه العقائدية الرجعية (نظرية ولاية الفقيه) تحت غطاء محاربة الاستكبار العالمي، عندها ابتهج الكثير من الشيوعيين و القوميون و الإسلاميين الطائفيين بهذا النظام وأصبحوا خمينيون أكثر من الخميني نفسه وذلك حين اعتقدوا أن هذه النظام هو الذي سوف يعيد لهم فلسطين والجولان وجنوب لبنان، بعد أن يسقط الأنظمة العربية (الرجعية) التي كانت تعارض تحرير الأراضي العربية المحتلة. لهذا بايع الكثير من ناصريو مصر و بعثيو سوريا و إسلامويو لبنان، و شيوعيو العراق و جهاديو فلسطين، نظام الخميني وناصروه في حربه على العراق القومي، الذي رفع هو الآخر شعار تحرير القدس يمر عبر تحرير عبادان، رداً على الشعار الإيراني المذكور, متناسين أن الذي يطالب بتحرير الجولان وجنوب لبنان وفلسطين (دون الاسكندرونة و سبتة و مليلة)، هو ذاته الذي يحتل الجزر الإماراتية الثلاثة و الأحواز، التي تبلغ مساحتها 159 ألف كيلومتر مربع ويبلغ تعداد نفوس شعبها أكثر من خمسة ملايين عربي و تؤمن تسعين في المائة من مصادر الدخل القومي لإيران. و الأنكى من ذلك فقد أصبح الذي يطلب بتحرير الأحواز و الجزر الإماراتية الثلاثة، ويعترض على التدخلات الإيرانية السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية و إثارتها للفتن الطائفية كما هو حاصل في العراق، في نظر هؤلاء التحرريون، رجعي و متأمرك و معادي لقضايا الأمة العربية.
أن ازدواجية المعايير التي تتبعها بعض الشخصيات والحركات،من إسلامية و قومية و يسارية مقلدة للولي الفقيه الإيراني ، والتي قد تسربت مع الأسف الشديد إلى بعض المنظمات القومية والوطنية العربية الشريفة، في محاولة إسقاط مصطلحاتها ورؤاها العقيمة على أدبيات و خطاب المنظمات العربية الأصيلة التي يشكل وجودها اليوم ضرورة لمحافظة على الروح الوطنية و القومية وتعطي الأمل للشارع العربي على أن الأمة ما تزال فيها من نخبها الخيرة الكثير الكثير ممن يحملون همومها و يحافظون على ثوابتها ويدافعون عن مصالحها، في زمن أصبح الدفاع عن العروبة ومبادئ القومية العربية يمثل تخلفاً عند مطايا الاستكبار ودعاة البيع بالجملة الذين أصبح شغلهم الشاغل هو ترويج المفاهيم والأفكار الأمريكية و الصهيو- صفوية تحت أغطية متنوعة و ألوان مختلفة.
ومن بين تلك المنظمات الذي نعتز بمواقفها الخيرة، المؤتمر القومي العربي الذي أكد ومازال يؤكد على مواقفه الداعمة للمقاومة العراقية واللبنانية والفلسطينية، واهتمامه بالقضايا التي تؤرق الشارع العربي، كالتنمية والحريات السياسية وحقوق الإنسان و الأمية و غيرها من القضايا الآخرة. إلا أن ذلك لا يمنع من أن نسجل عتبنا أولا على هذا المؤتمر الكريم، الذي تغافل وللأسف الشديد في بيانه الصادر عن اجتماعه الذي انعقد في المنامة مؤخراً من التطرق إلى القضية الأحوازية ومعانات الشعب الأحوازي من جراء الإجراءات التعسفية التي تمارسها سلطات الاغتصاب الفارسي، على الرغم من أن ميثاق المؤتمر قد نص على القضية الأحوازية بأنها قضية عربية وهذا بحد ذاته موقف قومي يشكر عليه lsquo;ولكن كان من الأجدر بقيادة المؤتمر أن تستجيب لدعوة الأعضاء الذين طالبوا بأدراج القضية الأحوازية في البيان الختامي وان لا تنساق وراء وجهات نظر بعض الطائفيين والشعوبيين الذين كانوا مشاركين في الاجتماع المذكور و أرادوا تغييب الأحواز عن المؤتمر بحجج واهية. فالأخوة قادة المؤتمر الذين لا نشك بعروبتهم و إخلاصهم للأمة وقضاياها المصيرية، كان عليهم أن يثبتوا للطائفيين والشعوبيين الذين تسللوا إلى المؤتمر القومي العربي بلابس القومية، أن النضال القومي لا يتجزأ، فبما أن الوطن واحد و الأمة واحدة فليكن موقفنا من قضايا هذه الأمة جميعها موقف موحد لا تجزئةً فيه. فمن يفرط بالأحواز لا نعتقد انه سيجد من يصدقه بأنه حريص على فلسطين، وهكذا بالنسبة لمن يشتم المقاومة في العراق ويصف عملياتها البطولية (بالإرهاب) لا يمكن تصديقه بأنه مؤيد للمقاومة اللبنانية أو غيرها.
ومن المؤسف أن بعض أصحاب هذه التناقضات قد تسلل إلى المؤتمر القومي ولكن نأمل أن لا يتحقق لهم ما يريدون. وهذا العتاب بالطبع لا يمنعنا من إبداء ثقتنا بالمؤتمر ولا يجعلنا ننسى الدور الذي لعبته الأمانة العامة وشخص أمينها العام في التدخل لدى السلطات الإيرانية لمنع تنفيذ الإعدام بحق خمسة من الأحوازيين كان قد حكم عليهم بالإعدام، وهذه من الأمور التي ربما غابت عن بعض الأخوة الأحوازيين الذين وجهوا عتبا ولوماً اخوي للمؤتمر القومي مؤخراً لعدم ذكره للأحواز في بيانه الختامي. مع علمنا أن الأحواز كانت حاضرة بقوة في النقاشات التي جرت داخل لجان وأروقة المؤتمر وقد تم تغيير كلمة عربستان (التي كانت مذكورة سابقا في ميثاق المؤتمر) إلى إمارة الأحواز العربية وهذا بحد ذاته إنجاز للقضية الأحوازية. ولعل غياب الصورة الحقيقة لدى الأخوة المشاركين بالمؤتمر لما جرى ويجري بالأحواز، ناجماً ربما عن غياب التمثيل المباشر للشعب العربي في الأحواز، بالمؤتمرات والندوات التي تهتم بالعمل العربي المشترك وأخص بالذكر مؤتمر القومي العربي . وبالمقابل أيضاء بما انه لم يكن هناك أي عضو أو مشارك احوازي في هذا المؤتمر فقد غابت الصورة الحقيقية عما جرى داخله من نقاش حول موضوع الأحواز.
لهذا نقول تحية للمؤتمر القومي العربي مع عتبنا عليه.

رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي