قرأت النص الكامل لبرنامج الإتجاه المعاكس حول تعدد الزوجات.. بعد أن قرأت مقالة الأخ الأستاذ أبو خوله التي نشرت في إيلاف يوم 9 ديسمبر.. والتي تعكس وجهة نظر غيوره على حقوق المرأه وإحترام آدميتها.. على إعتبار أن المرأه بشر.. وهي أساس تطور المجتمع.
لفت نظري في نص الحوار بين الطرفين.. الإبتعاد الكامل عن أصول الحوار.. والتي تتطلب الإستماع لوجهة النظر الأخرى حيث إستمر الأستاذ الخولي في مقاطعة السيدة إقبال لتضييع الفكرة والتقليل من أهمية رأيها مستندا على النص كما هو.. بدون فهم عميق لروح الدين.. وبوجهة نظر مليئه بالغوغائيه والتجهيل.. لم يحترم بها عقل المشاهد ولا الشريك الآخر في الحوار.. بما يؤكد ديكتاتورية الإسلاميين في عدم السماع للرأي الآخر أومحاولة تفهمه.. أو إحترامه بغض النظر عن الخلاف في وجهات النظر لأنه ومن المفروض أن الهدف الأسمى من الحوار الوصول إلى نتيجه ترفع من مستوى المشاهد وتفيد المجتمع.. إضافة إلى إحتكاره لثلاثة أرباع وقت البرنامج... !!
في بداية الحوار حاولت السيده إقبال القبول بالحل الوسطي لتعدد الزوجات وهو التقيد والتقنين بدلا من رفض مبدأ التعدد بحد ذاته.. و قبلت التماشي مع تبرير الخولي بأن هذه هي إرادة الخالق وهذا حق للرجل بإستطاعته أن ينفذه كيفما شاء ومع أية إمرأه يختارها.. حتى وإن كانت من فئة عمرية أصغر بكثير منه... متفادية التصادم معه والتصميم على عالمية حقوق المرأه وإحترام كرامتها الإنسانيه والتي لا تختلف فيها إمرأة عن أخرى وأن الزواج بثانيه أو ثالثه هو منتهى الإمتهان لكرامة المرأه.. ولكنها عادت مرة أخرى لترفض تبريرات الخولي في التعدد كحل لمشكلة العنوسه. ومحاولته تمرير وتبرير تزويج الصغيرات.. وإن فقدت قوة الإقناع لمقاطعته المستمرة لها... ولإستعماله الدين لخنقها وإسكاتها... ولعدم تمسكها بالمبادىء العالمية لحقوق المرأه متأرجحة في الوسط ما بين القبول بالشرع كما هو.. أو الدخول في حوار موضوعي حول الدين والحقوق...
بالنسبة للمثل الذي أورده الأستاذ الخولي عن رفض ميتران الإعتراف بإبنته غير الشرعية إلا في اواخر حياته.. فأود أن أوضح بأنه وفي زواج المسيار الذي شرعه فقهاء الدين.. فإن للرجل الحق المطلق في إشتراط عدم الإنجاب.. وله أيضا الحق في رفض نسب الوليد له لأن المرأه هنا خالفت الشرط الذي وضعه عند الزواج !!!
إضافة إلى البرنامج وسوء إدارته التي همها فقط توليع البرنامج بغض النظر عن مدى إستفادة المشاهد..... ما صعقني. تعليقات بعض القراء على مقالة ألأستاذ أبو خوله والتي تعكس وجهات نظر بعضها متحجّر تحجّر التراث الذي هو سبب العديد من المشاكل التي تمنع وتحد من أي تطور مجتمعي.. أوأية مبادرة للخروج من ظلمات القرون الغابرة.. وتقضي على أية محاوله للخروج من العقم الفكري.. لمحاولة إيجاد حلول تنتمي إلى الواقع المعاصر.. بدلا من التشبث بواقع قبل 1400 سنه..... و لمحاولته وفي كل مرة تثبيت بأن الحلول الغابرة هي نفس الحلول التي ستنقذنا في عالم اليوم ؟؟؟
سيدي القارىء...
قبل عدة سنوات خرج علينا فقهاء الدين بقانون لحل مشكلة الطلاق الذي تتوه فيه المرأه في ممرات المحاكم وتضّيع من أجل الحصول عليه سنوات عمرها وشبابها بينما يتيح الشرع للرجل الزواج خلال معاناتها.. بزوجة ثانيه وثالثه.. ( وقد يعمل بعض الرجال عملا بما شرعه فقهاء الدين خلال مؤتمر مكه.. حقه في الزواج بتسعه ).. فإستنادا إلى قصة من التراث وقبل 1400 سنه.. بأن إمرأة أتت إلى النبي (سلام الله عليه ) لتقول بأنها لم تعد تطيق الحياة مع زوجها.. وسألها فيما إذا كان هذا الزوج أهداها شيءا عند الزواج.. فأخبرته بأنه قدم لها حديقه.. فأجابها النبي.. ردي عليه حديقته.. ومن هنا حلل فقهاء الدين قياسا على تلك الحادثه.. حق المرأه بأن تخلع نفسها من زواج لم تعد ترغبه.. أي الخروج من زواج لا تريده بالتنازل عن كل ما قدّمه الزوج كمهر لها وهدايا خلال فترة الزواج.. ثم قننته بعض الدول الإسلامية.. متناسية بأن الأصل في أي قانون.. المساواة.. وقانون الخلع هذا ينتهك حقها في المساواة المفروض لكل إمرأه بمساواتها مع جميع النساء.. وتناسوا أن معظم نساء العالم العربي والإسلامي لا يملكن من أمر دنيتهن ولا حياتهن شيئا.. وحتى الإرث قد يتحايل عليه الأخ.. وإن حصلت عليه المرأه فهو نصف حقه.. و فتحوا الباب على مصراعيه لعدم المساواة بين النساء.. وما تخلفه من علل نفسيه بين تلك المتعلمه القادره على التنازل عن كل حقوقها المادية.. وتلك المرأه البسيطه التي لا تستطيع الإنفاق على نفسها. و بلا تعليم ولا مورد.. وبهذا أضافوا علة أخرى للعديد من العلل المجتمعية الظاهرة والمخفية...
واليوم وبمساعدة من الإعلام العربي الذي يتخبط بين مسئوليته في خلق وعي جديد للإنسان يقوم على أسس الحريه والعدل والمساواة والمفاهيم العالمية لحقوق الإنسان وبالتحديد حقوق المرأه وبين التماشي مع فقهاء الدين.... ودفن كل الحقوق. يروجوا بقصد أو بدون قصد لتعدد الزوجات... في سبيل أن تحصل القناة الإعلاميه على أكبر عدد من المشاهدين. وتزيد في تجهيلهم.. ناسية ومتناسية المسؤوليه الأخلاقيه تجاه المشاهدين خاصة وأن الغالبية منه هم البسطاء الكادحين والذين يستغلهم فقهاء الدين بإعطائهم جرعات أفيونه لإستمرار التخلف.. ولزيادة النسل.. وزياد البطاله.. والنتيجه المجتمعيه الحتميه.. عدم قدرة برامج التنميه على اللحاق بركب العالم المتقدم وينحصر همها في إطعام الأفواه المفتوحه لهذا العدد السكاني المتزايد.. يروجوا بطريقة أو بأخرى لحق الرجل في تعدد الزوجات وفي كتم أنفاس المرأه تحت مسمى شرع الله... ؟؟؟
سيدي القارىء... في قصة أخرى عن النبي (سلام الله عليه )....
quot; عن البخارى عن مسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: (إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم، علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما فاطمة بضعة مني، يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها.. )..
لماذا رفض النبي زواج علي بزوجة اخرى.. يريبني ما يريبها ويؤذيني ما آذاها أي انه سلام الله عليه اعترف بالألم الذي سيسببه هذا الزواج لها ولهذا منعه.. وهو ما يتعارض مع رد أحد القراء بأن الرفض كان لعدم جمع إبنة الرسول المؤمنه.. مع أخرى كافرة.. لأنه أكد على أنه يريبني ما يريبها ويؤذيني ما آذاها.. ومع ذلك فإن علي تزوج بعد وفاة الرسول بتسعة زوجات ( كتاب الدكتور خليل عبد الكريم عن الصحابه صفحه 361 ).. وتسعة عشرة أم ولد ؟؟؟؟ إضافة إلى الخدم والعبيد.. وتوفي عن أربعة وعشرين ولدا من ذكر وأنثى؟؟؟؟ !! ( نفس الكتاب صفحه 142. )
إن قبول المرأه في السابق بمثل هذه الإهانات كان نتيجة مقبوله إستنادا إلى الواقع الإجتماعي الذي يؤكد أن الفقر كان سائدا بين الأغلبية.. وأن العرب كانوا يجيزون التعدد ولا يستسيغوا التحديد.. خاصة وأنه علامة من علامات الفحولة والغنى... ولكن التاريخ نفسه يؤكد إختلاف نسبة قبول تلك العادات بين إمرأه وأخرى تبعا للوضع الإجتماعي.. فهناك التي كانت مضطرة إلى الإعتماد على الرجل لحمايتها وإطعامها.. وهناك أيضا من لم يرضين بمثل هذه المهانه. فمثلا لم يتزوج النبي (سلام الله عليه ) على السيده خديجة خلال حياتها... برغم عادة التعدد المألوفه.. ولم يقتني الجواري والسبايا أيضا عادة مألوفة.. كذلك لم يتزوج أي من أزواجها السابقين عليها بزوجة ثانية.. وبالتأكيد فإن السبب يعود إلى وضعها ومكانتها الإجتماعيه إضافة إلى ثروتها والتي أنفقت منها الكثير على النبي بعد الزواج حتى لا يضيع أي من الوقت لتمكنه من التركيز على رسالته السماوية... مع أن الإنفاق على المرأه كان هو الأصل حتى في تلك الحقبة الغابرة.. وعادة إقتناء الجواري والسبايا كانت موجودة على زمنها !!! وكلاهما تغيرا بعد وفاتها.. فالنبي سلام الله عليه تزوج بثلاثة وعشرون إمرأه.. وملك أربعة سبايا.. ربما لأن إنتشار الدعوة كان يتطلب التماشي المعقول لتلك العادات.. ولكن بتنظيمها...
وبالتالي نرى بإن تعدد الزوجات عادة جاهليه إستمرت بعد الإسلام لظروف معينه.. إنتفت بإنتفاء الظروف وتغير الزمان.. ولا يمكن القبول بها تحت أي مبرر غيبي.. يسلب الإنسان المرأه والرجل حريته وإرادته التي هي الأساس في الخلق... أو أي مبرر ينتهك الكرامه الإنسانيه لأي منهما بالتساوي.. فالتعدد هو البغاء بعينه.. مهما حاولنا تجميله..
أسوأ تعليق لأحد القراء.. هو أن إحضار ضرة للمرأه.. فيه إحترام لها بدلا من طلاقها ورميها في الشارع فإنها تبقى معززة مكرمه. وأجد نفسي عاجزة عن الرد... فلا تطاوعني لا الكلمات.. ولا ضميري للإجابة على مثل هذا الرجل.. لأني لا أريد أن أتمنى لإمرأة أخرى قريبة وعزيزة عليه بان تمر بمثل تلك المأساة والتدمير النفسي الذي تمر فيه المرأه حين يتزوج زوجها بإمرأة أخرى..
وأكبر تدمير آخر للمرأه الإنسانه حين يسلبها رجال السياسه حقها في حماية أبنائها ويؤكدوا أنها وعاء للإنجاب والدفن.. كما جاء على لسان القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق في معرض التهوين أو الإستهانه بموت 1500 إنسان خلال عدوان إسرائيل الأخير على غزة.. quot; إذا خسرنا 1500 شهيد فإن بناتنا الحرات وأخواتنا المجاهدات أنجبن خلال فترة العدوان 3500 طفل فلسطيني.. quot;
وأضيف وتستمر حلقة الجهل.. والفقر.. والشهادة.. بأوامرة من أحد بيوته المؤمنه في سوريا أو طهران.... ؟؟؟

أحلام أكرم
باحثه وناشطه في حقوق الإنسان