عنوان المقال مُستعار من كلمة العميد البحري (مارك فوكس) المتحدث بأسم الجيش الأمريكي في العراق:
(( إن الحل الحاسم من وجهة نظرنا هو بالتأكد من أن مصدر هذه الأسلحة يمكن ضبطه وتجفيفه، وأنه يمكن أن تكون هناك سياسة الجار الصالح )).


والجار الصالح هنا إيران، تصريح فوكس هذا جاء بمناسبة المحادثات الأمريكية-الإيرانية والتي من المفترض أن تُعقد الثلاثاء في بغداد بين الجانبين.
المطالب الأمريكية واضحة وتتركز حول مطالبة إيران بالتوقف عن quot;تسريب السلاح والمعدات العسكريةquot; للمليشيات التي تقول واشنطن إنها تقاتل القوات الأمريكية والبريطانية في العراق بالنيابة.
أما إيران التي تنفي تلك الإتهامات، فتلقي بالائمة على الإحتلال الأمريكي للعراق، وتُحدد مطالبها بجدولة الإنسحاب الأمريكي من العراق.


لو قذفنا بهاجس التدخل الإيراني في العراق بعيداً، وأنهينا أسطورة تصدير الثورة الإيرانية إلى الخارج، وقفزنا فوق المذهبية والطائفية التي يحاول البعض تأجيجها بين الفينة والأخرى، ووضعنا حقائق الجغرافيا والتأريخ والقواسم المشتركة الأخرى التي تربط بين العراق وإيران صوب أعيننا، وتم استنساخ تجارب قديمة، وتطويع اللحظة التأريخية، والاستفادة من كل ذلك، عندها يمكن لإيران أن تلعب دور quot;الجار الصالحquot;، ولكن يبقى عليها أن تفكر ملياً في كيفية تحقيق المتطلبات الضرورية للايفاء بذلك، وأن تتراجع عن سياسة دعم الأحزاب والمليشيات في العراق وفي لبنان وفلسطين، وقد يكون من المفيد جداً الوقوف عند هذه النقطة، وطرح الأسئلة التالية: هل الوضع الإقتصادي السيء والسياسي المتخبط في إيران يسمحان بالمضي قدماً في سياسة السخاء تلك؟ وما هي المنافع التي ستحصل عليها إيران من وراء ذلك؟


في السياق يذكر الرئيس السابق للبرلمان الإيراني (مهدى كروبي): ان هناك اختلافات بين الإيرانيين حول الدعم المالي المقدم لحزب الله ولحركة حماس ولغيرهما.


أمام إيران مهمة مزدوجة تتلخص في حماية مصالحها من الاستهداف الأمريكي، والحفاظ على علاقتها بدول المنطقة. فكيف يمكن أن تواجه إيران كل تلك المهام وهي مازالت تبحث عن موطىء قدم لها في العراق وفي لبنان وغيرها من المناطق العربية المضطربة؟!


إستغلال الفرص قد يكون نافعاً إلى أبعد الحدود، في حين يبدو من الغباء المراهنة على مقولة أن حرب العراق تقسم الأميركيين، ربما يكون ذلك صحيحاً، ولكن الأكثر صحة هو مايتردد حالياً داخل الأوساط الأمريكية من أن الخوف من خطر إيران كدولة نووية يبدو أخطر بكثير من أي شيء آخر.


بالتأكيد أن في مباحثات إيران الحالية مع الولايات المتحدة فرصة لاتعوض؛ فواشنطن التي تنتهج سياسة quot;القفازات الناعمةquot; في تعاملها مع طهران؛ تبحث عن أرضية مشتركة تجمعها بطهران؛ وقد تفتح باباً لإعادة العلاقات بينهما والتي انقطعت بُعيد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979؛ وقد يمهد ذلك كله لإيجاد مخرج للأزمة العراقية الحالية؛ وبالتالي تكون المنفعة من تلك المحادثات مشتركة بين الأطراف الثلاثة( العراق، إيران، أمريكا)؛ الأمر الذي قد يساهم في إنعاش فرص فرض الاستقرار في المنطقة برمتها؛ والإبتعاد عن سياسة السير على حبل مشدود.

معد الشمري

[email protected]