استضافة جريدة الوطن السعودية لكل من السيدين عبد الحليم خدام وعلي صدرالدين البيانوني، واستضافة قناةquot;العربيةquot;السعودية بدورها للسيد مأمون الحمصي، وحلوله ضيفاً على الاعلامية القديرة جيزيل الخوري، ليتحدث للجمهور السوري والعربي على مدى ساعة كاملة عن معاناة المواطن والمعارض السوري، تعتبر بادرة متقدمة غير مسبوقة من الطرف السعودي، ورداً قوياً على فاروق الشرع، تدحض مزاعمه وتصريحاته التي وصف فيها دور المملكة بالدور المشلول، وتقطع الشك باليقين على حقيقة الدور الفاعل والنشط جداً للمملكة، اعلامياً على الاقل.
الانفتاح الاخير لوسائل الاعلام السعودية على شخصيات هامة في صفوف المعارضة السورية، ربما يشكل نقطة تحول وبداية لسياسة سعودية جديدة تجاه الشعب السوري والمعارضة السورية، الذين هم بأمس الحاجة لدعم الشقيقة الكبرى، لتحقيق اهدافهم المشروعة والسلمية في اقامة الدولة المدنية ولاسقاط نظام الاستبداد المقيت الحاكم في دمشق، لكن المؤكد والثابت في هذا الانفتاح، انه يشكل ترجمة فورية للفقرة الخامسة من البيان الذي صدر عن المصدر المسؤول في الحكومة السعودية عقب تصريحات فاروق الشرع التي نصت علىquot;ان الاخوة بين الشعبين السقيقين السوري والسعودي اخوة حقيقية صمدت عبر مختلف المحن والازمات وتجلت في بقاء القوات السعودية سنوات في الجولان تشارك في شرف الدفاع عن سورية وفي مساهمة القوات السورية الباسلة في تحرير الكويت وهذه الاخوة التي يحرص عليها كل مواطن سوري وكل مواطن سعودي تبقى باذن الله وتقوى رغم الاصوات المنكرة التي ستذهب ويذهب اصحابها ادراج الرياحquot;.
الخلاف السوري السعودي لايقتصر على تصريحات فاروق الشرع المضللة، ومسألة اي من البلدين دوره مشلول او فاعل، والحقيقة ان لكلا الطرفين دوره الفاعل والمؤثر، المشكلة تكمن في طبيعة الدور الذي يقوم به هذا البلد او ذاك، ولا يخفى على احد الدور البناء للمملكة السعودية مقابل الدور التخريبي للنظام السوري، كما ان الخلاف الحاصل اليوم بين البلدين ليس الا محصلة طبيعية للفرز الحاصل على الخارطة الاقليمية، النظام السوري والنظام الايراني وحلفائهم من الجماعات المتطرفة من جهة، والمملكة السعودية وحلفائها من العقلانيين المعتدليين من جهة اخرى، سوريا بدورها تحاول زرع الفتن وافتعال القلاقل والازمات في كل من العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية للتهرب من استحقاقات باتت معروفة للجميع، اما المملكة فعلى العكس تماماً تحاول جاهدة وكما هو معهود عنها، عمل كل ما في وسعها لحلحلة الازمات التي تنفجر هنا وهناك حرصاً منها على الاستقرار، الخلاف باختصار هو بسبب التناقض الحاد في سياسة البلدين السوري والسعودي بشأن عدة قضايا تواجهها المنطقة، وهذا الخلاف مرشح للتصعيد اكثر مع اقتراب القضية المصيرية بالنسبة للنظام السوري الا وهي قضية المحكمة الدولية الخاصة باغتبال الرئيس رفيق الحريري.
صحيفة عكاظ السعودية كانت محقة في وصفها للنظام السوري بـ quot;نظام التصفيات والمذابحquot;، وتلك المذابح والتصفيات جرت في سوريا كما جرت في لبنان، والمملكة السعودية وقفت بقوة الى جانب الشعب اللبناني للتخلص من استبداد وظلم وفساد النظام السوري، فهل تفعلها المملكة وتقف الى جانب الشعب السوري الاكثر عدداً والاكثر حاجة للتخلص من نفس الافة المزمنة؟
كاتب سوري
[email protected]