الكلمه هي وحدة الأساس لكل لغات العالم وهي الإسم والفعل والحرف وكذلك هي الجمله وأبعاض الجمله والكلام بأكمله.. ففي القرآن نجد الإشاره إلى جميع هذه الأشكال والتعبير عنها بطرق مختلفه بعنوان ( كلمه ).. فقد وصف الحق القرآن بأكمله بأنه كلمه في قوله ( وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاًلامبدل لكلماته وهو السميع العليم ) الأنعام 115.

ووصف القطعه من الجمله بأنها كلمه كما في قوله ( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ** مالهم به من علم ولالآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) الكهف 4 - 5.... فقولهم ( إتخذ الله ولدا ) أطلق عليه القرآن كلمه.. وبالطبع ينطوي تحت ذلك كلام كثير. وكذلك قوله ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ** لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) المؤمنون 99 -100.. فعد كل ما تقدم كلمه كوصف العرب في قولهم كلمة زهير ويقصدون معلقته وكقولك زيد يلقي كلمه.. وذكر الفخر الرازي في تفسيره.. التفسير الكبير ( مفاتيح الغيب ) نقلاً عن أهل اللغه المشتقات التي لها صله في الكلمه فقال الكلمه تدل على القوه هي ومقلوباتها مثل الملك بفتح الميم وكسر اللام والملك بفتحهما والملك بضم الميم وسكون اللام كلها مصدر قوه وكذلك اللكم أي الضرب على الوجه للخصم والكلم أي موضع الجرح والكامل أقوى من الناقص ثم إنتقل إلى القول فقال القول يدل على السرعه والعرب تطلق على الطائش قلولي واللقوه هي الناقه سريعة اللقاح وكذلك ذكر العباره فقال العباره ومقلوباتها تعني الإنتقال كقولنا عبور الشارع أي الإنتقال إلى الجنب الآخر والعبره بفتح العين هي ماينتقل من العين على الخد والعبره بكسر العين هي حاله إنتقاليه من مرحلة خطره إلى أخرى أكثر حذرا والتعبير هو نقل الكلام من الفكر إلى الخارج والرعب هو إنتقال من الطمأنينه إلى الخوف.. إنتهى كلامه بتصرف.. والقرآن يؤكد ما ذهب إليه الفخر الرازي حيث عبر عن الكلمه بمعنى القوه في قوله ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) النساء 171... أي حصول الفعل بالقوه وهذا أحد وجوه التفسير.. وجاء القول بمعنى السرعه في قوله ( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ق 18... وكذلك قوله ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس 82... وقوله ( يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ) يوسف 43.. أي تنقلون الرؤيا إلى الواقع.....

من بعد هذه المقدمه أريد أن أتناول الكلمه القرآنيه بإسلوب يناسب العصر ويكون مفهوماً لدى مختلف المستويات ويغنيك عن مراجعة المطولات فالقرآن الكريم نزل على غرار ما هو مألوف عند العرب وما يناسب صناعتهم فقد كان للعرب ديوان الشعر فعلى غراره نزل القرآن الكريم ويتكون الديوان من القصائد وفي القرآن السور والقصيده تتألف من أبيات وهنا الآيات ويطلق على نهاية الأبيات قوافي أما نهاية الآيات فتسمى الفواصل.. وكما هو معروف القرآن الكريم فيه الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والعام والخاص والمطلق والمقيدوما حذف في موضع تجده في مكان آخر إذاً من الصعب على إنسان ليس له نصيب في الخوض في علوم القرآن وتفسيره والغوص في أعماق مطولات التفسير أن ينسب إلى القرآن التناقض أو التقصير في مادة من مواده فلغة القرآن وكلماته موجهه للإنسان الذي يستعمل المفرده المألوفه لديه لذلك القرآن لم يأتي بشيء غريب عن كلام العرب بل جاء بنفس الكلام الذي هو سائر عندهم ولكن بتركيبه قرآنيه تفوق الشعر والنثر بلاغة وفصاحه إضافة إلى ذلك إن كلام البشر محدود بالزمان الذي يعيشه أو ما وصل إليه من رحمة التاريخ وقوله لا يصلح لزمن طويل وقد فضح الزمن شعراء كبار حيث إن أقوالهم أصبحت شيئاً من الماضي لدى الأجيال اللاحقه فأنت الآن عندما تقرأ لشاعر يرشدك على الصعود بالدرج العادي يتبادر إلى ذهنك المصعد الكهربائي الحديث وكيف تتقبله إذا جعل واسطة النقل لذيك الحصان أو الجمل وأنت في زمن مختلف عما يقوله لذلك يظهر الفرق بين كلامهم وبين ما جاء به القرآن فمصطلحات القرآن تناسب كل العصور فالكلمه القرآنيه تفسر بطرق مختلفه في زمن التنزيل وكذلك تفسر بطريقة أخرى في الأزمنه اللاحقه علماً إن اللفظ هو نفسه وعلى سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ) يس 80...

كيف يتناسب الشجر الأخضر مع الوقود أليس من الأفضل أن يقول القرآن ( الشجر اليابس ) هكذا يتبادر للأذهان الساذجه..

ولو دققت في كلمة ( الأخضر ) لوجدت إنه لا تصلح كلمه في هذا الموضع إلا هذه الكلمه لماذا؟ لأنه في زمن التنزيل فسروها بأن تقطع الأشجار وتترك حتى تجف ثم تحرق لتكون وقوداً إذاًهذا تفسيرهم صحيح ويناسب عصرهم والقرآن أعطاهم ما هو مناسب لوقتهم الذي يعيشون فيه... أما بعد مرور قرون أخرى إكتشف الإنسان إن الشجر الأخضر بكمياته الكبيره يندثر تحت الأرض بسبب التغيرات الطارئه من عواصف وإعصارات مكوناً النفط والنفط نوعان نباتي وحيواني إذاً الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً هو عن طريق النفط فإذا أنتم منه توقدون وهذا التفسير قد ناسب أجيال عاشت بعد فترة التنزيل ثم جاء الزمن الذي نعيشه وقد مر عليك أثناء الدراسه إن الشجر الأخضر يقوم بعملية النتح ( الكلوروفيل ) التي يطرح من خلالها الأوكسجين وأنت خبير بأن الأوكسجين يساعد على الإشتعال إذاً بهذه العمليه حصلنا على النار وفي بعض الآيات نجد الشجر يلازم النار والنور كقوله ( يوقد من شجرة مباركه ) النور 35.. وقوله ( أفرأيتم النار التي تورون ** ءأنتم أنشئتم شجرتها أم نحن المنشئون ) الواقعه 71 - 72.. وكذلك قوله ( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ) الصافات 64....ترقبوا الجزء الثاني من.. رحله رمضانيه مع الكلمه القرآنيه..إنشاء الله تعالى...

عبد الله بدر إسكندر المالكي