تبرهن تركيا يوما بعد آخر ريادتها التاريخية والحضارية والسياسية في المنطقة باشكال مختلفة، فمواقفها السياسية في كل ما يخص الشأن العربي متقدمة باشواط على الموقف العربي الرسمي، وتعاطيها الدبلوماسي مع التعنت والصلف الصهيوني رشيق ومؤثر ومستفز لاسرائيل الى ابعد الحدود فيما الدبلوماسية العربية تمارس استخذائها على استحياء.
ليس بعيدا عن السياسة والفن والدراما، توجه تركيا لطمة جديدة للاسرائيليين عبر مسلسل شيق ذو حبكة درامية مدروسة ومحكمة وابهار بصري يصور الاجرام الصهيوني اليومي في فلسطين كأنك تعيشه.


مسلسل quot; الوداعquot; اوquot; ايرليك quot; بالتركية الذي أغضب اسرائيل الى حد التهديد بقطع علاقتها مع quot;الاستانةquot;، يستحق ان يبرز وان يقدم للمشاهد العربي بدلا من ذلك الكم الهائل من وجبات الحب والغرام التي تفرضها علينا اغلب الشاشات العربية.


اليوم،حيثما تول وجهك على شاشات التلفاز ثمة مسلسلات تركية تتشابه فيها حكايات العشق، فلماذا لا تبادر مجموعة ام بي سي مشكورة للتكفير عن جرائمها الاباحية بالترويج لهذا العمل التركي الملتزم والمميز عبر دبلجته الى العربية.


ورغم التحفظ على بعض تفاصيل المسلسل كعلاقة الحب التي تجمع بين فلسطينية وجندي اسرائيلي الا ان العمل برمته يشكل رسالة فنية راقية تعرف كيف تتسبب بصداع يومي لقادة اسرائيل على راسهم لبرمان.

ويحكي المسلسل باتقان متفلز عن عائلة الشاب رضوان الفلسطينية التي تتقطع إربا. فوالد رضوان، بشير، يقتل عند حاجز تفتيش اسرائيلي على يد موظف اسرائيلي وعن عمد.
اما زوجة رضوان، مريم، فتلد ابنها ايضا عند حاجز اسرائيلي في بيت خرب. والطفل المولود يقتل بين يدي ابيه بعد دقائق من ولادته على يد جندي اسرائيلي. اما شقيقة رضوان، كوثر، وبعد ان ترى ابن شقيقها يقتل على يد اسرائيلي ويتضرج بدمه، فتخاطب الاسرائيلي بالقول quot;اسمع.. ان لطخة الدم لا تمحى بسهولةquot;.
الاتراك قريبون من ثقافتنا وطباعنا ومن وجداننا وقضايانا ايضا واذا كان ثمة عصا سحرية لدى الدراما التركية لتغيير العالم العربي فلا بأس.


واذا كانت الدراما التركية بشقها الرومانسي قد اخترقت العقل العربي واستغلت فراغا عاطفيا كما يروج البعض..فثمة دراما تركية محببة نتمنى ان تفعل فعلها في عقولنا حتى تذكرنا على الاقل بان ثمة غزة وثمة مقدسات وحقوق مغتصبة.