كلما أتتبع مسار الإتفاقية الأمنية المزمع إبرامها بين الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة الإحتلال الرابعة ببغداد ورأسها نوري المالكي رئيس وزراء الوضع العراقي الراهن تقفز ذاكرتي لزمن بعيد يمتد لأيام العام 1979 حينما بدأت محنة دبلوماسي السفارة الأمريكية في طهران وذلك في 4/11/1979 حيث أقتحمت مجاميع من الطلبة الإيرانيين الغاضبين مبنى السفارة في طهران وكانوا يسمون (الطلبة الملتزمون بخط الإمام الخميني ) وأحتجزوا أثنين وخمسين أمريكيا من العاملين في تلك السفارة، وأهتزت أمريكا في وقتها وكان على رأس إدارتها آنذاك الرئيس الديمقراطي (جيمي كارتر)،وبذلت الإدارة الأمريكية كل الوسائل والوساطات تراوحت بين دول قريبة لإيران ومنظمات دولية وإقليمية لإنهاء تلك المسألة ومن دون نتيجة تذكر حتى وصل الأمر بها لأن توسط في هذا المجال أشخاصا غير أمريكان لا يحملون أية صفة رسمية في بلدانهم وقتها كما حصل مع السيد محمد حسنين هيكل الصحفي المصري المعروف حيث اتصلت به الإدارة الأمريكية لبذل مسعى لدى إيران في هذا المجال..
وفي مسعى يائس لتلك الإدارة وهي في سنة الإنتخابات الرئاسية العام 1980 حيث جدد الديمقراطيون ترشيح الرئيس ( جيمي كارتر) لرئاسة ثانية بينما أختار الجمهوريون (رونالد ريغان) حاكم ولاية كاليفورنيا لخوض تلك الإنتخابات في يوم الثلاثاء 4/11/1980، أقدمت إدارة كارتر على عملية عسكرية داخل إيران أسموها ( مخلب النسر) وذلك من أجل تحرير الرهائن الأمريكان وكانت تلك العملية التي نفذت في 24/4/1980 في صحراء طبس الواقعة في الهضبة الإيرانية الى الجنوب الشرقي من العاصمة طهران، من أفشل العمليات العسكرية حيث خسرت فيها أمريكا هيبتها وسمعتها مع تحطم طائرتين من طائرات الغزو على الأرض الإيرانية ومصرع ثمانية عسكريين من قوات الغزو وأنتهت تلك العملية المخزية بأن أنكفأت قوات العدوان راجعة الى سفنها الحربية وقواعدها في الخليج العربي، وقد وصل رد الفعل الإيراني الى درجة الهياج وأعطت نتائج تلك العملية دعما هائلا للوضع الإيراني الجديد بقيادة آية الله الخميني،وهنا دخل العناد الإيراني الحلبة السياسية المصمم بأن لا يعطى الرئيس كارتر أي مجال لتسجيل نقاط إيجابية لصالح تجديد الرئاسة له في إنتخابات نوفمبر الأمريكية 1980،وهكذا حصل حيث فاز (رونالد ريغان) بالرئاسة وألتقت إيران مع أمريكا من خلال وساطة جزائرية ووقعت إتفاقا في 19/1/1981 يقضي بإنهاء حجز الرهائن الأمريكان بطهران وقد أطلق سراحهم يوم تولي ريغان المسؤولية في البيت الأبيض يوم 20/1/1981، حيث كلف ريغان سلفه كارتر بالذهاب الى ألمانيا (الغربية) كممثل شخصي له لإستقبال الرهائن المحررين..
تلك صورة من الزمن الماضي وتعيدنا اليوم الى الحاضر المعاش، حيث أن إيران ومن خلال نفوذها وعملائها في الحكم ببغداد تعتبر الإدارة الأمريكية الحالية رهينة لديها لذا فإنها وعلى ما يبدو قد قررت بأن لا تعطي أي مجال لتسجيل نقاط لصالح (جون مكين) المرشح الجمهوري وخليفة (جورج بوش) وحتى لو استفاد طرف المعادلة الآخر الديمقراطي (باراك أوباما) لدحر مكين وزمرة البيت الأبيض الحاكمة حاليا..لذا فليس من المتوقع بأن يتم إعلان التوقيع على الإتفاق بين بوش وإدارته والمالكي وطاقمه قبل إنتهاء الإنتخابات الأمريكية المقبلة يوم الثلاثاء 4/11/2008،،
أما بالنسبة للشعب العراقي وقوى المقاومة الوطنية العراقية البالسلة فلن يثنيها عن نضالها من أجل الحق العراقي المشروع لا الإحتلال الأمريكي الغاشم وألاعيبه الغبية ولا الغدر الإيراني المستتر بالدين والطائفية الرذيلة..
اسماعيل القادري
لندن
التعليقات