لاغرو أن الاحداث المأساوية الاخيرة التي عصفت بقطاع غزة لم تهز العرب و تصعقهم لوحدهم و إنما هزت أعماق الضمير و الوجدان العالمي و دعت العديد من الاوساط الاجتماعية و الثقافية في مناطق مختلفة من العالم الى إعادة وجهة نظرها و تقيمها للموقف من اسرائيل تبعا لذلك. وقد کان واضحا ومنذ اللحظات الاولى للهجوم الوحشي الاسرائيلي على غزة، ان هناك خلطا قويا في الاوراق مثلما هنالك تداخل غريب في النوايا و الاهداف المعلنة و المبيتة لکل الاطراف الاقليمية و الدولية بما فيهم العرب أنفسهم، وفي ظل هکذا وضع معقد، لم يکن ابدا من الهين إصدار حکم متسرع و على عجالة من إنفجار الاوضاع في هذه الارض العربية خصوصا وان سعي أطرافا إقليمية محددة لتوظيف الاوضاع المأساوية هناك بسياق يخدم أجندتها قد دفع العديد من الزعماء و القادة العرب الى المزيد من التريث و الکثير من الحکمة قبل إتخاذ أي موقف من هذا القبيل رغم انه کان واضحا ان معظم الملوك و الرؤساء و الامراء العرب قد شجبوا الهجوم الاسرائيلي منذ بدايته و أعلنوا رفضهم الصريح و القاطع للاسلوب(الهمجي)الاسرائيلي في معالجة و حسم الامور.
ان الذي نسمعه و نقرأه هنا و هناك بخصوص مايشاع عن الدور السلبي للزعماء العرب من أحداث غزة و الترکيز المفرط على(لاأبالية)الزعماء و عدم إکتراثهم بل وحتى خيانتهم يدفعنا للبحث و الاستقصاء بخصوص کل هذا الکم السلبي غير العادي من النقد الجارح و المقصود للزعماء العرب و الاهداف الحقيقية الکامنة وراء ذلك. والذي لفت إنتباهنا بقوة، هو ذلك الترکيز القوي على موقف رئيس الوزراء الترکي السيد رجب طيب اروغان قبال الرئيس الاسرائيلي و جعل ذلك بمثابة قميص عثمان مرفوع ضد الزعماء العرب وکأن هؤلاء لم يحرکوا ساکنا من أجل غزة و لم يأبهوا لکل الاحداث المأساوية و الانتهاکات الصارخة للجيش الاسرائيلي هناك وهو برأينا تجن صارخ على الحقيقة و تجاهل مکشوف لجوهر القضية و مضمونها الاساسي، ذلك انه و بموجب العديد من الاوساط الخبرية المطلعة و المصادر الموثوقة، فقد منح الزعماء العرب جل وقتهم لما يحدث في غزة و أکدت تقارير موثوقة بها ان خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله قد صرف جل وقته من أجل غزة و أهلها و مارس ضغوطا جبارة و بکل الاتجاهات من أجل وضع حد للهمجية الاسرائيلية وليس صحيحا بأن اسرائيل قد اوقفت حربها الوحشية ضد المدنيين الابرياء في غزة بعيدا عن التأثيرات العربية بشکل عام و السعودية بشکل خاص، إذ ان معظم التحرکات الدولية کانت اساسا بموجب قوة الضغط العربيةquot;الرسميةquot; عموما و السعودية خصوصا، وان مجمل التأثيرات الدولية على اسرائيل کانت حاصل تحصيل المساعي السياسية التي أدتها الدبلوماسية العربية وأن تهويل أية مساع أخرى بعيدا عن هذا السياق هو تحريف لروح الحقيقة أو حتى يمکن القول انه لغط من دون طائل. ومن دون أدنى شك، ان أعداء العروبة و المتربصين بها شرا هم من أکثر الذين سعوا و يسعون من أجل تصغير شأن دور الدبلوماسية العربية و التشکيك في مصداقية و وفاء الزعماء العرب للأمة العربية وهو امر لو دققنا النظر فيه و قلبناه من جميع جوانبه لوجدنا انه يخدم أجندة أقليمية و دولية معينة على المديين القريب و البعيد. اننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان، نتابع عن کثب الجهود السياسية العربية وبالاخص مابذله و يبذله القادة العرب في سبيل الاوضاع المأساوية الاخيرة في غزة و نثمن عاليا الدور المحوري الذي لعبته الدبلوماسية العربية في إجبار آلة الحرب الصهيونية على إيقاف عدوانها البربري على المدنيين الآمنين بغزة. واننا في المجلس الاسلامي العربي قد وجدنا من صلب واجبنا المضي قدما في طريق قطف ثمار الجهد الذي بذلته الدبلوماسية العربية و قد آلينا على أنفسنا المضي قدما في برنامج سياسي ـ اعلامي من أجل فضح جرائم الجيش الاسرائيلي بحق الاطفال و النساء و الشيوخ بغزة و العمل على جرجرة الجنرالات و الساسة الاسرائيليين المسؤولين عن إرتکاب تلك الجرائم بإعتبارها جرائم حرب بحق الانسانية ونحن نسعى في جولة اوربية خاصة لنا بالسعي بهذا السياق. اننا ننظر بعين الاعجاب و التقدير لکل جهد عربي يبذل في سبيل قضية العرب المرکزية وکل القضايا العربية المهمة و الحساسة الاخرى ونعتبر أنفسنا في المجلس الاسلامي العربي ظهيرا و اسنادا خلفيا تعبويا للزعامة العربية التي تبذل کل ما بوسعها من أجل تقوية دور العرب و إبرازه في کل المحافل.
* الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.