الترجمة من الكردية: طارق حمو

شنت القوى الخفيّة ومراكز الحرب الخاصة في الدولة التركية مطلع الإسبوع الفائت هجومين كبيرين في كل من مدينتي إسطنبول التركية وكركوك الكردستانية.

الهجوم الأول، المزدوج، وقع يوم الأحد الماضي في منطقة ( غونغورن) الإسطنبولية وأوقع 17 مدنياً بريئاً وعشرات الجرحى. طريقة إرتكاب هذا الهجوم/الجريمة دلت على ان جهة محترفة، ومتمرسة في فنون الضرب والإختفاء، تقف وراءه. الصحافة التركية الرسمية، الموالية للجيش، سارعت وعلى الفور، إلى إتهام حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراءه. ورغم إن العدد الجديد لصحيفة ( حرييّت) المقربة من هيئة أركان الحرب التركية كانت قد دخلت المطبعة، إلا ان أوامراً وردت إلى المسؤولين في الجريدة بتغيير العنوان في الصفحة الرئيسية وquot;لصقquot; العملية بحزب العمال الكردستاني!.

رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز بايكال هرع إلى مكان الجريمة وصرح بأن quot;حزب العمال الكردستاني هو من إرتكب هذا الهجومquot; وعلى الشعب التركي quot;الرد بتظاهرات عارمة وكبيرة تدين الإرهاب وتحمل الحكومة مسؤولية التراخي في محاربتهquot;!. بايكال كان قد صرح قبل مدة بأنه يعتبر نفسه محامياً لعصابة الحرب الخفيّة( أركنكون)، هذا قبل أن تتسرب وثائق إلى صحيفة ( طرف) الجريئة تكشف تورطه في العديد من الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابة في البلاد.

حزب العمال الكردستاني من جهته نفى اية علاقة له بالهجوم الذي أدانه في بيان رسمي، معتبراً بان quot; حركة التحرر الكردستانية لاتستهدف المدنيين ولاتقبل أية عمليات يمكن ان تؤذي المدنيين الأبرياءquot;. كما وإعتبر الكردستاني الهجوم quot;من عمل القوى الخفيّةquot; التي quot;أرادت قلب بعض التوازنات، وبشكل خاص فيما يتعلق بالصراع الدائر بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وعصابة أركنكونquot;.

ولم تكن دماء الأبرياء تجف في إسطنبول، حتى دوى إنفجار آخر في كركوك بكردستان الجنوبية وسط آلاف المتظاهرين الكرد، الأمر الذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات. بعض المصادر تحدثت عن نيران اطلقت من مقر ( الجبهة التركمانية) في المدينة. ومعلوم هنا ان هذه الجبهة هي بمثابة ثكنة متقدمة لتركيا وتأتمر بأمرها، وبشكل خاص فيما يتعلق بوضع العراقيل وخلق المشاكل أمام سير العملية السياسية المتفق عليها فيما يتعلق بمصير كركوك وأمر عودتها إلى حضن اقليم كردستان.

جهات مطلعة تحدثت عن تحركات مريبة قام بها مراد أوزجليك ممثل تركيا في العراق. هذا الرجل التقى بالعديد من القوى السنيّة والشيعية العراقية من أجل تشكيل حلف موحد ضد المطاليب الكردية في كركوك. وظهرت ثمار تحركات أوزجليك وإتصالاته مع القوى العراقيّة ودوائر في النظام الإيراني مختصة بالملف العراقي، في شكل ظهور القرار 24 المختص بقانون تنظيم الإنتخابات. الأمر كان مخططاً له إذن. والرد الكردي، الذي تمثلّ بالتظاهرات الكبيرة، جوبه بتفجير إنتحاري وإطلاق الرصاص من سطح مبنى الجبهة التركمانية في كركوك. الهدف كان واضحاً ومحدداً: التضييق على الكرد سياسياً وضربهم ميدانياً فيما لو بدأوا بالتحرك. واداة التنفيذ هنا كانت الجبهة التركمانية..

أغلب الظن ان الجهة التي ضربت المدنيين الكرد في كركوك هي نفسها التي قتلت الأبرياء في إسطنبول. دوائر الحرب الخاصة في الدولة التركية تحرّك ملفات عدة في نفس الوقت، ولديها أولوية ضرب الكرد وخلق البلبلة في تركيا والمنطقة لتمرير أجندة داخلية هنا وصرف النظر عن أجندة اخرى، هناك. هذا اضافة إلى صرف أنظار الأتراك عن جرائم عصابة ( أركنكون) ودعوة الجميع إلى quot;التكاتف لدحر الإرهاب الكرديquot; مثلما صرح كل من بايكال ورجب طيب أردوغان معاً. أي ان الهدف كان تحميل الكردستاني المسؤولية عن التفجيرين في إسطنبول، وquot;كسر عين الأكراد في كركوكquot;، اضافة إلى إستنهاض همم الأتراك، المذهولين بقصص عصابة ( أركنكون) ومسؤوليها، لكي يعودوا إلى التخندق ضد الكردستاني.

ورغم الصورة التي تكاملت هنا وأصبحت واضحة لكل حصيف، إلا ان ممثل الإتحاد الوطني الكردستاني في أنقرة بهروز كلالي هرع إلى مقر حزب العدالة والتنمية لكي يستعرض تقريراً عن الأوضاع في المدينة ويدعو حزب أردوغان إلى إرسال هيئة تحقيق خاصة إلى كركوك!!. كلالي لم ينس كذلك، وهو يحتسي القهوة في ممثلية العدالة والتنمية، في ان يدعو الجبهة التركمانية (العراقية!) إلى quot;الحوار والتعاون والإخوةquot;!.

التظاهرة في كركوك كانت بدعوة من الحزب الديمقراطي الكردستاني. والإتحاد الوطني الكردستاني وزعيمه السيد جلال الطالباني يهرعان إلى تركيا وإيران ويهدئان من خاطريهما فيما يخص الوضع في كركوك. أبهذه السياسة سيتوحد الموقف الكردي، ليكون quot;قادراً على مواجهة التحدياتquot; التي تواجه الإقليم وكركوك خاصة؟.

رئيس اقليم كردستان الفيدرالي مسعود البارزاني ذكر قبل فترة بان الكرد لن يتنازلوا عن كركوك ابداً، وان هذه الأخيرة مازالت في نظرهم quot;قلب كردستانquot;. لكن ومع ذلك، تبدو الحسابات الكردية هنا خاطئة. فالإستفتاء تأجل، والمادة 140 أصبحت منتهية الصلاحية، والجهات المعادية تتحرك وتحاول شرعنة مطاليبها في بقاء كركوك خارج ملاك كردستان. أما تركيا فقد نجحت، وللأسف، في تحقيق أهدافها، وضرب الأهالي بهروات محلية، وتحويل المنطقة إلى quot; وادي الذئابquot; حيث الدماء والجثث تغطي كل مكان، بينما الإنتصار التركي واضح للعيان، وquot;علم تركيا العظمىquot; يرفرف عالياً، فوق كل هذا الخراب!!.

عزيز أوغور
معلق في صحيفة quot;Azadiya Welatquot; الكردية