ليس من الدقة أن نقول إن البصرة أصبحت مدينة آمنة، وأن الأمن فيها قد تحقق بفضل عمليات التطهير الأخيرة التي نفذتها المليشيات الرسمية ضد المليشيات غير الرسمية.


إن النظر إلى أمن الناس وأمانهم بالقياس إلى تراجع معدل الانفجارات فقط أمر غير دقيق ويحتاج إلى مراجعة، لذا لايمكن أن نقول البصرة مدينة آمنة قبل أن يتحقق العدل فيها ويقُدم اللصوص الرسميون والقتلة إلى المحاكم، ففي داخل المدينة يتحدث الناس عن أن بعض المسؤولين أثروا ثراءً فاحشا منذ أن تسلموا مسؤولياتهم تحت تهديد السلاح المبطن أو مايسمى الانتخابات، وجمعوا ثروات لم يتمكن صدام حسين من جمعها خلال فترة حكمه الطويلة، وقد هربوا ماحصلوا عليه إلى دول أخرى.


يتهم الناس في جلساتهم الخاصة وخشية التصفية الجسدية حزب الفضيلة ومنظمة بدر والتيار الصدري وحزب الدعوة وثار الله وجند السماء والأحزاب التي تنتهج هذه الايدلوجيات بتصفية علماء المدينة وأساتذتها وأطبائها وتهجير البعض الآخر، وأن أهالي الضحايا لايستطيعون تقديم الشكاوى الآن لأنهم لايثقون في أحد، وأن المحاكم تعمل تحت سيطرة هذه الأحزاب وليس بأمكانها تحقيق العدل وأنصاف المظلومين.


نعم يستطيع الفرد أن يتسوق ويخرج ليلا ويذهب مع عائلته الى بعض الأماكن داخل المدينة، لكن لا أحد سيكون في حمايته إذا قرر أحد الأحزاب تصفيته.


إن الاتهامات كثيرة للزمر التي تحكم البصرة حاليا ولأحزاب التي تعيث فيها فسادا وتهرب نفطها من دون وازع من ضمير، لكن بعض الاتهامات قد تكون ظالمة، لذا يأمل الناس في أن تحال قضايا البصرة إلى محكمة دولية تنظر في هذه التهم وتعيد إلى المدينة ثرواتها المنهوبة وتنصف أهالي الضحايا، وتسحب الحصانة من المجرمين الذين يلوذون تحت عباءة البرلمان والأحزاب، كما تمنح الأبرياء شهادة البراءة من التهم التي الصقت بهم.


على البصريين أن يعملوا على تأسيس منظمات مدنية تطالب بتشكيل محكمة دولية خاصة للنظر في جرائم البصرة الانسانية، وإذا بقيت الأمور على هذه الحال بدون محكمة دولية فلن يكون هناك أمن في البصرة أبد الدهر إلا إذا قامت ثورة نظيفة تعيد العدل،عندها سيعود المهاجرون إلى ديرتهم.


أكرر القول..لا أمن ولا أمان الآن في البصرة مازال المجرمون واللصوص الرسميون وغير الرسميين يتحكمون بميزان العدل في المحافظة، حتى وأن توقفت الانفجارات،فإلى ذلك نسترعي الانتباه.


إذا لم نستعن بالمحكمة الدولية فيسظل كل مسؤول جديد في البصرة يعمل حسب شهواته ويواصل القتل والسرقة،لأنه يدرك أنه لاحساب ولاعقاب، وهنا ندعو الأمم المتحدة إلى أن تلتفت إلى هذه النقطة،لأن البصرة تغفو على ثروات هائلة وبإمكانها أن تلعب دوراً إنسانيا حيويا لو عاد لها الأمن الحقيقي وبدأت تشق طريقها مثل المدن العريقة الغنية.


هنا أتساءل ويتساءل الناس معي: من قتل هؤلاء؟، من قتل الدكتورة تحفة جعفر والدكتورة يسرى هاشم وزوجها الدكتور عبدالله حامد وشقيقتها الصيدلانية مي هاشم؟


ومن قتل الطبيب العظيم خالد ناصر المياحي بعد تعذيبه.. ومن قتل الأطباء حيدر البعاج وجاسم فيصل وكريم حساني ومرتضى؟ ومن ذبح الدكتور شلال السعد والدكتور محمد الحكيم وغيرهم الكثير؟ ومن هجر الكفاءات وطاردهم بشتى الوسائل؟
عندما يتحقق الأمن الحقيقي سنجد الإجابة:

جاسب مجيد