إلى حدود الدورة السابقة من مهرجان قرطاج الدولي ظلّت العلاقة متوترة جدّا بين شركة روتانا وممثلي الصحافة التونسية، والعربية، والأجنبية المعتمدين في تونس، الذين يتولون مهمة تغطية فعاليات سهرات المهرجان.
حيث تعودنا أن تحوّل روتانا مسرح قرطاج خلال السهرات الراجعة بالنظر إليها إلى أستوديو تلفزي موزع بين فضاء الحوارات والركح الذي هو مخصص للعرض.


ويمنع عدد هام من الزملاء الإعلاميين من دخول الكواليس ولقاء الفنانين مثلما هي تقاليد العمل في مهرجان قرطاج العريق الذي انطلقت فعالياته في سنة 1964.
كما أنّ الجمهور يظل ينتظر حتى تفرغ المذيعة من إتمام الحوار الذي يسبق العرض وبث مختلف الفقرات المصورة، لينطلق الحفل بتأخير ودون اعتذار نظرا لظروف النقل المباشر ومفاجآته التقنية والصحفية.
وتعودت شركة روتانا أن تبرمج في كلّ سهرة خاصة بها أكثر من صوت وتطول السهرة وينال التعب والإرهاق من الجمهور ويحدث أن يغادر الآلاف المسرح لتأخر الوقت ليندب من يبرمج في الفقرة الثانية حثه العاثر.


وكانت الدعوة ملّحة ومتكررة لمراجعة هذا العقد والاتفاق الحاصل بين إدارة المهرجان وشركة روتانا احتراما للجمهور، ولسمعة المهرجان، وللإعلاميين الذين يعملون على نقل الخبر ويتنافسون في تقديم تغطية استثنائية لفعاليات أحد أبرز المهرجانات في العالم العربي، وأعتقد أننا يمكن أن نجزم بأنه قطب هذه المهرجانات خاصة بعد حذف مهرجان جرش ليحلّ محلّه مهرجان عمّان الجديد.
ربّما هذا التحول في توازنات خارطة المهرجانات الصيفية في العالم العربي منح الإدارة الجديدة للمهرجان موقفا أقوى لتفرض بنودا أخرى في العقد الذي تم تجديده هذه السنة كما أفادنا مدير المهرجان السيد سمير بلحاج يحي.


وأضاف بأنه يمكن تحيين هذه العقد كلّ سنة كما يمكن إبطال العمل به ثلاثة أشهر قبل بداية المهرجان.
ولعلّ من أهم النقاط الجديدة في بنود هذا العقد هي الصلاحية المطلقة لإدارة المهرجان في إختيار نجوم سهرات روتانا على قرطاج، ولو أن السيد مدير المهرجان قالها بوضوح : كلّ السهرات هي ضمن مهرجان قرطاج والمسرح والتنظيم كلّه تحت مسؤولية إدارة المهرجان.


كما أنه أشار أيضا إلى أن طريقة العمل السابقة تتوفر على قدر كبير من عدم احترام الجمهور الحاضر في المسرح. من ذلك مثلا انطلاق السهرات بشكل متأخر وفترة مابين العرضين مملّة جدّا، فهي حسب التعبير المازح لمدير المهرجان : قد تكون في صالح مشرب المهرجان لكن ليست في صالح الجمهور الذي يجد نفسه مجبرا على السهر إلى وقت متأخر.
لذلك أصبحت هذه السهرات تتضمن مشاركة صوتا واحدا، وكلّ سهرات المهرجان تنطلق في موعد واحد هو الثامنة مساء بتوقيت غرينيتش.


وحول الأسماء التي ستشارك ضمن سهرات الاتفاق الحاصل بين روتانا وإدارة المهرجان أشار مدير الدورة إلى أنه تم التفكير في دعوة الفنان محمد عبده، والفنان عبدالله الرويشد لكنهما اعتذرا لأسباب مختلفة بعضها الرهبة من العودة إلى قرطاج وكذلك عدم الجرأة للصعود عليه مجددا.


ومن بين 161 مطربا وقع الاختيار على : كاظم الساهر، نجوى كرم، أنغام وفارس كرم. وحول المساهمة المالية لشركة روتانا أفاد مدير المهرجان بما يلي : تتولى روتانا خلاص الفنانين وتكلفة قدومهم إلى تونس كما أنها تقدم لإدارة المهرجان مبلغا ماليا جمليا قدره 150 ألف دولار. وتبلغ مداخيل مثل هذه النوعية من السهرات حوالي 30 ألف دولار أو أكثر بقليل. ومن هنا نتبيّن حجم المساهمة المالية لشركة روتانا في مهرجان قرطاج.


في قراءة سريعة ننتهي إلى أن العقد الجديد بين روتانا وإدارة مهرجان قرطاج يحمل بشائر خير للمهرجان وجمهوره والإعلاميين الذين يواكبون فعالياته، مثلما هي برمجة هذه الدورة التي تبدو استثنائية مقارنة بالدورات القليلة الماضية.
لكن أليس من الضروري أن تساهم روتانا في الدعاية لمختلف سهرات المهرجان لا أن تكتفي بالسهرات التي تعدّها تحت عنوان سهرات روتانا من قرطاج، خاصة وأنها تستغلّ سمعة وقيمة المهرجان الأبرز في العالم العربي اليوم؟
وهل يمكن التفكير في إيجاد صيغة تعاون أخرى بين الطرفين لبث عروض تونسية ضخمة (مع ضمان حقوق الجميع طبعا)، أمام النجاح الإعلامي الكبير لقنوات روتانا؟


ثم لماذا لا يتمّ التفكير في التعاون مع قنوات عربية أخرى لدخول المنافسة على ركح مسرح قرطاج وعروضه؟
وهل يأتي اليوم الذي يصبح لمهرجان قرطاج قناته التلفزيونية الخاصة يعرض عليها سهراته بشكل مباشر دون انتظار وسيط إعلامي ذائع الصيت؟

علي إبراهيم

تونس