يحتفل الناس في صخب بعام جديد مقبل وسط ضجيج يصعب معه تأمل ما مضى، والتأهب لقادم مجهول.

في ليلة رأس السنة كانت الشوارع الرئيسية مقفرة، والبرد يلف المكان.. والاحتفالات السريّة في سراديبها وأقبيتها بعيداً عن أعين الرقيب، على قدم وساق.

من تأمّل بهدوء وسكينة.. نزعةَ الروح من 2008 وتساءل: لماذا يتوارى مَنْ بفضلهم يمكن لأعمارنا وسنيّنا أن تصبح أجمل؟ لماذا فقدنا صنّاع السعادة في أيامنا؟ ولماذا تحوّل زرّاع البهجة والياسمين في صدورنا إلى مجرد خيال laquo;مآتةraquo; يفزع عصافير القلب؟ فأصبحت أيامنا أكثر جفافاً حتى من الخيش؟ وأين هي اللحظات الاستثنائية التي طالما انتظرناها على نوافذ الصبر؟ ولماذا غابت إيقاعاتنا الداخلية في ضوضاء الخارج حتى دخل عام وخرج قبل أن يرتدّ إلينا طرفنا!

هكذا، تمضي أعمارنا بمجانية.. لا مبالية بأننا لم ننته بعد من قطف أحلامنا، ولم نذق حلاوة حصادنا من راحة بال في موسم ظليل.

تمضي أيامنا كأنها ندٌّ لنا.. تتبرأ منّا.. كأنها ليست لنا.. ليست مسجّلة بأسمائنا.. كأنها laquo;تطفشraquo; منّا بعد أن laquo;طفشناraquo; من أنفسنا.

يمضي عام الخيبات، يخذلك القريب قبل البعيد، لهذا تجد أنه من العار أن يرتفع صوتك بالنحيب، فتخنقه بيديك ليطبق على أنفاسك عاماً كاملاً.. ويخنق داخلك.

تمضي دقائقنا وشهورنا طواعية أو كرهاً، إلا أنها لا تمهلنا شيئاً من رغبة عارمة في تسجيل الأمنيات في سجّل السنة، وتمضي دون أن تمنحنا أجوبة لأسئلة قاسمتنا الوسائد ليالي طويلة.. وظلت عالقة على الشفاه التي يبست كحبات تين من الانتظار.

يمضي معظم العمر بلا وقت.. ويمضي الوقت بلا عمر، وهكذا في جذوة مشتعلة بداخلنا، لا تجد من يطفئها، لا نفلح أمام مكر الحياة التي لا تتعب وهي تجري بنا إلى مجهول.

مهلاً أيها الوقت.. مهلاً أيها العام..

خلّفنا وراءنا كثيراً من سكراب الأحلام!!

منى الشمري

*كاتبة كويتية

[email protected]