إن الشعب الفلسطينى اليوم يعانى من هذا الانتظار الذى توعده قياداته به، والقول له أن الحل قريب لرفع معاناته من هذا الانقسام البغيض بين الاخ وأخيه، وسوف يأتى الفرج والخروج من هذا الماّزق الانفصالى، ثم يكتشف أن هذه القيادات فقط تعطيه مسكنات وبكل صراحة أقول أن هذا الشعب سئم من فتح وحماس ولم يعد يستطيع الانتظار أكثر من ذلك لان هذا الانقسام إن أدى الى شىء فسوف يؤدى الى طمس القضية الفلسطينية الى الابد0


وكى نعطى القارىء الفلسطينى والعربى الحقائق، نجد أن الشعب فى واد وقياداته فى واد اَخر، فالشعب يريد مطالب محددة ومعروفة، وهى فلسطين فى حدود 1967م وحق العودة والقدس عاصمة لهذه الدولة، وذلك حسب القرارات الدولية والرباعية، وبموافقة الدول العربية0


إذا كانت حماس تريد أسترجاع فلسطين من النهر الى البحر، فأهلا وسهلا إن كانت فعلا قادرة على ذلك، وليس طلب هدنة لمدة عشرة سنوات أو أكثر وتكون إسرائيل قد قضمت ما تبقى من حدود سنة 1967م0
هل أستفتت حماس الشعب الفلسطينى بأن برنامجها السياسى هو الحرب لاستعادة أرض فلسطين التاريخية؟
هل بمقدور حماس أن تنتزع التأييد العربى الرسمى 0000 والتأييد الاسلامى ماليا، وعسكريا ودبلوماسيا كى تصمد أمام إسرائيل وأمريكا والدول الغربية ومجلس الامن وقرارات الشرعية الدولية؟
فإذا كان الرفض لمجرد الرفض هو هدف حماس. فمعنى هذا أن حماس تريد أن تلعب لعبة العرب أثناء هروبهم من الحقيقية عندما كانوا يسمون إسرائيل بالدولة المزعومة، وما لبثت هذه الدولة المسخ إلا أن هزمت العرب جميعا0


فعلى حماس أن تعلم بأن إسرائيل دولة ليست من ورق، سيعود أبنائها الى الدول التى هاجروا منها طالما سمعوا خطاب السيد مشعل عندما أنذرهم أن عند إسرائيل فقط بضعة أشهر لحل القضية الفلسطينية وإلا ستكون الانتفاضة الثالثة، ومرت هذه الشهور وبدلا من الانتفاضة الثالثة، نرى حماس تسعى الى التهدئة وتنعت هؤلاء الذين لا يريدون التهدئة بالخونة والعملاء؟؟


إن الخطب الرنانة شىء، والواقع شىء أخر، ومع الاسف الشديد مازال لدينا قيادات من فتح وحماس لا ترى الواقع الذى نحن فيه بل فقط ترى ما تريده، وبمنظارها فقط، وتضرب عرض الحائط مطالب الشعب الفلسطينى والتى أجمع عليها أكثرية هذا الشعب.
إننى الان أرى أن حكومة حماس المقالة تعيش فى عالم خارج الواقع، ومع أحترامى الشديد لها والتى كنت أريدها وأسعى وأدعوا أن تنجح فىالانتخابات التشريعية وذلك لاعطاء فتح درس قاس للذين يتلاعبون بأموال وأمن هذا الشعب الصابر وليس لرمى إسرائيل فى البحر.
كما أننى اريد ان اوضح للاخوة فى حماس أنهم أمام مسئولية تجاه ما يعانيه هذا الشعب بغض النظر عن الخلافات الداخلية بين الرئاسة، والحكومة المقالة، لا أن ترمى الاخطاء على غيرها وتحرج الدول العربية التى ساندت وتساند القضية الفلسطينية والتى تريد من هذه الدول أن تضرب بعرض الحائط الاتفاقات الدولية التى وقعت عليها0


كما اننى اريد أن انوه لحماس أنها اتت الى السلطة بشرعية فلسطينية أمنتها لها منظمة التحرير الفلسطينية، والتى تتنكر الان لها، ولولا هذه الشرعية لما كان الاخ هنية ليتجول خارج غزة كرئيس لحكومة منتخبة حسب أتفاقيات أوسلو التى اعترفت بإسرائيل، كما أن إسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير.
فالانسان الفلسطينى الذى يبحث عن ماّوى له فى غزة والضفة، ويحاول حماية رأسه من الخطر، لا يبستطيع أن يبلع المقولة بالتحرير من النهر الى البحر0
أما فتح فعليها أن تقبل بواقع حماس الجماهيرى وتدخل معه فى نقاش جدى وتقبل به كشريك قوى فى منظمة التحرير لا أن تستأثر بهذه المنظمة الام والتى هى بيت كل الفلسطينيون فى الداخل وفى الخارج.


والمطلوب الان ليس غدا، التوقف عن هذا الجدل العقيم بين فتح وحماس، بإخراج حكومة وحدة وطنية قادرة على فك الحصار، وبدون إحراج الدول التى تساعدنا على إسترداد حقوقنا والبدء بالحوار الجدى لاسترجاع ما تبقى لنا من فلسطين وهو حدود 1967 وحق العودة والقدس عاصمة هذه الدولة.
إن كل يوم، وكل ساعة، وكل دقيقة، وكل ثانية تمر بدون هذا التوافق المنشود سيزيد من معاناة الشعب وإتساع رقعة المستوطنات وتهويد القدس.
لذلك أقول لندع الشعارات الرنانة جانبا ونمضى بالحوارات البنائة، والتى ترعاها القاهرة كى لا نعطى للعدو الاسرائيلى أى فرصة للتهرب من ألتزامات السلام المنشود، لان كما هو معلوم فإن إسرائيل تشعل فتيل الانقسام بين فتح حماس كى تقول للعالم كله أن هذا الشعب الذى يقتل ويذبح بعضه البعض لا يستحق أن تكون له دولة كبقية شعوب الارض فهل هذا ما تريده فتح وحماس؟؟

فيصل أبو خضرا