ربما تسببت بعض قرارات الرئيس الأمريكي جورج دبلو بوش في كثير من الجدل هنا وفي الخارج حول جدواها وأهدافها. فالبعض انتقدها والبعض أيدها وذلك مشروع للفريقين. ورغم التباين في الآراء والاختلاف في التوجهات إلا أن هناك نقطة التقاء للفريقين وهي أن بوش اتخذ قرارات حازمة في أوقات حالكة. وربما كان هناك عدد من المواطنين الأمريكيين ممن كان لهم بعض التحفظات الشخصية على بعض القرارات وتساؤلات حول جدوى قرارات أخرى إلا أن الاتجاه العام هو أن بوش كان يتخذ قراراته بناءا على ما اعتقد بأنه الأفضل من أجل المصلحة العامة. وقد وفق في بعضها وتمنى لو أن بإمكانه تغيير بعضها الآخر كما عبر بوش في خطابه الأخير يوم الخميس 15 يناير 2009.

أنا أعتقد أن أحد تلك القرارات الصائبة لإدارته كان تفعيل فريق للتواصل مع العالم العربي. فأنا أتشرف بالتواصل مع أبناء جلدتي بشكل دائم من خلال مقالاتي ونقاشاتي في المنتديات على الإنترنت. وما كنت سأحظى بهذا الشرف وتلك المتعة ما لم تهتم الولايات المتحدة بشعوب العالم العربي. ورغم أن البعض يعتقد بأنها خصلة تشير إلى الضعف إلا أن رغبة الشعب الأمريكي في كسب احترام الآخرين والإبقاء على علاقات مودة هي الخصلة الأهم التي تحدد وتفسر العديد من قرارات السياسة الخارجية الأمريكية. ولا أدل على عمق تلك الخصلة الأمريكية من تبرع المواطنين الأمريكيين بعشرات المليارات من الدولارات كل عام ناهيك عن ما تخصصه الحكومة الأمريكية من عشرات المليارات الإضافية. وسواء كانت هناك انتقادات لقرارات سياسية اتخذتها الولايات المتحدة خلال الأعوام الثمانية الماضية إلا أنه في المحصلة تبقى الصورة الحقيقية لأمريكا معقدة، ولا يمكن اختزالها إلى خصلة واحدة ولا يمكن إصدار حكم أوحد أو مطلق بشأنها.

بعض القراء كتبوا لي معبرين عن آرائهم بأنني أكتب ما أكتب عن عدم قناعة، مؤكدين على أنه لابد لكوني عربي الأصل أن أوافق أرائهم الشخصية. واعتقد آخرون بأن الفريق سيذهب أدراج الرياح بانتهاء عهد بوش. الاعتقاد في الحالتين خاطئ. فأنا سأبقى بعد قدوم الرئيس باراك أوباما كما أنني كعربي أمريكي أؤمن بكل كلمة أكتبها وأحاول جاهدا شرح السياسة الأمريكية دون تنميق أو تحسين ودون تثبيط أو تحبيط. فالولايات المتحدة دولة ديمقراطية تخضع لإرادة شعبها وليس لتسلط عشوائي لحكومتها والشواهد على ذلك عديدة ومنها التداول السلمي والسلس للسلطة. فقد أكد بوش في خطابه الأخيرة الموجهة للشعب الأمريكي بأن يوم الثلاثاء 20 يناير 2009 سيشهد تداول السلطة من رئاسته إلى رئيس انتخبه الشعب الأمريكي لقيادة الدولة مؤكدا أن quot;العالم سيقف شاهدا على حيوية الديمقراطية الأمريكية. وكما هي التقاليد الراسخة منذ تأسيسنا سوف تنتقل الرئاسة إلى وريث اخترتموه أنتم المواطنون الأمريكيونquot;.

لقد أكد بوش في خطابه الأخير للشعب الأمريكي على أنه كغيره من الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه quot;عشت بعض الإحباطات. هناك بعض الأشياء التي كنت سأغير منها لو توفرت لي الفرصة. ومع ذلك فإنني اتخذت كل خطوة واضعا مصلحة بلادنا نصب عيني. لقد استشرت ضميري وأقدمت على ما اعتقدت بصوابه. ربما لا تتفقون معي في بعض القرارات الصعبة التي اتخذتها. ولكن أتمنى أن نتفق على أنني كنت مستعدا لاتخاذ تلك القرارات الصعبةquot;. التاريخ سيحكم على بوش ومن المؤكد أن حكمها سيكون منصفا بأي ما كان.

لعل طابع الخطاب الوداعي لبوش يظهر جانبا مختلفا لبوش الرجل الذي يؤمن بشرف خدمة الشعب الأمريكي من خلال المناصب الانتخابية للخدمة العامة. وكان دعاء بوش الأخير quot;اللهم اطرح البركة في رئيسنا القادمquot;، فالرئيس الجديد هو رئيس جميع الأمريكيين بمن فيهم بوش. وفي ظهر الـ 20 من يناير 2009 يعود بوش على صفته الشخصية والاعتبارية كمواطن أمريكي وهي الصفة التي قال عنها quot;أنني دائما أتشرف بحملي للقب الذي يعني لي أكثر من أي لقب آخر: مواطن في الولايات المتحدة الأمريكيةquot;... وداعا بوش وأهلا أوباما.

وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
[email protected]
http://www.america.gov/ar
http://walidjawad.maktoobblog.com