فى عام 2005 انسحبت القوات الاسرائيلية من قطاع غزة بعد احتلال استمر قرابة الاربعين عاما..تصورنا بعد هذا الحدث التاريخى ان الاخوة الفلسطنيين سوف ينتهزون الفرصة ويركزون جهودهم وطاقاتهم نحو البناء والتعمير والاصلاح واعادة الحياة الى امورها الطبيعية والعمل فى نفس الوقت من اجل الوصول الى اتفاق سلام دائم مع اسرائيل ينهى حالة الصراع والحروب وسفك الدماء بين الطرفين.


ولكن ما حدث فى اعقاب انسحاب اسرائيل من غزة كان مخيبا للامال حيث اسرعت التيارات الاسلامية المتشددة بقيادة منظمة حماس بملا الفراغ التى تركتة القوات المحتلة وراءها وقامت بسرعة عجيبة بفرض سيطرتها على سكان القطاع عن طريق الترغيب والوعود الكاذبة تارة والتهديد تارة اخرى. وفى مطلع عام 2007 فوجىء الجميع بانقلاب قيادات حماس على السلطة الشرعية بقيادة الرئيس الفلسطينى محمود ابو عباس والقيام بالقبض على الافراد الموالين الى السلطة وتلفيق التهم لهم ومحاكمتهم بطريقة غير عادلة فى الشوارع والميادين على طريقة القاعدة.


ولم تكتف حماس باعلان الحرب على السلطة الفلسطنية والموالين لها وانما قامت برفض كل المحاولات والمساعى العربية والدولية التى كانت تبذل من اجل تحقيق السلام وراحت بدلا من السعى نحو السلام تشجع الصبية الصغار باطلاق الصواريخ البدائية المصنعة فى المنازل او الورش الصغيرة فى اتجاة القرى الاسرائيلية الملاصقة للحدود وتفجير انفسهم من اجل الدخول الى الجنة والحوريات ال72!!.


ونتيجة لرفض حماس الاعتراف باسرائيل والاعلان صراحة وفى العلن ان هدفهم هو تدميرها والقاء سكانها فى البحر..وايضا نتيجة لرفضهم وقف عمليات العنف والكف عن قذف المستعمرات الاسرائيلية بصواريخ الاطفال لم يكن امام اسرائيل مفرا سوى غلق حدودها مع القطاع ومنع فلسطنيين غزة من العمل فى اراضيها ومن ثم زادت البطالة وانتشر الفقر بين سكان القطاع لدرجة انة صار الحصول على ضروريات الحياة من خبز او زيت او وقود او مياة شرب امرا شبة مستحيلا.


ومع تواصل الحصار الاقتصادى على سكان غزة الغلابة زاد بالمقابل عناد حماس وتعنت قياداتها واستمرارهم فى اطلاق صواريخ القسام فى اتجاة القرى الاسرائيلية ورفض كل محاولات التهدئة التى كانت تقوم بها اطراف عربية ودولية.


وهكذا لم تكن الهجمات العنيفة المتواصلة التى قامت بها - ولاتزال حتى لحظة كتابة هذة الكلمات - القوات الاسرائيلية ضد المؤسسات والمرافق والمبانى التابعة لمنظمة حماس مفاجئة لاحد على الاطلاق بل كانت متوقعة منذ اسابيع.


وقد تردد عبر وسائل الاعلام ان السلطة الفلسطنية الشرعية فى الضفة الغربية قامت بتحذير قيادات حماس من مغبة الاستمرار فى قذف القرى الاسرائيلية ومخاطر رفض التهدئة مع اسرائيل ولكن قيادات حماس لم تكترث او تهتم بطبيعة الحال كما لو انهم كانوا يسعون ويخططون بجدية لدفع اسرائيل للهجوم عليهم وقتل مئات الابرياء من الاطفال والنساء وكبار السن لاثارة المشاعر الدينية عند الشعوب العربية والاسلامية..


لاشك ان قتل اى فلسطينى او اى انسان اخر بدون ذنب هو جريمة ضد الانسانية يجب علينا جميعا استنكارها والتنديد بها.. ولا اعتقد ابدا انة يوجد ما يبرر قتل مئات الفلسطنيين تحت اى ظرف من الظروف من قبل اسرائيل وخاصة وانهم عانوا - ولا يزالون- الامرين من الحصار والظروف المعشية الصعبة التى فرضتها اسرائيل وحماس عليهم خلال العاميين الماضيين.
ولكن فى نهاية الامر يجب ان يقع اللوم باكملة على عاتق قيادات حماس لانهم رفضوا الاستماع الى صوت العقل والمنطق.. رفضوا الاتضاع والاستماع.. وعملوا على استفزاز اسرائيل.


والسؤال الذى يجب ان نسألة الى انفسنا بعد هذا الدمار والخراب الذى حل على غزة وقتل المئات من ابناءها : ما الذى تسعى حماس الى تحقيقة لسكان قطاع غزة على وجة التحديد ؟؟ ولماذا رفضوا النصائح التى وجهت اليهم بالتهدئة ومن مغبة وعواقب استمرارهم فى قذف المستعمرات الاسرائيلية بصواريخ القسام؟؟ واخيرا هل حقا حماس تعمل لخير وصالح الشعب الفلسطينى ام لصالح طرف او اطراف اخرى لا يهمهم وضع نهاية لماساة هذا الشعب المسكين الذى عانى كثيرا منذ عام 1948 وبقاء الوضع الحالى على ماهو علية لسنوات عديدة قادمة ؟؟

صبحى فؤاد
الثلاثاء 30 ديسمبر 2008
[email protected]