1-
تتجدد يوماً بعد يوم مظاهر quot;صناعة التخلف، عبر مختلف صيغ البرمجة والتلقين، والدعوة والتعليم والإرشاد في كل بقعة من العالم الإسلمي والعربي، ولا يسأل عن مساحات هذا الانهيار سوى نخبة مسحوقة ومهددة دائماً في حياتها، وفي مصادر عيشها، يقوم على هذا التهديد حفنة من السفهاء والسذج الذين ابتعلوا بضعة أفكارٍ صغيرة صغر رؤوسهم المحشوّة بالدمار والتدمير، والمملوءة بالعقم والإرهاب، ولكن هذه الحفنة الفاسدة والمنتنة التي تحتاج إلى صدمات عالية الصعق من أجل القضاء عليها كما يقضى على الحشرات، الطائرة والزاحفة، تحتاج إلى برامج تحاول هزيمة إرادة صناعة التخلف، من الذين يقضون أوقاتهم في التفاهات والحماقات، بين نشرات سياسية مضللة ومكبسلة، وبين مناشط دينية أو ثقافية أو علمية مغلوطة تؤسس لرؤى سطحية عن الحياة والآخر، والكون، والعالم، وتلك الكائنات التي تنمو كالفطر المسموم لا تظن أنها تمارس السيئات، رغم ازداوجية حادة تجتاح قلوبهم الضعيفة الخائفة المرتجفة، وأفهامهم الخربة، ومحتويات ذممهم الناقصة المحروسة بألقاب ومناصب دينية، إمعاناً في التلبيس والتزييف.
2-
الآن تتورم الحركات الإسلامية في كل مكانٍ من العالم، بعض quot;طقاقاتquot; الثقافة والتدين والعروبيات والقوميات يرى أن مجرد انتشار هذه الحركات يعني أنها تجمّعات مشروعة، كما هو التطبيل الأخرق للنموذج الإسلامي التركي من دون إدراك أبعاد تلك الأسلمة التي لم تحضر-حتى- في خطاب الرئيس، بينما حضرت العلمنة بوصفها من الثوابت داخل المخاطبة السياسية الأولى له، لكن البعض لديه الشغف الشديد من أجل إبعاد أوهامه صوب قوالب اليقين، فيذهب يبرر كل أحلامه الغريبة عبر ضرب الأمثلة الهابطة، إنني أشاهد هذا التمدد في كافة أنحاء العالم الإسلامي، وأراه عياناً وهو يجعلنا ندخل في حالةٍ من quot;الشفقةquot; على مجتمعات لا زالت تتحاور منذ 1400 سنة على خلافات دينية معجونة بالسياسة والمصالح الشخصية، إن نماذج مثل تنظيم القاعدة، أو حماس، أو الإخوان المسلمين، أو السرورية في السعودية، أو حزب الله في الشام تؤكد أن التغلغل الإرهابي قد أخذ فعْله في جسد أمة يعنّ لها الركون للأوهام الضالة، واختيار مستقبل معتم ورفض الحياة لصالح الموت، والابتعاد عن الآفاق لصالح الأنفاق.!
3-
ليست المسألة أن تتفاءل أو تتشاءم، المسألة أن تذهب صوب quot;إرادة الفهمquot;، بعيداً عن التنظير الفلسفي الذي طالما أغرقت مقالاتي به، أسهّل الأمر، في العالم العربي هناك ndash;ببساطة- معسكر يريد quot;الحياةquot; وآخر يروج quot;للموتquot;، الحياة عبر إحياء الحياة، إحياء نوازع البشر نحو الحياة، عبر الحرب على الطغيان، وفطريات الأفكار السامة، وعبر خلْق قوانين للعيش، وعبر نشر ثقافة أخرى، تحبب الناس بعضهم ببعض، وتحثهم على غذّ السير نحو الحب والسلام والوئام، ثقافة تصنع للحياة أطيافها الزاهية، وهي مهمة لا تصنعها الرموز المتحاسدة، ولا تضطلع بها بقايا كتابات تشبه quot;خربشات الصبيانquot; وإنما نحتاج إلى برامج تمتدّ من أجل إنضاجها إلى قرونٍ طويلة، أوربا احتاجت إلى ستة قرون من المخاض لتخرج من سباتها، المعسكر الآخر هو معسكر quot;الموتquot; معسكر بقر البطون والأمعاء معسكر الاغتيالات المتنوعة والمتوزعة، معسكر البطش والنيل من المخالف والحقد عليه، بين هذا وذاك العربي في حيرةٍ من أمره، يحار بين رمزٍ يرتدي quot;الكرافاتquot; ورمز يرتدي quot;البشت بغترة لا يمسّها درن العقالquot; ورمز أزهري يرتدي quot;قبعتهquot; ورمز شيعي يرتدي quot;عمامتهquot;..الخ، ولم يستخدم بعد عقله، تلك هي المسألة ببساطة، هل تنتصر إرادة الحياة أم تتفوق إرادة الموت، المشهد الآن يبرهن كل يوم أن الناس تزحف بسرعة شديدة نحو الموت، بدليل الجوع والمرض والبطالة والفقر والجريمة وتهاوي الأخلاق وانتشار الانحراف والشذوذ والسلوكيات الخاطئة، والغرق في الجهل المطبق والظلام الدامس، والدفاع المستميت من قبل هؤلاء-أشباه الأحياء- عن كل مسببات ومنشطات التمهيد لمستقبل عجن بـquot;الموتquot;.
فهد الشقيران
كاتب سعودي.
[email protected]
التعليقات