يبدو ان سياسة الفوضى اللاخلاقة وصناعة الازمات، اصبحت السياسة الوحيدة التي يجيدها وquot;يعرفهاquot;حاكم دمشق، يطبقها صباح مساء وعلى كل الصعد، لتبرير بقاء نظام حكم انتهت مدة صلاحيته منذ زمن، ولاثبات فلسفته المفلسة اصلا، والتي تقول بضرورة حاجة المنطقة وشعوبها لانظمة شمولية قوية قادرة على تأمين الاستقرار والحفاظ على السلم الاهلي.
الحملة التعريبية الجديدة التي تتعرض لها المناطق الكردية في شمال سوريا، تعتبر جزء من سياسة استخباراتية امنية منظمة، تهدف لاثارة الضغائن والعداوات والاحقاد بين العرب والكرد، من اجل تفتيت المجتمع السوري وتمزيقه، بعد ان افلح هذا النظام والى حد بعيد، في اتباع سياسة خارجية اقليمية هدامة في كل من العراق ولبنان ومؤخراً في غزة، والتوجه الاخير نحو الداخل السوري لتنفيذ سياسات مشابهة، وبرعاية مباشرة من رأس النظام وقيادته غير الحكيمة، يعكس مدى الاحباط والمعاناة التي يعاني منها مغتصبي قصر المهاجرين جراء سياساتهم البلهاء.
امر وزارة الزراعة المرقم 1682 الصادر بتوجيه مباشر من القيادة القطرية لحزب البعث السوري، باجراء عقود مع 151عائلة عربية، والتي سيتم بموجبها منح تلك العائلات القادمة من خارج المنطقة، ارض زراعية خصبة تعود ملكيتها اصلا لفلاحين كرد تم مصادرتها في الستينات من القرن الماضي دون وجه حق، هو امر وقرار غير شرعي صادر من نظام غير شرعي واجراء عنصري فظ بحق السكان الكرد.
امعان النظام السوري في الاستمرار بنهج سياساته العنصرية، وتفعيل حزام عربي جديد في المناطق الكردية، يعيد الى الاذهان الحزام العربي القديم السيئ الصيت، ويضع الحركة السياسية الكردية بشكل خاص والمعارضة السورية بشكل عام، امام استحقاقات وطنية وانسانية في الوقت نفسه، الاستحقاق الاول والعاجل باعتقادي هو تفويت الفرصة على النظام السوري باحباط خططه الهادفة لضرب الوحدة الوطنية السورية وتشتيتها، ووضع حد لسياسة اثارة النعرات المفتتة للنسيج الوطني السوري، اما الاستحقاق الثاني غير العاجل والمؤجل والذي يحتاج الى جهود مشتركة من جميع القوى الحريصة على وحدة المجتمع السوري، يتطلب محو كل اثار الحزام العربي السيئ الصيت واعادة الحقوق لاصحابها، بما فيها عودة المستقدمين الى اماكنهم الاصلية، وفي هذا الصدد يؤخذ على الحركة السياسية الكردية عدم تحديد موقفها الواضح والصريح من وضع الفلاحين المستقدمين منذ منتصف السبعينات الى المنطقة الكردية، وهل هي مع بقائهم quot;كأمر واقعquot; او اعادتهم الى مناطقهم الاصلية؟
الحزام العربي بشقيه القديم والجديد، يضع المعارضة السورية امام اختبار حقيقي، فمن خلال المواقف التي ستتخذها فصائل المعارضة السورية المختلفة، سيتبين مدى استجابة تلك القوى لقضية حساسة جداً مثل قضية التعريب، ومدى دورها في وقف عمليات التعريب باعتبارها قضية وطنية لاتقل شأناً من القضايا الاخرى.
قبل ثلاثة عقود وبالتحديد في عام 1974 وبناءاً على توصيات رئيس شعبة الامن السياسي في محافظة الحسكة حينها، الملازم اول محمد طلب هلال، وتنفيذاً لقرار القيادة القطرية لحزب البعث المرقم 521، تم بناء 41 مجمع سكني في المناطق الكردية لفلاحين عرب استقدموا من محافظتي الرقة وحلب، والاخيرة تبعد حوالي 400 كيلومتر تقريباً، واليوم يعيد حزب البعث الكرة مرة اخرى، ليقوم بحملة تعريب جديدة، ليس فقط بدوافع شوفينية وعنصرية وحسب، بل بسبب ادراك النظام ان المنطقة الكردية اصبحت تشكل قلعة حصينة للمعارضة السورية ومصدر قلق حقيقي للنظام السوري ووجوده، وانتفاضة اذار 2004 مازالت تقض مضجع البعثيين ورجالات النظام السوري واستخباراته.
ما اقدم ويقدم عليه حزب البعث السوري يشبه تماماً ما فعله حزب البعث العراقي البائد في الطرف الاخر من الحدود، ونهاية البعث العراقي اصبحت معروفة للجميع، فهل ياترى سيتشابه الحزبين البعث السوري والبعث العراقي في المصير، كما يتشابهان بالافعال وبئس الاعمال؟
درويش محمى
كاتب سوري
[email protected]
التعليقات