يعبد الهندوس في الهند البقر. ويمثل بالنسبة لهم إله الخير. لا يمكن الاقتراب من البقر بأي سوء، بل يتم تقديم كل تقديس واحترام وإجلال وتعظيم.
ديانة الهندوس لها طقوسها الخاصة بعبادة البقرة أينما توجد، ليس فقط في المعابد وأماكن الصلاة لكن أيضاً في الشوارع والميادين العامة. لا يمكنك أن تذكر اسم البقرة إلا بكل تفخيم وتعالي فهي الذات الإلهية لديهم وهم لها عابدون.
من المظاهر الهامة جداً في الهند أنه إذا عبرت بقرة الطريق أثناء سير السيارات أو المركبات العامة، فإن الجميع بلا استثناء يقف تعظيم سلام وخضوع وخنوع للإله المعبود ـ البقرة ـ وقد يصل الأمر إلى السجود.
إذا عبرت بقرة الطريق ـ أي طريق ـ فإنه بالإجبار على الجميع أن تقف كل السيارات لأن الإله يعبر الطريق.
هذا عند أخوتنا الهندوس في الهند. وأنا أذكر هذا بكل تقدير واحترام لدياناتهم وعبادتهم وإلههم المعبود البقرة. لأنها مصدر الخير في نظرهم.
لكن ما رأيك عزيزي القارئ في أننا نحن أيضاً نفعل نفس الشيء عندما يعبر أحد المسئولين الشارع!!
ألا تقف السيارات والمركبات احتراماً وتقديساً ـ حتى ولو بالإجبار ـ لموكب السيد المسئول والسادة التابعين وراءه من حرس وعربات توابع المسئول؟؟
كم من الأزمات حدثت بسبب مرور موكب السيد المسئول؟
ما مقدار الوقت المفقود حتى يمر السيد المسئول وحاشيته أو ضيوفه الكرام؟
كم من المهانة التي يشعر بها الشعب لعدم شعورهم بالأمان لخوف المسئولين الأمنيين على المسئولين الآخرين؟
كم حجم الخسائر التي تحدث في مصالح الجماهير المعطلة مصالحها بالساعات بسبب مرور السيد المسئول؟
هناك في الهند يعبدون البقر لأنه إله مكرم معزز، فهل المسئولون هنا آلهة؟
ذلك الشخص الإنسان الذي تقف له المركبات والسيارات عند عبوره أو سير موكبه المبجل، ألا يذكرنا هذا بعبور البقرة الإله عند أخوتنا الهندوس؟
ويقول السادة المسئولون أن هناك أزمة مرور، وهذه الأزمة تحتاج لمزيد من قوانين المرور.
الأزمة يا سادة في المرور أم في قوانين المرور أم في المسئولين عن المرور؟
وهل تمس قوانين المرور آلهتنا المقدسة؟
الإله البقرة متواضع غاية التواضع فهو يستحق العبادة والإجلال لأنه يمشي على أربعة. إنها تعيش بين بني البشر.
لا فرق بين البقرة الذكر والبقرة الأنثى فكلاهما إلهان معبودان بتقدير.
آلهتنا الكرام إما الأغلبية من الذكور أو من هاضمي حق النساء.
آلهتنا تركب أفخم الماركات وأعظم السيارات ولا يراها البشر فآلهتنا لا تُرى بالعين المجردة لكنها تتحكم في مقادير الكون الذي نعيش في ظل خيراتها. آلهتنا تمنح مَن تشاء ما تشاء وتمنع عن مَن تشاء ما تشاء.
عزيزي القارئ الكريم
حين تقترب من البقرة الكريمة ستأخذ منها أشهى أنواع الخيرات بدون تذمر وبدون كبرياء أو تعال.
قليل من البرسيم للإله البقرة وتحصل على أفضل أنواع الجبن والألبان والزبد والقشطة وغيرها.
أما آلهتنا العظماء quot;سبحانهمquot; في مجدهم quot;الأسنيquot; وملكهم quot;الأفخمquot; لهم الحمد والشكر على ما يمنحوه لنا من خدمات إنسانية تافهة مقابل الكثير من الرشاوى الضخمة. إنك الآن لا يمكن أن تحصل على حقوقك الإنسانية إلا إذا أكل المسئول من خيراتك حتى يعطيك أبسط الحقوق.
إن آلهتنا العظماء يأكلون تحت مسميات منها: quot;النبي قبل الهديةquot; وquot;تهادوا تحابواquot;. ويا بخت مَن نفع واستنفع. وأبرز تنجز. ويا بخت من كان خاله إله ـ أقصد ـ مسئول.
البقرة الإله لكي تعطي خير لابد لها من برسيم أو حشيش أو أي أكل مناسب.
وهكذا أسيادنا الآلهة العظماء لكل إله نوعية الطعام الذي يتناسب مع قيمة فخامته. من آلهتنا مَن يرضى بسيجارة، ومنهم مَن لا يقل نوعية البرسيم الذي يأكله عن بضعة آلاف من الجنيهات لتسهيل ( من مرض الإسهال) المهام المستعصية. ومنهم من يكون البرسيم حشيش(أي مخدرات كنوع من الرشوة).
البقرة ـ هذا الإله العظيم ـ لا يأخذ طعامه من الإنسان على صورة ممارسة جنسية، لكن آلهتنا العظماء وصل ببعضهم أن تكون الرشوة جنسية المذاق.
وفي نهاية عمر البقر ـ الإله المقدس ـ يتم دفنها بكل احترام وإجلال بدون أن يمسس بشر حياتها الماضية بسوء. نعم لأنها كانت محترمة وآلهة للخير ومِعطاءة.
أما آلهتنا العظماء فالأمر شبيه بذلك لا يمكن أن يذكرهم أحد بسوء إلا إذا مات كبير آلهتنا الإله الأكبر بين الآلهة. سبحانه جل شأنه فهو على كل شيء قدير وهو على العرش استوى ويبدو أن ليس لملكه انقضاء.
كان هذا حوار مع إنسان صديقي يدع نفسه الحمار الغيران من البقر، لأنه ليس له حيلة أمام البقر الآلهة.
أيمن رمزي نخلة
[email protected]
التعليقات