في السابق وعندما كنت أذهب الى السوق أو السوبرماركت في الرياض، كنت أشاهد الكثير من الملصقات التي تعلن عن معلمين للرياضيات والعلوم والقواعد مع أرقام هواتفهم، حيث تزدهر لدينا تجارة الدروس الخصوصية،وترتفع أجور المدرسين وخاصة أيام الامتحانات الى أرقام فلكية،-ويقولون أن التعليم عندنا مجانيا !-

الآن لاحظت أن هذه الملصقات قلّت عن السابق وحل محلها سوق جديد ومعلنون جدد،فلا أذهب الى شارع أو مكتبة أو بقالة أو أي( جخر) دون أن تحاصرني ملصقات تعلن عن( مأذون أنكحة) مع رقم جواله، وأتصور أن هذه التجارة راجت مع رواج الفتاوى الحديثة التي أحلت أنواعا من الزواج لم نكن نسمع بها في السابق من مسيار ومصياف ومسفار ومحجاج -يقال أن هذه الأخيرة للمرأة التي تريد أن تحج وليس لديها محرم!

ببساطة :كل ما يحتاجه أي مراهق كي (يتأهل )هو مأذون أنكحة يدفع له أجرته وشاهدين ثم يصبح الحرام حلالا، وليذهب الى الجحيم كل ما ينتج عن مثل هذه الزيجات من أطفال يقذفون الى الحياة في الظلام، وقد لا يعترف بهم أحد.

والى جانب مآذين الأنكحة لم تقصر أيضارسائل الجوال والقنوات الفضائية، حيث تتربح بعض القنوات من رسائل طالبي الزواج لتنال البخت عبر التوفيق بين الرؤوس بالحلال،لتساهم بدورها في رفع نسبة الطلاق عبر الترويج لزيجات فاشلة والتشجيع على التعدد وبيع الوهم فتروج المرأة عن نفسها بأنها 'جميلة ودلوعة و....و...'في اعلانات تشبه الاعلانات التي كنت أقرأها في الصفحات الأخيرة في المجلات السياحية باللغة العربية في لندن،لتنحدر مثل هذه القنوات بعلاقة انسانية سامية الى هذا الدرك المخجل.

واذا كانت الزيجات السابقة تحدث داخل بلداننا، فان الأسوأ منها الفتاوى التي تشجع الطلبة المبتعثين الى الخارج على شيء اسمه (زواج بنية الطلاق )وهي فتوى تعطي الطالب المبتعث الضوء الأخضر لأن يتزوج وهو يضمر الطلاق دون أن يخبر زوجته بذلك حتى اذا انتهت دراسته طلقها وخطف منها أبناءها وعاد الى بلده، وكأن تهمة الارهاب لا تكفينا حتى نفتح على شبابنا جبهات حروب جديدة..

الأسرة هي من الأشياء القليلة التي يحق لنا أن نفاخر بها كعرب،لكن حتى هذه المؤسسة أصبحت اليوم على كف عفريت،فسهولة الزواج تعني سهولة الطلاق.

ريم الصالح


[email protected].