تفجيرات يوم الاحد الارهابية في بغداد، ليس بالامکان الجزم بأنها تحمل بصمات القاعدة لوحدها کما تصور علي الدباغ، وانما کل الاطراف الاقليمية من دون إستثناء والتي باتت تلعب کل منها على حدة(أو بشکل ثنائي او ثلاثي...الخ)في ظل الموقف الامريکي البالغ الميوعة منذ إدارة الرئيس الاستعراضي باراك اوباما.


هذه العملية الارهابية القذرة البعيدة کل البعد عن أدنى المعاني والقيم الانسانية و المنعزلة تماما عن أي دين أو عقيدة سماوية سمحاء، تؤکد مجددا مدى الرهان الاقليمي على ضرورة إفشال العملية السياسية في عراق مابعد البعث، رهان هو بمثابة دبکة مشوهة تشترك فيها مختلف الجهات و الاطراف وکل يرقص بطريقته الخاصة من دون أن يأبه لطريقة و اسلوب رديفه.


صحيح ان اصابع الاتهام تشير بقوة دوما صوب عاصمتين، واحدة تصدر أدمغة معلبة بدين تجاري ذو مارکة أميبية قابلة للتفخيخ و التفجير و الدمار والافتاء بحسب المقاس و عند الطلب، والاخرى تصدر أدمغة (عروبية) تلعب على ألف حبل و حبل، أدمغة تصافح بيد وتفجر بأخرى تصفق بيد و تذبح بأخرى، وبين هاتين العاصمتين يجب عليك أن تتهم المخابرات الامريکية المرکزية و الموساد و أبليس...الخ لکن يجب عليك أيضا أن تذکر هاتين العاصمتين بخير لأنهما لاتحملان في جعتيهما سوى الخير و الخير المحض ليس للعراق وحده وانما لفلسطين و لبنان و حتى اليمن و الامة العربية جمعاء!


لقد خرج الامريکان من العراق بعد ان کنسوا قمامة تلك العاصمتين من داخل العراق واجبروا القاعدة على الهروب بجلدها من بأسهم کفئران مذعورة، لکن تلك القمامة مع تلك الفئران المذعورة، قد عادت مع الرئيس النوبلي الاستعراضي اوباما الذي بنفسه لايدري ماذا يفعل و ماذا يريد سوى أنه يقول و يتوعد لکن بقبضتين من حرير ولأجل ذلك فإن اکوام القمامة قد تجمعت من جديد و بدأت بالعبث و اللعب بمقدرات وامن و استقرار العراق ومن خلفه بهيبة امريکا و مواقفها السياسية، لعب ليس يستفيد منه شعب العراق وان کان الغمز من قناة طائفة محددة بيد حتى هذه الطائفة ستضيع في هکذا لعبة دموية غير مأمونة العواقب وان هذه التفجيرات ومهما کانت فإنها تمهد و بقوة لعودة(العنف الطائفي) مع ماتشيعه اوساط دبلوماسية محددة عن إحتمال العودة بالعراق الى مربع(الذبح على الهوية)إذا لم تسير الامور وفق املائات و مشيئات هذه العاصمة أو تلك العاصمة و مسکين السيد نوري المالکي عندما يتهدد و يتوعد من دون أن يمتلك العدة المناسبة لتهديداته بل ويجب أن يدرك أنه بحد ذاته بات يقف على أرض رخوة غير متماسکة وانه مالم يتم تدارك الامور فإن العراق سيسير في طريق غير مأمون النهاية.


تذکر أوساط صحفية مطلعة في فينا بأن سيناريوهات التفجيرات الدموية غير العادية في العراق، من المرجح جدا تکرارها مالم تتوضح الکثير من المسائل قبل الانتخابات القادمة والتي يبدو ان السيد المالکي يسعى للفوز بها، هذه الانتخابات وقبل ان يتم إجرائها، ستتم إرسال المزيد من هکذا رسائل دموية مجهولة بالشکل و معروفة على وجه التحديد بالمضمون، وان المالکي وکل الاطراف العراقية الاخرى المشارکة بالعملية السياسية ستتحمل بشکل او بآخر قسطا کبيرا من العمل المضني من أجل الحفاظ على امن العراق بعد الرسائل الدموية الاخيرة المرسلة من خلف الحدود برغم ان العملية ليست و لن تکون بتلك السهولة ذلك أن المشکلة تکمن في ان مصادر الارهاب القادم من خلف الحدود تقبع داخل اروقة الحکومة العراقية نفسها مثلما ان الايادي المنفذة للجرائم هي عراقية 100% وعلى الرغم من ضرورة المضي قدما في سياسة الضغط خارجيا على دول الجوار من أجل کف يدها عن العراق، بيد أن المطلوب في هکذا حالة هو بتر اليد لأنها الاجدى و الانجع نتيجة والمشکلة التي ستصادف الارادة العراقية هنا هي هل هنالك بحق الإمکانية و القوة اللازمة لهکذا مطلب؟ للاسف البالغ ليس هنالك في الافق مايدل على ذلك ومن أجل ذلك فإن الوضع العراقي يتجه صوب مفترق يقود الى الهاوية، لکنها لن تکون الهاوية التي سيستقر بها العراق لوحده وانما سيتبعه من دون شك أکثر من طرف متورط في الرمال العراقية المتحرکة، وستعلم تلك الاطراف کم کانت غبية عندما ظنت ان اللعب بمقدرات العراقيين و دمائهم من أجل المصالح الخاصة سيمر من دون مسائلة او عقاب. وکما کانت الکويت مصيدة لصدام حسين ونظامه، فإن العراق الحالي سيکون أيضا مصيدة مميتة لعواصم الموت في المنطقة.