الاحداث التي حصلت في كركوك و خانقين ومحاولات تطويق قوات البشمركة حرس الحدود التي كانت مشاركة في عملية بشائر الخير من قبل الجيش العراقي لم يكن بالتاكيد عاصفة في سماء عراقية صافية، لكنه انذار حقيقي بسلسلة من الاعاصير السياسية والامنية تجتاح العراق قبل ان يشفي من الجروح العميقة والندوب التي تركها الحرب الاهلية في الاعوام الاربع الماضية.
وعلى الرغم من تلاقي العراقيين والمجتمع الدولى على الحفاظ على المكتسبات الامنية وعدم اهداره مع مضي الايام عبر المعارك الصغيرة، فقد كان غياب الرئيس العراقي جلال الطالباني فرصة وظفت في اعادة اطلاق ما يسمى بالمؤامرة السياسية ضد الكرد التي اعدت لها قوى سياسية في الحكم في المواجهة الرامية الى الحد من نفوذ القادة الكرد في بغداد و الضغط من اجل تمرير قانون مجلس المحافظات العراقية في جولة اخرى.
على امل قلب المعادلة السياسية التي حكمت العراق في مرحلة ما بعد سقوط صدام. وكل شيء يدل على ان الصدام بين اقليم كردستان وبغداد لن يتاخر، عقب سقوط تجربتي الحوار والتشاور والتوافق الوحيد المتبقي هو توافق على خراب العراق.
والاسبوع العراقي الاخير كان درامتيكيا بامتياز. بدأ بتجميد صلاحيات رئيس هيئة اركان الجيش العراقي ببغداد وهو كردي و ونقل ملف المفاوضات العراقية الامريكية حول بقاء القوات الامريكية في العراق من وزارة الخارجية الى رئاسة الوزراء و الذي تراسه الدكتور برهم صالح وهو النائب الاول لرئيس الوزراء كردي ايضا ومحسوب على رئيس الجمهورية وتسليمه اخيرا الى مستشار الامن الوطني موفق الربيعي.
وبين هذا القرارين جاء تصريحات المتحدث الرسمي للحكومة العراقية الدباغ ليوضح موقف رئيس الوزراء الدكتور نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة العراقية حول ضرورة ارسال قوات الجيش العراقي الى المناطق المتنازعة عليها في محافظتي كركوك وديالى ليعيد رسم المشهد السياسي العراقي بصورة انقلابية.
القيادة الكردستانية التي استعدت للهجوم تراجعت مؤقتا الى موقع الدفاع، والاكثرية في الائتلاف الحكومي التي لا تزال تحكم، استعادت انفاسها وهيأت لهجوم جديد شكل فيه غياب الرئيس العراقي جلال الطلباني نقطة انطلاق جديدة.
والمواجهة المفتوحة بالسلاح الابيض وبكل الاسلحة الممكنة والاسابيع المقبلة حبلى بمفاجأت دراماتيكية اضافية في نقطة التقاطع الكبرى بين قو ى الحكم في العراق التي تختصر بالتلاقي والتوافق على خراب العراق.
وعن كركوك المهدمة واثار التهديم السكاني والعمراني ومشاكل الحكم لا بد ان ان يقال المزيد من الكلام السياسي الصريح لكن لننتظر الغد مع الامل بان تنجح التدابير التي اقراها دولة رئيس الوزراء المالكي رغم انني لا أراها صحيحة في توفير حد ادني من الهدوء ليسمع
احدهم الاخر ويستطيعون العودة بالامور الى اصولها بدلا من الغرق في التفاصيل التي لا تنتهي وتكون التوافق بالاخير فقط على خراب العراق.
الدكتور راوند رسول
[email protected]
التعليقات