لو كنت مكان الحزب الكبير في ذلك البلد العربي لاستغنيت عن خدمات كل الصحفيين quot;الشتامينquot; الذين يقذفون الآخرين بالقاذورات بدعوى الدفاع عن الحزب!


فالأحزاب الكبيرة لا تهتم بسب ولعن المخالفين لها في الرأي وإنما تهتم بتفنيد الآراء المعارضة لإقناع المواطنين أو غالبيتهم بصحة سياساتها ومواقفها.
الأحزاب الكبيرة تهتم بكسب الأنصار خاصة إذا كانت مقبلة على مرحلة انتقالية فاصلة لا أن تخسر الأنصار بسبب طيش وحماقة بعض الصحفيين المحسوبين عليها!


الأحزاب المحترمة في الدول المحترمة تركز على إقناع الرأي العام في الداخل والخارج عبر حروب الأفكار وليس الحروب الشخصية!
لكن أن يتحول الصراع بين الحزب ndash;أي حزب- وخصومه إلى معارك شخصية يتم فيها توزيع التهم بالعمالة والخيانة وتلقي الأموال من الخارج فهذا لا يندرج تحت بند العمل السياسي أو الإعلامي وإنما هو أقرب إلى quot;خناقات الحواريquot; التي يمارسها خريجو السجون والخارجون على القانون!
خذ عندك ما تنشره صحيفة يومية كانت في الأصل مجلة أسبوعية كنموذج لفبركة الفضائح ضد خصوم الحزب من عينة ذلك الخبر الذي نشرته عن ضبط رئيس حزب معارض -80 سنة- أثناء محاولته التحرش بمراهقة -14 سنة- في نادي رياضي!!


ومقال آخر اتهم سياسية مرموقة بأنها كانت على علاقة مشبوهة مع بواب عمارتها والزبال لمجرد اهتمامها بالدفاع عن حقوق الإنسان!
هذا بالطبع ليس إعلاما ولا علاقة له بالعمل السياسي وإنما هو أقرب لفرش quot;الملاياتquot; الذي يقترن بمشاجرات النسوة معتادات الإجرام في الحارات الشعبية!!


وهي ممارسات لم تعد قاصرة على الصحف المحسوبة على الأحزاب الكبيرة فقط وإنما امتدت لبعض الصحف المحسوبة على المعارضة.. والتي تخصصت في توزيع الاتهامات عشوائيا على خلق الله وكأنها المحتكر الشرعي والأصيل والوحيد لصكوك الوطنية والإيمان!
خذ عندك نموذجا المقالات التي دبجها كاتب إسلامي كبير تحت عنوان ( لوبي إسرائيل) والتي اتهم فيها خصومه في الرأي بدون سند أو دليل بالعمالة للدولة العبرية، وهي تهمة تذكرنا بما تقوم به بعض الحكومات العربية التي تربطها علاقات خاصة مع واشنطن حين تتهم خصومها بأنهم عملاء لواشنطن!
وخذ عندك أيضا المقالات التي صاغها كاتب معارض جدا حول ثروات كبار المسئولين في دولة عربية لدرجة أننا تصورنا أنه صورهم متلبسين باستخدام الأقمار الصناعية!


بصراحة أصبح من الصعب الآن أن تجد صحفا حزبية محترمة وإنما صحف صفراء تفرش الملاءات لخصومها ولا أجدع راقصة درجة عاشرة!
كنا نتمنى أن نتابع في صحفنا الحزبية معارك بين الأفكار وليس الأشخاص هدفها المصلحة العامة. كنا وما زلنا نحلم أن نشهد مواجهات سياسية وليست شخصية حول كل ما يعود بالفائدة على الوطن والمواطنين!


لكن ما يحدث حولنا يجعلنا نشعر أننا وسط أتون معارك لا تنتهي بين أكلة لحوم البشر في عصور ما قبل التاريخ! فما تنشره بعض الصحف المحسوبة على الأحزاب يسيء إلى الأحزاب قبل أن يسيء لحفنة من الصحفيين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا كلاب صيد مسعورة!
الأحزاب الكبيرة يلزمها أقلام محترمة تروج لأفكارها وسياساتها وليس أقزام يقذفون الناس بالطوب وكأنهم مرتزقة خارجون عن قواعد الأخلاق والعرف والآداب العامة!


الأحزاب الكبيرة كما الدول الكبيرة تخسر الكثير بسبب هذه النوعية من الصحف وهذه الفصيلة من الصحفيين الذين يسيئون لأصحابهم أكثر من إساءتهم لخصومهم في الرأي. الذين يستعينون بالشتامين وقاذفي الأحجار ينسون أن هؤلاء كالدببة التي تقتل أصحابها بدعوى الدفاع عنهم!
نحن نحلم بمستقبل عربي ديمقراطي أكثر إشراقا...وهذا لن يتحقق في ظل صحافة البلطجة والسب والقذف والتبول الإرادي واللاإرادي على الآخرين!
الأحزاب الكبيرة لا تستعين بالخارجين على القانون!

عبد العزيز محمود
* كاتب وصحفي من مصر
[email protected]