اكثر من 27 سنة مرت على هجرتى الى استراليا ومع هذا لم ينقطع تفكيرى فى مصر وطنا الام الغالى.. ولم يفتر حبى لارضها العزيزة المقدسة التى تحوى قبر ابى واخى واجدادى وذكريات طفولتى فى حى الشرابية..رغم كل هذة السنوات الطويلة لا زلت استمع الى عبد الحليم حافظ وام كلثوم وعبد الوهاب وفريد الاطرش.. ولا زلت اقرأ يوميا الصحف المصرية واتابع بصفة منتظمة اخبارها.

ولا ابالغ اذا قلت اننى كثيرا ما اشعر ان الزمن قد توقف عند تلك اللحظات المؤلمة التى ودعت فيها اهلى واصدقائى فى مطار القاهرة ( عام 1980 ) وسرت والدموع تملا عينى فى اتجاة الطائرة التى نقلتنى الى استراليا.. هذة اللحظات القاسية الى لا يعرف مدى قسوتها الا المتغربين والمهاجرين فى الخارج لا زالت عالقة فى ذهنى حتى الان كما لو انها حدثت منذ لحظات قليلة.

ولازلت اتذكر دموع المرحومة امى قبل صعودى الى الطائرة وهى تتوسل الى وتطلب منى عدم الرحيل.. اذكر يومها قالت لى يابنى لية سايب بلدك.. مصر بلدك عيزاك يابنى انت والشباب اللى زيك.

رددت عليها وقلت ياامى متخفيش ها ارجع لها تانى. وطبعا عندما وعدت امى يومها بالعودة الى بلدى لم يكن يخطر على بالى اننى سوف اقضى كل هذة السنوات الطويلة ولازلت حتى الان متغربا بعيدا عن الوطن الام.. لقد كنت اعتقد اننى سوف امضى حمسة او عشر سنوات فى استراليا لتحسين وضعى المالى ثم اقوم بالعودة الى مصر وعمل مشروع صغير بدلا من الوظيفة الحكومية والاستقرار فى مدينة بورسعيد التى عملت فى احدى مستشفياتها قبل هجرتى..او الاستقرار فى مدينة الاسكندرية المطلة على البحر المتوسط والتى تشرفت بالزواج من احدى فتياتها منذ 18 عاما وعشت على ارضها اجمل ايام العمر.

لقد زرت مصر خمس مرات منذ مجيىء الى هنا ولكن لاسف لا يبدوا ان هناك بارقة امل فى الوقت الراهن لعودتى بصفة نهائية انا والوف غيرى للمساهمة ومشاركة كل واحد منا حسب امكانياتة المالية وقدراتة العلمية فى اعادة بناءها فى ظل المناخ العام المتعصب المتزمت المنفر لكل شىء والذى يقودة التيار المتأسلم المتشدد والذى يسعى للوصول الى الحكم لتدمير كل ما هو جميل على ارض مصر الطيبة وقتل اى امل فى مستقبل وحياة افضل للاجيال القادمة...

لعلنا نامل ان ياتى اليوم الذى نرى فية نهاية التعصب والتطرف الدينى من على ارض مصر قريبا..وايضا اليوم الذى نسمع فية القائمين على نظام الحكم فى مصر ينادون ويدعون المصريين فى المهجر والخارج للعودة الى احضان وطنهم الام مرة اخرى للمشاركة الجادة فى مواصلة بناءة اقتصاديا وسياسيا بدلا من توجية الاتهامات الباطلة الصبيانية لهم بالعمالة والخيانة من خلال ما يكتبة بعض كتاب السلطة فى وسائل الاعلام الحكومية وغير الحكومية. ترى هل انا احلم ام متفائل اكثر من الازم؟؟

على اى حال سوف اظل مثل غيرى من المهاجرين المصريين اعيش على ذكريات ايام وسنوات العمر الجميلة التى امضيتها فى مصر قبل هجرتى حتى ياتى اليوم التى تسمح فية السماء والظروف بالعودة ثانية وعدم الرحيل مرة اخرى..

صبحى فؤاد

استراليا

[email protected]