نظام دمشق المتآكل حاليا وفق صيغة تصاعدية قد تسفر عن متغيرات درامية مفاجئة لم يخجل وهو يعلن العفو عن الدكتور الحر و رمز ربيع دمشق السيد ( عارف دليلة ) الذي يمثل رمزا نضاليا شامخا و قلعة من قلاع الصبر و التحمل بعد أن قضى في سجون النظام المهزوم سبعة أعوام عجاف لاقى فيها ما لاقى من التعسف و الظلم و الهوان و تجرؤ صبية النظام من المتريفين عليه، فسجون النظام السوري معروفة و موثقة لنا جميعا و لا تحتاج لشهادة تعريف من أحد فقد دخلناها و خبرناها و عرفناها و عايناها ميدانيا وواقعيا، و العفو الرئاسي لا يمكن إعتباره مكرمة و لا دليل على التنازل عن صيغة الإستبداد فالدكتور دليلة لم يفعل شيئا يستحق من جرائه نيل تلك العقوبة الظالمة و التي لا مبرر لها أبدا، لم يتآمر على الوطن السوري، ولم يتخل أو يبيع أجزاء منه!! و لم يقامر بالسيادة و الكرامة، ولم ينهب أو يسلب أو يحرف الدستور المزيف حسب الطلب!!

و لم يتفاوض أو يتطارح الغرام العلني أو السري أو في الفراش الأمريكي الوثير مع أعداء الوطن بل كان صوتا مدويا حرا و طيرا من طيور الحرية و الإنعتاق و نبراسا كاشفا يبدد ظلمات الإستهتار و الإستبداد و الفاشية، ألا يخجل نظام الصمود و التصدي المزعوم من إستباحة حرية الأحرار و تذويب إرادة المناضلين و سحق كرامة الأحرار و المجاهدين؟

ألا يشعر بالخجل وهو يقارن في وسائل الإعلام بين الأسرى الذين كانوا في السجون الإسرائيلية ثم خرجوا بكامل صحتهم و عافيتهم زائدا شهادات دراسية عليا أتيحت لهم رغم كونهم وفقا للقوانين المرعية قتلة و إرهابيين!!

بينما لم يرفع الدكتور دليلة و رفاقه الأحرار السلاح بوجه أحد أبدا، لم يقتلوا شيخا أو يرهبوا طفلا أو يروعوا إمرأة! كل ذنبه الرهيب هو شجاعته في قول كلمة حق أمام سلطان جائر و حاقد و غشوم و مستبد، و كل عدته التسليحية هي القلم و الورق و اللسان و فصاحة القول و الشجاعة في التصريح و التلميح، لم يرد الدكتور دليلة الموت لشعبه و لم يستحضر الدمار و لم يدع لإحتلال أو ظلم بل دعا لحرية مسلوبة و لإستعادة كرامة وطنية مفقودة و عمل مخلصا لتحريك الراكد في مستنقع النظام الفاسد المتعفن الذي قامر بالوطن فخسر المقامرة و رهن الشعب تحت ظلال تجاربه الفاشلة و حول البلد بأسره لإقطاعية عائلية خاصة متوارثة هي اليوم في نزعها الأخير بعد أن تآكلت من الداخل و باتت عصابات النظام تأكل بعضها بعضا في ظاهرة واضحة من ظواهر الإنقراض و الإضمحلال القريب و الحتمي، لله درك يا عارف دليلة و أنت تخوض التحدي و تتحمل الآلام بأسطورية في ظل تجاهل إعلامي عربي مرعب و نفاق دولي و غربي مخجل و مفضوح يضع كل الشعارات التحررية الغربية التي نسمعها تحت نعل حذاء الأحرار، مأساة الدكتور دليلة لا تمثل سوى نزرا بسيطا من مأساة الشعب العربي السوري المناضل المجاهد المسحوق تحت حراب نظام الرعب و القتل و الإستبداد الشامل، و سجون نظام دمشق الرهيبة هي أهم أسلحته التدميرية الموجهة ضد الشعب السوري و ليس ضد أعداء الشعب و الوطن، لقد أفلست الأنظمة الفاشية و لم يعد لديها ما تقدمه في ظل التسابق على نيل الرضا الهمايوني الأميركي و الغربي و الإستعداد للمفاوضات القادمة مع الإسرائيليين بأولمرت أو بدونه كما قالت الرفيقة المناضلة ( بثينة شعبان ).

تحية لك و ألف تحية أيها المناضل الأصيل و ضمير الشعب السوري الدكتور عارف دليلة فبتضحياتك الهائلة قد رسمت طريقا للأحرار و بنضالك الكبير تتجمع طاقة المناضلين، فطوبى لك وقد نجحت في تعرية النظام المهزوم حتى من ورقة التوت، و ستبقى إرادة الأحرار أقوى من كل كرابيج الظلمة و المستبدين، و كلنا ثقة بأن الشام العظيمة بشعبها العظيم على موعد مع الحرية و هو موعد لو تعلمون عظيم..

داود البصري

[email protected]