لاشك أن أى كاتب إن كان يسعده تعقيب القراء على ما يسطره من فكر وآراء، وقد أسعدنى جدا ً كم النقاش الذى دار حول موضوع( الزوجة الثانية ما بين القبول والرفض ) ولكن.. بالمقابل ساءنى جدا ًما وجدت من تعقيبات بعض القراء والتى تعرضت إلى الآديان السماوية بل واساءت إليها، وهذا أمر مرفوض تماما ً وغير مقبول فالآديان السماوية لها إحترامها وقدسيتها ولايمكن بل يحرم المساس اللاأخلاقى بها، وكما ساءنى أيضا تبادل التنابز بالألفاظ النابية والسخرية بين البعض من المعلقين،

واشير هنا إلى أنه عندما يتحدث المرء عن موضوع ما ويدير دفة النقاش فيه لابد وأن يأخذ فى الإعتبار عدم المساس بالرموز الدينية أو المعتقدات الدينية للآخر، وإنما تكون المجادلة بالحسنى والبرهان وهذا سيكون بإذن الله تعالى أنفع وذات مردود ثقافى وعلمى وأدبى.الخ على المتلقى، فمتى نرتقى بالحوار فيما بيننا ونبتعد به عن الإسفاف ونتجنب الإنزلاق الى عتبات العصبية والقبلية والطائفية الدينية.؟

بعد المقدمة التى كان لابد منها لأهميتها وخطورة انتشارها بين أفراد المجتمع سواء على الشبكة العنكبوتية أو خارجها فهى بيننا مجرد آفواه مفتوحة فارغة ولكنها تتقيىء السم الزعاف،وهى فى كل الأحوال لا ترسل ولا يستقبل منها إلا ما يسوء من فكر واسلوب حوارى متدنى وثقافة مبتذلة..الخ،

ونأتى الى الحديث عن بعض التعليقات والتى قالت بجهل الكاتبة بما تكتب وتحريمها ما أحله الله آلا وهو التعدد،

بداية ليت من قال بذلك يراجع المقال بهدوء وفقط يقرأ خاتمة المقال وخاصة الكلمة التى أوجهها للمرأة، فإتجاهى فى كتابة الموضوع كان محايدا تماما فأنا أطرحه للنقاش مع بيان الثغرات أو وجهات النظر المختلفة والتى تتأرجح ما بين القول بالتعدد والقول بزوجة واحدة تكفى،

وأيضا ً من قال أننى مع تعدد الزوجات المطلق، والحقيقة أنا أعلنها صراحة أنا مع التعدد ولا أجد غضاضة فى ذلك ولكن بشرط تواجد السبب الذى من شأنه يستدعى ذلك التعدد وقد ذكرت سالفا ً من الأسباب الكثير،ولست مع ( الرجل المزواج ) وإنما مع إستيفاء شروط الله سبحانه وتعالى فى هذا الصدد.( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) النساء/3.
والعدل هنا المقصود به المادى أما المعنوى فهو خارج الإستطاعة ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء /129

ولكن رأى بعض الرجال أن الزواج الثانى كارثة ومقولة ( جوز الإتنين يا مدلع ) إنتهى عصرها تماماً، فما هو إلا مزيدا من الإلتزامات والصداع العائلى المزمن، فبعد شهر العسل الكل يتساوىوالطلبات لا تنتهى،والزوج سيجد نفسه مشدوداً من الجهتين مصاريف ومؤامرات وصداع بالجبهتين.. لن يتحمله..ولن يفيق منه إلا وهو فاقد جبهته ووجهته بالدنيا إلى الآخرة،وللأسف بعض الرجال يفضلون العلاقة العابرة الآن..والتى تكون بمثابة كوب من الماء المثلج فى يوم حار.. ( ولن يدوم الثلج ولا الحر).

.وليس الزواج هو مبتغاهم الحقيقى لآن الزواج على حد قولهم مشاكل جديدة وأعباء جديدة وستصير يوماً الزوجة الزوجة الثانية كالآولى،

سيدى..ليس سهلا ً أن تبنى بيتاً جديداً على أنقاض بيت كان لك العش والملجأ سنوات طويلة..
فلنكن فى روية من أمرنا بعض الشىء عند إتخاذ قرار الزوجة الثانية..وآلا يكون إلا إذا........ كان الزواج الثانى لظروف تقتضى معه ضرورة الإرتباط بآخرى

توقعت أيضا ً المعارضة من النساء على وجود (ضرة) لهن وما قد ينشأ عنه من ضررعائلى فى البيت الواحد خاصة إن إجتمعن فى بيت واحد، إلا أننى وجدت البعض منهن مسالمات مستسلمات، والتعليل لهذا السلوك، قالت إحداهن إن كان عمر قد قرر الزواج بالفعل فليكن بيدى لا بيد عمر، وبذلك تكسب الجولة من بدايتها بالضربة القاضية، وإن كيدهن لعظيم!!

وآخرى جعلت منه صدقة جارية على نساء المسلمين، وأرجأت الأمر إلى القليل من الدروشة وقد يكون هربا ً من وضع قيد التنفيذ إن أبت أو وافقت،

ثالثة اضحكتنى عندما قالت أهلا بها ثانية وثالثة وعاشرة فلن أخسر شيئا ً بل ستخفف عنى عبء المسئولية وهكذا سيكون الزوج بينهم يعمل بنظام (التشير تايم).!!

ووجدت من تقول فى لهجة صارمة فى حديث خاص وهل نُحرم ما أحله الله، بل هذا عصيان والعياذ بالله، ولكن الشرع قال أيضا ً بالعدل ولا أعتقد أن هناك من تزوج أكثر من زوجة وعدل بينهن؟؟ إلا من رحم ربى، خاصة فى ظل هذا الغلاء وإستحالة الحياة لأسرة واحدة فما بالك إن تعددت المصروفات وكثرت الآفواه المفتوحة والجيوب خاوية إلا من ستر الله؟؟،آليس هذا عصيانا ً أيضا ً أن تأتى بالجزء من شرع الله وهو التعدد ولا تحقق البقية آلا وهى العدالة؟؟إذن إن لم تستطع تنفيذ ما أمر الله به وفعلته فأنت أيضا ً فى معصية مع الله!!

بعض التعقيبات كانت ترفض التعدد وترحب بالعشيقة فيما بين السطور، تلمح بالخوف من شريكة تشاركها الزوج والمال والفراش..الخ، بل ترحب (بجنازته ولا جوازته)،وأتساءل وشاركونى التساؤل من فضلكم ماذا تريد المرأة؟
زوج متزوجاً لمرات ومرات قد لا تنتهى..أم تريد زوجاً خائناً؟

آيهما أرحم.. الطلاق أم الزواج بآخرى فى الحلال..أم علاقة غير شرعية ما دامت لن تمس بيتها ويبقى الزوج زوجها والميراث ميراثها وميراث أولادها ونزوة وتعدى بمرور الآيام..؟؟؟.....إن لم نرجع إلى الإسلام الحق سيكون فى إعتقادى........ أمر محير فعلا؟؟.

البعض أيضاً ودون أن يدرى أو ينتبه لخطورة ما يدعو إليه بأفضلية التعرف إلى إمرأة آخرى دون الخوض فى الزواج الثانى، يروج بذلك للزنا لا لشىء سوى آلا يكون للزوجة وليفة تقاسمها الزوج الشهريار.

سيدتى.لم َ لا تكونى لزوجك أنثى تجمع نساء العالم. وتجنبى قدر المستطاع هذا الزلزال المدمر لحياتك والذى سيفجر.. براكين وحمم من المشاكل أنتِ فى غنى عنها إن أبحرتى قليلا ً مع التيار..وتغافلتى كثيراً..فما هناك معصوم إلا الأنبياء..وقد مضى عصر الأنبياء..ونحن فى عصر إليسا وهيفاء..والفضائيات و..واوا الكليبات..

أيضا ً البعض نسى أو لم يضع نفسه مكان إمرأة مطلقة أو أرملة ولا تجد العائل لها أو من غفل عنها قطار الزواج ممن تريد أن تحيا حياة مستقرة وتسعى لتكوين أسرة وتتوق لسماع كلمة (ماما )تسعد أيامها من وليد لها، فى هذه الحالات يكون الزواج مرة آخرى نادرا ً خاصة إن كان هناك أطفال وإن كان للزوج ذكرى عطرة، فيكون لا مفر من لقب زوجة ثانية، ويغفلن أو يتغافلن عن أن الحياة الزوجية المستقرة فى رأيى المتواضع أبدا ً لا تكون هكذا على أنقاض حياة آخرى.،مع علمهن جميعا ً انها بدخولها حياة زوجة آخرى تكون مقتحمة لهذه الحياة وبالتالى قد تعيش حياة زوجية مهمشة وذلك فقط لإستبدال اللقب من عانس أو مطلقة إلى زوجة ولو ثانية،
أيضا ً بعض التعقيبات السامة جاءت تنادى بأن تكون المرأة مزواجة أيضاً أو وعاءا لأكثر من رجل فى وقت واحد ( شىء يثير الإشمئزاز ) وكنوع جديد أو معول جديد من معاول هدم المجتمع العربى الإسلامى المتخفى تحت عباءة إسترداد حقوق المرأة المهدرة فى العالم العربى وفى الإسلام، هؤلاء فى رأيهم ان كان الرجل قد أبيح له التعدد فلماذا لايكون للمرأة أيضا ً ذلك الحق؟ وأقول هذا ليس بجائز فى الإسلام ولا فى مصلحة المجتمع بل يحط من قدر المرأة ويقلل من شأنها وقد كرمها الإسلام وأعتقد الجميع سيوافقونى الرأى بسد هذه الأبواب الفاسدة المفسدة و التى تنذر بريح آتية عاتية ستحرق اليابسة ومن عليها، وقد قال العلم كلمته ( تعدد الإتصال بعدة رجال فى وقت واحد أو متقارب يؤدى إلى إختلاط الأنساب لتعدد مصادر الماء quot; المنىquot; فى المكان الواحد quot; رحم المرأةquot; ويؤدى للإصابة بسرطان الرحم وفساد النسل ) وبذلك أقر بإستحالة تعدد الأزواج للمرأة الواحدة،
هنا لا يسعنى سوى القول..لهؤلاء إن كنتم تريدون لنساء المسلمين ذلك الوضع المزرى، اسألكم هل فى الغرب - الذى تستقون أفكاركم المدمرة منه وتصدرون لنا الفاسد منها - توجد لديكم أماكن تخصص لراحة النساء الجنسية إن أردن ذلك مثلما توجد للرجال؟ أم إنكم تعتبرون ذلك امرا شاذا..فلماذا تصدرون لنا نفاياتكم وتحتفظون بالصالح ولنا الطالح؟
ولماذا تسعون فى دأب لا يتوقف ولا يصاب باليأس ولا الضمور لإفساد المجتمع من جذوره لماذا تبدأون بعمود البيت العربى الاسلامى؟؟

والغريب بل المضحك أن المرأةالألمانية طالبت بتعدد الزوجات عقب الحرب العالمية الثانية1945م، وفى 1948م كانت أحد المؤتمرات التى عقدت خصيصا لذلك فى ألمانيا توصى بإباحة تعدد الزوجات لتواجه مشكلة تفاقمت عقب الحرب بزيادة الإناث بأرقام تفوق بكثير أعداد الرجال الألمان،،

أيضاً، كتبت كاتبة إنجليزية فى عدد 10/8/1949
بجريدة لندن تريبون تقول quot;لقد كثرت الشاردات في بناتنا، وعم البلاء الدواء وإني كامرأة، انظر إليهن وقلبي ينفطر حسرة، وإن الدواء الشافي لذلك: أن يباح للرجل الزواج بأكثر من واحدة، فبذلك تصبح بناتنا ربات بيوت، وإن إرغام الرجل على الاكتفاء بواحدة جعل بناتنا شوارد، وسوف يتفاقم الشر إن لم يبح تعدد الزوجاتquot;
وهنا وقفة للتأمل، ان كان ذلك حدث فى الأربعينات فما بالكم ما الحال عندهم الآن؟

ونهاية ما قصدت من وراء مناقشة موضوع تعدد الزوجات الإعتراض على حكم شرعه الله تعالى ولكنها دعوة للمناقشة والتوضيح وإعمال العقل، فالأوامر الدينية لا تناقش كجزئيات ولكن ككل،فلا نأخذ بالبعض ونترك البعض، وليكن معلوم للجميع أن التعدد أباحه الله لنا ولم يلزمنا به، وإنه أحيانا يكون ضرورة لصيانة المجتمع من الإنحلال،فما علينا إلا أن نأخذ بما أبيح لنا من شرع الله أو لا نأخذ، فأصل التشريع الإباحة وليس الوجوب والفرق بينهما كبير،وللزوجة أيضا ًحق كفله لها الإسلام وهو وضع شروطها فى عقد الزواج ومنه الإشتراط بعدم الزواج من آخرى، فالكثيرات يفضلن البقاء مع الزوج على الطلاق لأسباب كثيرة ومتنوعة وكل حسب ظروفه، فقط العدل العدل العدل ولا شىء سواه.

نجوى عبد البر