وافق مجلس النواب التركي على التمديد لمذكرة الحرب وتخويل الجيش عاماً آخراً لشن عمليات عسكرية تطال داخل اقليم كردستان الجنوبية( كردستان العراق) لضرب مواقع ومقاتلي حزب العمال الكردستاني. وكان الجيش التركي، وقبل قرار مجلس النواب هذا، قد إستعد للتوغل في أراضي كردستان العراق وquot;توجيه عدة ضربات لقوات العمال الكردستانيquot;. قوات الجيش التركي المحتل، وعلى مدار الأشهر الأخيرة، نقل آلاف الجنود ومئات القطع الحربية للمناطق الحدودية. بدورها كانت قوات حماية الشعب( الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني) تراقب الإنتشار التركي، حيث قررت توجيه ضربة نوعيّة ومؤثرة لإحدى نقط الإنتشار في منطقة( Becirc;zelecirc;) اسفرت عن مقتل وجرح عشرات الجنود الأتراك.
مع مرور الذكرى العاشرة لبدء فصول المؤامرة الدولية التي طالت الزعيم الكردي عبدالله أوجلان وإنتهت بتسليمه للدولة التركية، ثمة بوادر حملة حرب جديدة تقودها الدولة التركية ضد الكرد وحركتهم التحررية. هذه الحملة تشارك فيها وسائل الإعلام التركية والتي إرتضت العمل لدى الجيش كملحق ينفذ كل أوامره وإملاءاته. الذين يسمون أنفسهم quot;صحفيينquot; وquot;إعلاميينquot; يزايدون على الجيش ويكتبون وينشرون مطالبين قوات بلادهم بquot;غزو شمال العراق وإحتلاله وتخريبه بشكل كاملquot;!. هؤلاء تحولوا إلى محللين عسكريين وراحوا يبررون هزيمة الجيش التركي في المواجهات الأخيرة مع القوات الكردية. راحوا يجترحون المسوغات وquot; الأسباب الموضوعيةquot; التي أدت إلى إلحاق ضربة ماحقة بالوحدة العسكرية التركية المتحصنة في نقطة( Becirc;zelecirc;) وللمرة الثالثة على التوالي. يقولون بquot;أن جغرافية الموقع والطبيعة المحيطة به هي السبب وراء تعرضه للهجوم للمرة الثالثة، لذلك لابد من نقله إلى مكان آخر أشد تحصيناًquot;. وهذا كلام مردود عليه طبعاً. الحقيقة تقول بأن المقاتلين الكرد قادرون على الضرب في أي مكان وتحت اي ظرف كان. لقد إكتسبوا خبرات كبيرة وتكتيكات جديدة تخولهم لشن هجمات منظمة صاعقة قادرة على إيقاع أفدح الخسائر بقوات العدو. الإعلام التركي يحاول التقليل من التحول النوعي في عمليات المقاتلين الكرد. ويأتي ذلك بأمر من الجيش وإشراف منه، وذلك في إطار الحرب النفسية الخاصة التي تٌشن على الشعب الكرد وحركته التحررية. لكن، إذما سلمنا جدلاً بصحة الإدعاءات في ان الموقع لم يكن محصناً بالقدر الكافي، فهل يمكن لهؤلاء أن يقدموا تفسيراً للهجوم الأخير الذي طالّ حافلة تقتل طلاباً ضباطاً في كلية الشرطة في مدينة دياربكر، والذي أسفر عن مقتل 11 منهم وجرح العشرات؟.
الرئيس العراقي جلال الطالباني وبعض المسؤولين في حكومة اقليم كردستان أدانوا العمليات العسكرية الأخيرة التي نفذها حزب العمال الكردستاني ضد الجيش التركي. والسؤال هنا: ألا يعلم السيد الطالباني والمسؤولون في الإقليم حقيقة الموقف ومن أجل ماذا يحارب حزب العمال الكردستاني؟. أولا يتذكر المسؤولون الكرد في كردستان الجنوبية تهديدات الجيش والحكومة التركيين ضدهم قبل عام من الآن، أي قبل التصويت على مذكرة الحرب الأولى؟. نحن نعلم بأن تركيا تهدد حكومة اقليم كردستان الآن وتخيرّها بين محاربة قوات حزب العمال الكردستاني أو الإصطدام مع الجيش التركي. لكن، ألا يعني هزيمة الجيش التركي وتلقيه ضربات ولعدة مرات على أيدي بضع مئات من مقاتلي العمال الكردستاني للمسؤولين الكرد الجنوبيين شيئاً؟. لماذا يخاف هؤلاء من الجيش التركي وهو الذي يتلقى الضربات كل يوم، وهو العاجز عن إلحاق الهزيمة ببضع مئات من المقاتلين الكرد؟.
تركيا تريد ضرب الكرد في كردستان الجنوبية بقوات العمال الكردستاني وخلق صراع كردي ـ كردي، وهذا هو هدفها الأول. لكن الهدف الثاني والأهم هو ضرب حكومة كردستان والنيل من إنجازاتها وابقاءها ضعيفة وبعيدة عن كركوك وثرواتها. ولايجب على قيادات كردستان ان تغتر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، فعلاقات تركيا والحكومة العراقية( السائرة في ركب سياسات الديكتاتور الآفل صدام حسين المعادية ضد الكرد) أقوى وأكثر تأثيراً من العلاقات الكردية مع واشنطن. على المسؤولين الكرد أن يعلموا هذه الحقيقة.
في دياربكر طالب مئات الآلاف من المواطنين الكرد الرئيس العراقي جلال الطالباني بعدم الرضوخ للتهديدات التركية والثبات في وجهها. هؤلاء قالوا بالفم المليان( يا مام جلال إنتبه!. إذا كان الأتراك يريدوننا على الغداء، فأنتم ستكونون عشاءهم)، وبين هؤلاء كان صوت البرلمانية ليلى زانا الأبرز والأكثر وضوحاً.
على حكومة كردستان ألا تثق بالمطلق بالولايات المتحدة الأميركية والا quot;تمضي لها على بياضquot; ودون مقابل. الأميركان سيبيعون الأكراد في أقرب بازار يربحون فيه بخساً قليلاً. على ابناء الشعب الكردي في كردستان الجنوبية مواجهة الجنود الأتراك بالحجارة ومنعهم من بناء مراكز ومواقع دائمة لهم على أراضي الأقليم. عليهم أن يعلموا بان هذه القواعد هي بقع إحتلالية موجهة ضدهم بالدرجة الأولى، وستستخدم لمنعهم من ضم كركوك وبقية المناطق الكردستانية للإقليم، إضافة لمتابعة الأنشطة التجسسية والتخريبية التي تقودها مخابرات الدولة التركية ( الميت) هناك.
على المسؤولين الكرد في كردستان الجنوبية قراءة الواقع بشكل إستراتيجي وعدم الوقوع في المطب التركي. الجيش التركي تأكد بأنه عاجز عن إلحاق الهزيمة بقوات العمال الكردستاني داخل وخارج تركيا، لذلك فهو يريد ضرب quot;البيشمركةquot; الجنوبية بقوات quot;الكريلاquot; التابعة للعمال الكردستاني، ومن ثم إضعاف الطرفين للإنقضاض عليهما فيما بعد...
ريشاد سورغول
* إعلامي ومعلق سياسي كردي
[email protected]
الترجمة من الكردية : طارق حمو
التعليقات