انقلبت الدنيا راسا على عقب بسبب فيلمquot; اعدام فرعونquot; الايرانى الذى اتهم القائمين عليه الرئيس الراحل انور السادات بالخيانة وجردوه من وطنيته وخلدوا على الجانب الاخر قاتليه..شاهدنا حالة من الغضب انتابت الجميع فى القاهرة، وتصاعدت الامور على المستوى الرسمى حتى انه تم استدعاء الممثل البلوماسى الايرانى كما وصل الفيلم الى مجلس الشورى والى ساحات المحاكم بعد ان اعلنت جيهان السادات حرم الرئيس الراحل عن تحريكها لدعوى قضائية ضد الفيلم، علاوة على تكفير مجمع البحوث لصناعه.
وتبلورت اجواء التوتر الى منحى اكثر شراسة، وصل الى حد الغاء الاتحاد المصرى مباراة كرة قدم كانت مقررة للفريق المصرى مع نظيرة الايرانى بسبب الفيلم، وبسببه ايضا تم اغلاق مكتب قناة quot; العالمquot; الفضائية الايرانية فى القاهرة بدعوى عدم اكتمال التراخيص اللازمة فى تطور اخير. وياترى ماذا ستسفر عنه الايام القادمة من جديد ؟
ردة فعل المستوى الرسمى ضد الفيلم تدعو للدهشة والاستغراب على الاقل على المستوى الشعبى، وخاصة ان الفيلم الايرانى المتهم بانه السبب فى التوتر بين البلدين، لم يكن الوحيد الذى ينال من رمز من رموز مصر، وليس الاول ولن يكون الاخير فى سلسلة افلام الحقد على المصريين سواء شعبا او حكاما، حتى تنقلب الدنيا بهذا الشكل وتتوتر العلاقات الى حد مطالبة البعض بمقاطعة ايران تماما. فطالما حدثت ولاتزال تحدث اساءات ولم يصدر ردة فعل مناسبة من قبل الحكومة وهو ما اثار علامات استفهام فى الاذهان عن سبب تحرك الحكومة هذه المرة وتجاهلها للاعمال السابقة!
فالاساءات الى رموز مصر من خلال الشاشات الفضية او زميلتها الذهبية او من خلال ما تسمى بالافلام الوثائقية كثيرة، لدرجة انه لا يفوت يوما دون ان نسمع عن اساءة او هجوم جديد على ميت او حى ولا تتحرك الحكومة وليس فيلم quot; روح شاكيد quot; الاسرائيلى و quot; الفتنة quot; الهولندى ببعيد وغيرهما من عشرات الافلام التى تنتجها هوليود.
وان كانت مثل هذة الوقفة ضد الفيلم الايرانى من وجهة نظر البعض مطلوبة وملحة لايقاف اهانة رموز مصر او الدين الاسلامى، ولا احد يمكن ان يختلف، فمن الضرورى ايضا الوقوف وبنفس القوة ضد عشرات الافلام والدول والجهات الراعية لها، والا يتهم النظام بالتعامل بمكيالين. فالجراح الذى تسبب فيها الفيلم الاسرائيلى quot;روح شاكيد quot; للمصريين لم تداوى بعد، ولا تزال اثار الفيلم الذى بثته اسرائيل العام الماضي و يصور إعدام وحدة شاكيد الإسرائيلية لـ250 أسير مصري خلال حرب 1967 بمثابة الصدمة التى لن ينساها المصريين بسهوله، ولن ينسى الشعب المصرى ايضا الموقف المخزى للمستوى الرسمى والذى لم يثمر عن نتيجة حتى الان باستثناء بيانات شجب وادانة اكتفت بها لا تشفى ولاتثمن غليل الشعب المصرى من اليهود الذين ارتكبوا هذة الجريمة الشنعاء المتنافية مع الشرعية الانسانية وقوانين حقوق الاسرى.
وقد تضمن الفيلم كيفية تصفية الأسرى المصريين في حرب عام 1967 في شبه جزيرة سيناء وداخل السجون الإسرائيلية، وتحدث في الفيلم الوثائقي عدد كبير من الجنود الذين خدموا في صفوف وحدة quot; شاكيد quot; وكشفوا عن عمليات القتل التي قاموا بها بدم بارد ضد جنود من وحدة quot;الكوماندوزquot; المصرية وهم في طريق انسحابهم للغرب داخل سيناء بعد توقف القتال. ورغم ذلك لم نر ردة فعل قوية على قدر قوة ردة الفعل ضد الفيلم الايرانى رغم ان الاثنان يشتركان فى شئ واحد هو الاساءة لمصر ورجالها.
ولماذا تتجاهل الحكومة التليفزيون الإسرائيلى الذى يقدم برنامجا يقوم فيه أحد الممثلين الإسرائيليين بتقليد ساخر ومهين للرئيس مبارك ؟ّ!... لايقاف بث الحلقات التى وجدت طريقها على الانترنت عبر موقع quot;يو تيوبquot; ويشاهدها الآلاف يوميا. ولماذا لم تتحرك الحكومة ايضا عندما سخر برنامج عرائس على قناة quot;قنال بلوسquot; الفرنسية بعنوان quot;جنيولquot; من الرئيس مبارك شخصيا وأساء له إساءة بالغة؟
ومن تعود به الذاكرة الى هوليود يجد عشرات الافلام التى تهاجم الرموز المصرية فضلا عن العشرات الاخرى التى تهاجم العرب والمسلمين وتسىء للاسلام والرسول الكريم (ص) بشكل فج وقذر، اعطت لها الحكومة ودن من طين واخرى من عجين وليس الفيلم الأمريكى quot;حرب شارلى ولسونquot; الذى أساء إساءة بالغة إلى المشير عبد الحليم أبو غزالة عندما كان وزيرا للدفاع الوحيد، فهناك الفيلم الأمريكى quot;تسليم المشتبه بهمquot; الذى يعبر عن قانون بنفس الاسم، خرج بعد 11 سبتمبر يقضى بأن يتم استجواب كل مشتبه به من جنسية ما فى بلده، وفى الفيلم يتم إرسال مصرى لاستجوابه فى مصر، فيلقى أشد وأقصى صنوف التعذيب، لينتهك الفيلم على الملأ سيادة الدولة المصرية، ناهيك عن سلسلة طويلة من أفلام الماضى فى هذا الشأن لدرجة وصلت الى الترويج بان اليهود بناة الاهرامات فى فيلم ويل سميث الجديد و عشرات الأفلام التى أساءت للذات الإلهية والأنبياء والرسل، بشكل مباشر أو غير مباشر مثل اخرها فيلم الفتنة الهولندى الذى يسئ الى الاسلام والرسول الكريم محمد (ص) والذى لا تزال تداعياته قائمة حتى الان.
محمد حميدة
القاهرة
التعليقات