ليس هناك بحسب علمي برنامج تناول الإرهاب بنظرة تحليلية وموضوعية موثقة بالصور والتفصيلات كما فعل برنامج ( صناعة الموت ) الذي تقدمه قناة العربية منذ فترة ليست بالقصيرة لان معظم البرامج التي تناولت هذا الموضوع أما أن تكون من حلقة واحدة أو أن الإرهاب لايمثل جزءا محوريا فيها أو ليست بالمستوى المطلوب فنيا ولعل أهم ميزة لهذا البرنامج انه تخصص بهذا الموضوع تخصصا كاملا وطرحه كجزء من واقع منطقتنا و عالمنا المعاصر حيث شكل بأبعاده وصوره المختلفة هما كبيرا لطائفة كبيرة من الناس لاسيما أولئك الذين أصابهم هذا الداء أو أصبحوا تحت طائلته بقدر أو بأخر لان البرامج المرئية أصبح لها شعبية تفوق ما سواها من البرامج أو مصادر المعلومات التي اخذ الإقبال عليها يقل تدريجيا لاسيما ونحن في خضم عصر الانترنيت والستلايت وإذا كانت وسائل الإعلام الأخرى قد أعطت لموضوعة الإرهاب الكثير من الاهتمام حالها حال سواها إلا أنها بالتأكيد لا تستطيع أن توصل معلوماتها إلى القدر الذي يمكن أن يوصله برنامج تلفازي تقدمه إحدى القنوات الكبيرة لان التلفاز أصبح الجهاز الأكثر شعبية في العالم بل وقد يفوق الكومبيوتر في هذا الشأن لان متابعيه لايقتصرون على مستوى معين بل من مستويات مختلفة وفيما يتعلق بقيمة المادة المقدمة من هذا البرنامج ليس هناك شك في أهمية هذه المادة لأنها معززة بالصور والتقارير الخبرية المتميزة والتحليلات التي يقوم بها مختصون ضالعون في هذا المجال وربما نجح البرنامج في مناقشة خلفيات المشهد الإرهابي ومعاينة موضوعة العنف من خلال الاستعانة بخبراء ومحللين من مختلف المشارب والاتجاهات بعضهم على دراية واسعة بهذه الشؤون ومتصدين لها علميا منذ فترة ليست بالقصيرة الأمر الذي اكسب البرنامج شعبية واسعة لاسيما في المناطق المتضررة من الإرهاب التي شعرت أن هذا البرنامج يواسي جراحها ويعرض أوضاعها ويساند قضيتها ليس لأنه يناقش هذه القضية مناقشة خبرية وتحليلية متميزة وحسب بل ولأنه يطرحها من وجهة نظرهم كقضية ذات أبعاد خطيرة ومدمرة لابد للمعنيين من مواجهتها بشتى الوسائل الممكنة حتى يتقي الناس شرها بالرغم من أن الإعلام الخبري غير معني إجمالا بتقديم تقييمات خاصة حول الأحداث أو طرح رأيه فيها انطلاقا من رغبته في الحفاظ على مصادر معلوماته والوقوف على مسافة واحدة من مشاهديه وبالطبع فان هذا النوع من الإعلام هو الذي يحتاجه المشاهد لأنه لايعرض المعلومات بشكل محايد وحسب بل ويعرض بشاعة الإرهابيين بأدق صورها وأكثرها قربا من الواقع لان الحيادية لاتعني أن تكون مع الجميع لتكسب ثقتهم بل أن لاتكون مع أي منهم لتحتفظ بموقفك سليما لاتشوبه شائبة او تناله معايير الحرفية والحيادية التي يتبناها الإعلام ويصر عليها وبالتالي ربما حمل هذا البرنامج القيمتين معا بحيث طرح المسالة بشكل محايد وابرز كل مافيها من بشاعة الأمر الذي جعله يحتفظ بحياديته وتوثيقيته العالية و يخدم قضية مكافحة الإرهاب ولعل خير دلاله لهذا البرنامج هي تلك المقوله المهمة التي يختتم فيها البرنامج عندما تشير المقدمة إلى أن برنامجها ينشد من عرضه لصناعة الموت صنع الحياة.

باسم محمد حبيب