الضجة الإعلامية و السياسية و العاصفة الهوجاء التي هبت بوجه النائب العراقي و رئيس حزب الأمة السيد مثال الآلوسي على خلفية زيارته لإسرائيل للمرة الثانية و سحب الحصانة البرلمانية عنه ليست بالأمر الجديد بل كانت أمرا متوقعا في ظل التجاذبات الطائفية و السياسية القوية التي تعصف بالعراق، لربما يكون السيد الآلوسي قد إستعجل كثيرا الخطوات السياسية العلنية، و لربما تطرف أكثر في فضح العلاقة العلنية بين كثير من السياسيين و الأحزاب العراقية و غير العراقية و إسرائيل!

و لكنه رغم كل شيء و على الضد من أية إعتبارات أخرى يتحلى بشجاعة أدبية و جرأءة قل نظيرها بعد أن تخلص من عباءة النفاق السياسي و أعرب عن مواقف علنية في واضحة النهار يؤددها الكثير من السياسيين في الليل و خلف الأغطية، فالعلاقة مع إسرائيل لم تعد أمرا محظورا بالمطلق، لأنه بصراحة فإن الوجود الإسرائيلي في العالم العربي لم يعد من الأمور المخفية بل أضحى حقيقة واضحة من الخليج العربي و حتى المحيط الأطلسي، و الإسرائيليون يتنقلون بجوازات سفرهم في العديد من البلدان العربية بشكل علني كما أن جميع الوفود الدبلوماسية العربية لا تمانع في حضور أي مؤتمر يحضره الجانب الإسرائيلي، وحتى قادة من كانت تسمى بدول الصمود و التصدي كانت لهم لقاءاتهم العلنية و السرية مع الإسرائيليين و أعتقد أن مفاوضات فاروق الشرع و إيهود باراك بحضور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون كانت علنية وواضحة!!

هذا غير اللقاءات السرية و لكن المعروفة و المتسربة أخبارها للعديد من الأطراف العربية مع قادة الدولة العبرية، و قضية إسرائيل أضحت اليوم في العراق بضاعة للمزايدة الرخيصة و المكشوفة و المجيرة لصالح الجماعات المرتبطة بالمشروع الإيراني في العراق، فالحملة الشرسة ضد السيد مثال الآلوسي و سحب حصانته و رفع دعاوي قضائية ضده ما كان لها أن تصل لهذا المستوى لولا قوة اللوبي الإيراني الهادف للهيمنة على الوضع في العراق من خلال الدعايات الطائفية و الدينية و اللعب على المشاعر و الأحاسيس رغم أن للنظا الإيراني علاقاته الخاصة و السرية بالجانب الإسرائيلي و كل الجعجعة الإيرانية العدائية لإسرائيل مجرد عاصفة في فنجان، فحجم المصلحة الإسرائيلية / الإيرانية المشتركة هي أكبر بكثير من تظاهرات المغفلين في قم و طهران و أعتقد أن صفقات التسليح الإيرانية / الإسرائيلية في أيام الحرب العراقية / الإيرانية تفضح المستور ( صفقة إيران / كونترا )!!

و الإشتباك بين السيد مثال الآلوسي و عبد الكريم العنزي وزير الأمن الوطني الأسبق و أحد رجال إيران في النظام العراقي يمثل قمة الموقف الدرامي لخلفية الصراع و التجاذب الدائر في العراق، فرجال إيران و أعضاء خلاياها السرية يفعلون المستحيل من أجل محاولة الهيمنة على الشارع العراقي عبر حرب الشعارات الفارغة من أي مضمون لأنه بصراحة فلولا القوة و النفوذ ألأميركي ما تسنى لهؤلاء الإمساك بقمة السلطة و محاولة التشبث بها بكل السبل رغم الفشل الكارثي لأهل المشروع الإيراني في إدارة الصراع في العراق أو في تخفيف المعاناة الحياتية للعراقيين، فتلك الأحزاب الإيرانية بقياداتها المدربة جيدا في مقرات الحرس الثوري تحاول تصفية و قمع كل الأصوات الوطنية، و السيد مثال الآلوسي الذي فقد ولديه على يد المتطرفين السلفيين من جماعة وزير الثقافة العراقي الهارب الملا أسعد الهاشمي في فبراير 2005 قد أضحى اليوم مشروعا مستهدفا للقتل من الجماعات الإيرانية لأنه أعلن بصراحة عن خبث و خطورة الدور الإيراني في العراق و سحب حصانته البرلمانية هي المقدمة الفعلية لتصفيته ففرق الموت الإيرانية الحرس ثورية جاهزة على الدوام لتنفيذ المطلوب و هو ما سيحدث مع كل صوت عراقي يرتفع بالإحتجاج على الدور الإيراني، زيارة الآلوسي لإسرائيل كانت علنية و في الهواء الطلق بينما علاقات إسرائيل مع الكثير من الأطراف أكثر من وثيقة و متجذرة و لكن بالسر و تحت العباءة و في الليل البهيم!!! لا داعي للنفاق فالقضية ليست إسرائيل أبدا.. بل أنها القوة الإيرانية الطاغية التي تحاول طوي العراق بأسره تحت عباءتها و في طية عمائمها.. و تلك هي المسألة..!! فإسرائيل حاضرة في كل المواقع..!

داود البصري

[email protected]