نظرت صديقتي إلى جوالي باحتقاروقالت لي :quot;إلى الآن تستعملين هذا،ماعندك بلاكبيري؟quot;وهذه العبارة تتكررعلي كثيرا هذه الأيام حيث أصبح البلاكبيري أو(البي بي )هو الصرعة التي اجتاحت المجتمع حولي وأصبح يتحلق حوله الصغيروالكبير في موجة لن يوقفها إلا اكتساح اختراع الكتروني جديد يصرع البي بي ويكسب الجولة إلى أجل مسمى في مجتمع استهلاكي لا يشبع.

وإذا قلت لهم ما الفائدة منه ردوا عليك بتبجح quot;هذا أوباما عنده يعني انتي تفهمين أكثرمن رئيس العالم؟quot;بالطبع أوباما يحتاج له لأنه ببساطة أوباما،لكن ما هي حاجة كل المراهقين والأطفال حولي لجهازمليء بالخدمات التي تساعد رجال الأعمال والمدراء على إنهاء أعمالهم وقراءة بريدهم واتخاذ قراراتهم.
لكن كما أرى اليوم، البلاكبيري يستخدم كماسنجرمتحرك لا أكثرولا أقل،وكثيرا ما تجلس مع شخص وتتحدث معه عن موضوع محزن كمرض عزيزعليك وتجده يبتسم لأن عينيه على البلاكبيري الذي أوصل إليه نكتة أثناء حديثك،وكثيرا ما ترى أصحاب البلاكبيري عينيهم إلى الأسفل ويرددون quot;وشو،ما سمعتكquot;.ء.

هناك أسباب كثيرة ساهمت في نجاح اكتساح البي بي للمجتمع السعودي، فهناك جوع إلى التواصل في بلد تحكمه الأسوار العالية والنفوس المصفحة والحواجز،أيضا فيه إشباع لآفة الفضول و(اللقافة )فهو يتيح معرفة أسرار الآخرين وأين سافروا وماذا اشتروا وبماذا يفكرون،و هو فرصة ذهبية للادعاء والتشاوف ورسم صورة خيالية افتراضية للشخص بعيدة عن الواقع تشبع نهمه وترقع عقده، كما علمت أخيرا أنه أصبح وسيلة سريعة للهمزو(الذب )و(الدق )وتوصيل الرسائل السلبية للآخرين،ويدعم ذلك كله بالتأكيد الفراغ و الفضاوة.

هناك إعلان ساخرعن قبعة حماية (هلمت )لأصحاب البلاكبيري حتى لا يتضرروا أثناء سيرهم لأنهم أصبحوا يسيرون وعيونهم لا ترى إلا هذا الكائن الأسود الملصق بيدهم،ويقدم الإعلان أيضا علما أحمركهدية تضعه فوق القبعة كي يعرف الجميع أنك من حملة البي بي فيبتعد عن طريقك.

هناك مقولة جميلة لتوماس فريدمان عن التقنية بأنها quot;قربت البعيد وأبعدت القريب quot;وهذا صحيح فبقدرما قربت البعيد بقدرما قطعت التواصل الحي مع المقربين والأحياء من حولك.

للأسف فقد وصلت التكنولوجيا إلى أقصى درجات التقدم لكنها مهدرة على جيل مترف استهلاكي مدلل..


[email protected]
reemalsaleh.blogspot.com