ليعذرني القاريء الكريم حين تصطدم عينه بكلمة ( السرسرية )! وهي تصف حال من يهيمن على الوضع الثقافي المنهار في العراق في زمن الطائفيين و الجواسيس و العملاء الذين تحولوا في واحدة من أكبر عمليات النصب التاريخي في تاريخ الشعوب لقادة و حكام يشار لهم بالبنان و يتابع أخبارهم ملوك الأنس و الجان!! لأنني بصراحة لم أجد كلمة مناسبة تلخص طبيعة الوضع العراقي سوى كلمة ( السرسرية ) المعروفة في المشرق العربي و الغامضة في المغرب و التي تعني هناك ( السلاكيط )!!

على كل حال و بعيدا عن التوصيفات الجاهزة أو الإغراق في عوالم الوصف، فإن ما حصل من تجاوزات فظيعة على الجسم الصحفي العراقي الحر في مدينة البصرة المنكوبة على هامش الدورة الأخيرة لمهرجان المربد الشعري الذي فقد معناه و بريقه الحقيقي في الإبداع و الخلق منذ أن هيمنت عصابات الفاشية الدينية و عمائم التخلف على الأوضاع العامة في البلاد بأسرها و على البصرة بصفة خاصة يعطينا دليل مضاعف لا يقبل الشك على طبيعة التدهور الثقافي المريع في بلد الثقافة العربية وهو العراق، فعصابات الحماية المكلفة بحراسة و حماية كبار الشخصيات التي لأحذية جنود الإحتلال الأمريكي الفضل الأول في وصولها لمناصبها الحالية كانت قد إعتدت بالضرب و الإهانة على مراسل راديو سوا الصحفي صفاء العيسى بطريقة مهينة و غير مقبولة و لا مبررة في أساليب تذكرنا بطرق التعامل الهمجية التي كانت تتصرف بها فرق حماية صدام البائد و زمرته من المتخلفين! ليثبت الواقع الميداني الجديد من أن شهاب الدين أضرط من أخيه!!

و إن كل ما تغير هو الأسماء و الوجوه و لربما بعض الإنتماءات و الواجهات الطائفية!! أما العقلية المتخلفة و الممارسة الفاشية و الأساليب العدوانية و الإستعلائية فهي نفسها إن لم تكن قد زادت سوءا على سوء بعد وصول زمر جديدة من الفاشيين و الطائفيين و المتخلفين لمناصب هي أكبر بكثير من كل مقاساتهم الضيقة، فحماية ما يسمى بالوكيل الأقدم لوزارة الثقافة المعدومة و المستباحة في العراق المدعو جابر الجابري و المعروف سابقا بأبي مدين الموسوي أيام المعارضة العراقية التعبانة في دمشق لم تكتف بضرب و إهانة الصحفيين البصريين بل مارسوا مع وكيلهم الأقدم العتيد سياسة الكذب و النفاق الصريح في ممارسات سلوكية مخجلة تعبر عن طبيعة الثقافة العراقية الجديدة التي تحولت من ثقافة البدلة الزيتونية و الجيش الشعبي و القائد الضرورة و الوشم على الجباه و جدع الأنوف و قطع الآذان الصدامية الفاشية البربرية المعروفة لثقافة اللطم و تقديس الأكفان و الموت المجاني و إشاعة التخلف الشامل عبر أساليب أهل العمائم السوداء و البيضاء المعروفة!

و بدلا من أن يعتذر الوكيل الأقدم العتيد و يقدم إستقالته من منصبة أو يعاقب عصابات حمايته أو يعترف بخطيئته فإنه أصر على الإنكار المريض بإعتباره من المستضعفين الذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا!! و حمل كل المسؤولية على المعتدى عليهم واصفا إياهم بالبعثيين!!

رغم أنه يعلم بأن جواسيس صدام ما زالوا في المنطقة الخضراء يتسنمون أعلى المناصب الرفيعة و الخطيرة في حكومة الطرطرة الطائفية المريضة..! و إياك أعني و أسمعي يا جارة!! لن ألوم الوكيل الأقدم أبدا لوزارة وزيرها ما زال هاربا من تهمة قتل أولاد أخونا الطيب مثال الآلوسي و هو الوزير و المؤذن السابق و ألإرهابي الهارب ( الرفيق المناضل أسعد الهاشمي )!!، فالإناء ينضح بما فيه! و ( دولة ) رئيس الوزراء نوري المالكي المشغول ( بقادسياته الجديدة و بصولا فرسانه و زئير أسوده و فحيح أفاعيه )!! لم يستطع الإنتصاف للثقافة العراقية و تعيين وزير مثقف حقيقي و مسؤول لمثل هذه الوزارة الحساسة و المهمة في الوضع العراقي المريض الراهن!! بل ترك المنصب شاغرا إنتظارا لتوافقات طائفية قد تجلب هذه المرة ( بنجرجي أو كهربجي أو متعهد مقاولات لبناء المراحيض ) كوزير للثقافة العراقية في الحكومة الجديدة و الموعودة..!!فيا مثقفي العراق و أهل القلم فيه ليس لكم و الله سوى الصبر و الصمود فسرسرية الثقافة العراقية المعاصرة هم اليوم في عز صولاتهم.. و لن يدوم هذا الوضع طويلا بكل تأكيد.. فتلك الأيام نداولها بين الناس.. و سنرى و ترون...!

داود البصري

[email protected]