1-
لابد لك أن تعيد الجملة مراراً وتكراراً quot;المشهد الثقافي السعوديquot; quot;المشهد الثقافي السعوديquot;!!، منطلقاً بخيال فكرك لفهم أطر هذا المشهد المهيب بأي اعتبار! يمكنك أيها القارئ أن تتملص من التمعّن في هذا الاعتبار إلى quot;الحفرquot; في جذور كلمة quot;ثقافة/مثقفquot;، والتي بدورها قد تحيلك إلى معنى quot;المعرفةquot;، لتصل للتفلسف والتمنطق ! فتكون كالمستجير من الرمضاء بالنارِّ، وفي ركن قصي من هذر هؤلاء المهووسين بالتعريف و quot;تحرير محل النزاعquot;، فإن الثقافة: حالة من المعرفة والإطلاع والتميز برساليّة quot;ماquot;، وتذرع بسلوكيات أخلاقية مؤطرة ! كما أنها انعكاس واعي لمنتجات المجتمع الناشئة في كنفه، والمؤثرات فيه تحريفاً و تجميلاً في آن ؛ ومن هنا نتساءل هل هناك مشهد ثقافي سعودي؟!

2-
المثقفون هم مجموعة من المتعلمين، تجمعهم شللية ونمطية، أو أيديولوجية و معارك شخصية، الثقافة لدى سوادهم أن يمنحهم الجمهور موضعاً يقيلون فيه،تغمرهم الهدأة، وينتشون خدراً،عوضا عن أن تكون حالة يشيعون النور من خلالها، وبدلاً من أن تكون الثقافة رسالة يحييون مبادئها تطبيقا وحياة، أمسَتْ صنما يسترزقون منه!

3-
مشهد:
مثقفٌ مفترض يقتبس نظرية quot;ابتكرهاquot; مثقف معتبر quot;غربيquot; وينقلها من ملف quot;الحضارة الغربيةquot; إلى quot;المنطقةquot; ويقوم بعملية=(لصق) لزمرة من الحالات التطبيقية في quot;منطقتهquot; على نظريته (المقتبسة) ؛ ليُكرّم في أرجاء إقليمه العظيم ! وهنا يهبّ أحدهم ممن يرون في مثقفنا المفترض أنه بغيض ومقيت ليبدأ في بناء مشروع في نقض النظرية quot;الملصوقةquot; وإفناء محاضراته الجامعية، و أحاديثه الجانبية في إثبات ضلال المثقف المفترض البغيض، وبهذا نكتشف المثقف الممتعض المفترض!
وللحق فإني لا أسلب مفعّلي النظريات و quot;قُصاصهاquot; من صفة الثقافة؛ لكن أن يكون هذا قصاراهم؟! ويح أكوام الورق في متكآتهم!

4-
لماذا المثقف في quot;المشهدquot; الذي نتحدث عنه مرتزق ومستفز؟
إنه يذكرنا بالإنسان الأول البدائي والبسيط (غيور وجائع وانفعالي)، فمن الممكن أن يقتل رجل بدائي آخر لأنه لا يروق له، كما أنه سيفعل ما بوسعه من السطو والارتزاق والإرجاف،إنه ابن الصحراء، كالحرباء التي تتلون لتقتات فتات الأرض!
وهكذا يقتل quot;المتثقفquot; المتثقف البغيض أدبيا لأنه لا يروقه، ويتلون مابين الناصرية والإسلامية وquot;الليبروخنفشاريةquot;.

الأخ المتثقف السعودي عميق جداً في تحليل الظواهر الأدبية الحادثة خاصة تلك quot;النسائيةquot; منها، فتلقى جمهرتهم متكدّسون في مراجعة الجندر، والظاهرة النسوية، ونقد الروايات quot;العبيطةquot;، وكتابة المقدمات لروايات لا تقبل في مسابقات القصة quot;الرصينةquot;، يا للولع العميق يا سادة! أحدهم له سبعة كتب نقدية ndash; زعم ndash; خمسة منها في نقد الأدب النسائي، وهو بطبيعة الحال ليس تخصصه الدقيق، بله ونحن في بيئة quot;يمتهنquot; الرجل الكتابة فيها أكثر من المرأة.

5-
هل تساءلت أيها القارئ: كيف تكون متثقفا؟
المسألة جدُّ شكلية ويسيرة ؛عليك بالخطوات السبع لكي تكون متثقفا في 7 أيام:
1-نظارة مزخرفة حتى لو كنت جيّد النظر وتميلها كل أربع دقائق ونصف بيدك اليمنى!
2-اجعل quot;ياقةquot; ثوبك ضيقة جداً حتى تحمر أوداجك.
3-أرفع صوتك بكل جملة تحوي كلمة بلغة انجليزية مع غنةٍ خفيفةٍ وعلى الأخصّ المعربات مثل quot;انطلولوجيا، ميثيولوجيا، اركيولوجيا..quot;.
4-ابحث عن المتثقف الضحية، وبين عواره، فأنت وليس ثمة!
5-اضحك بالفصحى.
6-جهاز نقال عتيق.
7-تحدث قليلا عن عبقريات عدد من الرموز البعيدة (أموات في الغابرين أو من بلاد بعيدة).

ألا ينبغي للمثقف أن يكون فاعلاً و(منتجاً) مخلصاً لمعرفته، متودداً لمنهجه الذي ارتضاه، ثابتاً عليه مرناً في تحفيزه! ليس من الضروري أن يعرفنا بشهادته الجميلة في درجة الدكتوراه و سهره المضني في نيل quot;المعرفةquot;، وغسل الأطباق في مقهى فرنسي فقير، يا للحكايا التي لاكتْها الريح!


إذا امتلأت روح رجلٍ ثقافة ذلك الحين ينبض كــ quot;مثقفquot; لا دعيٍ متثقف! يملأ محيطه ضجيجا وغبشا! و هكذا ألمح وجه المشهد البهيج.


خالد بن ناصر
كاتب سعودي.
[email protected]