أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: لا يكل المهاجرون السريون، الذين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء بالقارة السمراء، من تكرار محاولة quot;اختراقquot; الحواجز المنصوبة على طول الشريط الموضوع من قبل الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية، حتى لو كان ذلك سيكلفهم حياتهم، في محاولة لبلوغ quot;الفردوس المفقودquot;، الذي يعتقدون بأنه سيخلصهم من سنوات الجوع والفقر ويجنبهم مآسي الحروب الأهلية.

وعلى الرغم من أن البلدين اعتمدا تجهيزات متطورة لرصد تحركات المهاجرين السريين، إلى جانب تأمين جميع المنافذ وإغراقها برجال الأمن، إلا أن هؤلاء ينتظرون دخول فصل الصيف، عندما تنشط عمليات العبور، ليستأنفوا محاولاتهم، التي كانت آخرها، صباح اليوم الاثنين، عندما اندفعت مجموعة، تتكون من 59 من المرشحين للهجرة السرية، نحو بوابة باريو تشينو، في محاولة جديدة للدخول إلى مدينة مليلية السليبة، التي تخضع إداريا إلى حكومة مدريد.

وأكدت السلطات المحلية في الناظور (شمال المغرب) أن القوات العمومية أوقفت هؤلاء المهاجرين، الذين يحملون جنسيات مختلفة، قبل وصولهم إلى نقطة الجمارك وسلمتهم إلى الشرطة.

وتعد هذه العملية الثانية من نوعها في ظرف 3 أشهر إذ سبق أن حاول 40 مهاجرا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي، اقتحام المركز الحدودي باب مليلية.

وأوقفت القوات العمومية حوالي عشرين منهم، قبل تمكنهم من الوصول إلى مركز العبور، في حين نجح المهاجرون الآخرون في أن يلوذوا بالفرار.

وتنظم السلطات الأمنية، في فترات متفرقة، حملات في المدن الكبرى لإيقاف المهاجرين الأفارقة، الذي استقروا في المغرب، رغم عدم توفرهم على وثائق.

ويوجد في الدر البيضاء الآلاف من الأفارقة الذين اضطروا إلى امتهان الاستجداء، في محاولة لتوفير أموال تغطي مصاريف quot;رحلته السريةquot; نحو أوروبا، في حين قرر آخرون الاستقرار، بشكل دائم، في المملكة، حيث عملوا على تأمين عمل واكتراء شقق داخل مجموعات سكنية.
أما فئة أخرى فاختارت احتراف النصب والاحتيال على المواطنين، إذ تتقاطر على المفوضيات الأمنية العشرات من الشكايات التي يكون أبطالها مهاجرون أفارقة، الذي ينشطون بشكل كبير في تزييف العملة الصعبة، خاصة الدولار الأميركي.

وكان ستة مهاجرين أفارقة، قبل أزيد من سنتين، لقوا مصرعهم عندما حاول المئات، أغلبهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء،اقتحام الحاجز الذي يفصل بين المغرب ومدينة مليلية المحتلة، ليرتفع آنذاك عدد قتلى محاولات العبور إلى 11 خلال أسبوع.

أمام خطورة الوضع دعت المفوضية الأوروبية السلطات الإسبانية والمغربية إلى quot;التعامل باعتدالquot; مع هذه الظاهرة وأقرت في الوقت نفسه بأنه quot;وضع من الصعب جدا معالجته.

وكثفت السلطات المغربية، في الآونة الأخيرة، عمليات مكافحة الهجرة السرية فوق أراضيها، وقامت قوات الأمن بعمليات تمشيط واسعة في المناطق الشمالية المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 18 مليون أفريقي في طريقهم quot;إلى الشمالquot;، وأن الكثيرين منهم موجودون حاليا قرب سواحل البحر الأبيض أو تائهون في الصحاري.

وترتفع موجات quot;الهجرة إلى الشمالquot; بسبب الحروب والتوترات والكوارث الطبيعية والمجاعات في القارة السوداء. كما تساهم فيها شبكات المتاجرة بالآم المحتاجين وعذاباتهم من عصابات المافيا والتهريب والتزوير.

وتشعر الدول الأوروبية بالقلق من تزايد موجات الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها وتعمل جاهدة على الحيلولة دون وصول المهاجرين غير الشرعيين إليها من خلال تشديد الإجراءات الأمنية وسن القوانين الصارمة.

وتحاول هذه الدول منذ سنوات تحصين حدودها الجنوبية رغم النجاح المحدود لذلك في منع الهجرة.