موسمُ حفلاتِ التخرجِ، الكلياتُ العسكريةُ تتباهي بما قدمَه خريجوها من عروضٍ ملونةٍ صارخةٍ مزمجرةٍ، خُطَبٌ حماسيةٌ، أمام المسئولين والإعلام. العروضُ العسكريةُ لإثبات القوةِ والاستعدادِ، لغةُ أنظمةِ المنطقةِ، مفهومٌ من الضروري التوقفُ عنده، مراجعتُه. حزبُ اللهِ بأعلامِه الصفراءِ، حماسُ بأعلامِها الخضراءِ، إيران بصراخِ قادتِها، ما أكثر ما استعرض صدام ومن قبله عبد الناصر، ما أكثر ما وقف القذافي أمام جنودٍ يقفزون صائحين.


ثم ماذا؟ اندحارٌ، انسحابٌ، هزائمٌ، لم تتغير لغةُ العروضِ العسكريةِ، مازالت واجهةً بلا مسمي، الأوضاعُ الداخليةُ تؤكد علي خللٍ سياسيٍ واقتصاديٍ واجتماعيٍ ينخرُ في المجتمعاتِ، يُزيدُ من هشاشتِها، من تفككِها، يوماً بعد يومٍ، يؤكدُ علي انعدامِ مناعتِها. ديكتاتوريةٌ خانقةٌ علي كراسي الحكمِ والمعارضةِ، يختلفون في كل شئ إلا في وجوبِها. اقتصاداتٌ طفيليةٌ مُستهلِكةٌ، بلا صناعةٍ ولا زراعةٍ، مرافقُ متهالكةُ، مياهٌ شحيحةٌ. تفاوتٌ اجتماعيٌ بشعٌ، طبقيةٌ، تمييزٌ، إيمانٌ بالخرافاتِ، إلغاءٌ للعقلِِ، هجرٌ للتفكيرِ، احتماءٌ بماضٍ إخفاقاتُه فاقَت إسهاماتِه.


عروضٌ عسكريةٌ، لمن، هل خافَ منها المتربصون؟ هل ارتعدوا؟ مستحيلٌ، يفهمون جميعاً واقعَ تلك المجتمعاتِ والأنظمةِ والمعارضين، يستخفون بها، هي إذن للسوقِ المحلي، توسلٌ لشرعيةٍ ضائعةٍ إلي الأبدِ، لمصداقيةٍ لن تعود. السياسةُ العالميةُ لا مكانَ فيها لمن يستعرضون في كلِ مناسبةٍ، كوبري، طريقٌ، حضانةٌ، مخبزٌ، لمن يخاطبون مواطنيهم بلغةٍ أخري، غليظةٍ، قاسيةٍ، لمن يسرقون حقَهم في الفرصِ المتساويةِ والتعبيرِ.


في عالمِ اليومِ تقلَصَت لغةُ العروضِ العسكريةِ، مكانُها صورُ المتاحفِ، من تتباهي أنظمةُ العروضِِ الملونةِ ومعارضوها بالتهجمِ عليهم يعملون بجدٍ وتعبٍ، بلا مللٍ، بإخلاصٍ، يُسهمون في تقدمِ البشريةِ، انجازاتُهم للحضارةِ الإنسانيةِ يستحيلُ إغفالُها، بلا صراخٍ ولا ضجيجٍ، بلا كذبٍ مزركشٍ أنيقٍ.
كلُهم في المنطقةِ العربيةِ والإسلاميةِ سواءٌ، آيلون للسقوطِ في لحظةٍ، فاقدون لأسسِ الاستمرارِ، لأسبابِه، مهما صرخوا في عروضٍ عسكريةٍ لا تُخيفُ ولا تُرهبُ ولا تُثبتُ إلا منتهي الضَعفِ والهلاميةِ،،

ا.د. حسام محمود أحمد فهمي